عندما تسير في شوارع فالنسيا الإسبانية تجد العلم الفلسطيني مرفوعا على الشرفات وفي الشوارع.. حالة تضامن شعبية بامتياز مع القضية الفلسطينية بعد المجازر الإسرائيلية ضد أهلنا في غزة.
وهي الحالة التي عبرت عنها الحكومة الإسبانية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ما قبل 5 يونيو 1967.
فالشعب الإسباني تضامنه الواسع مع الشعب الفلسطيني دفع الحكومة إلى اتخاذ هذه الموقف خاصة وأن إسبانيا من الدول القليلة التي تجد في جميع مدنها مظاهرات مؤيدة للحق الفلسطيني في وقت منعت دول عربية مثل هذه المظاهرات.
فالعلم الفلسطيني أصبح رمزا في كل شوارع المدن الإسبانية تقريبا.. وهو ما لم يكن يحدث قبل 7 أكتوبر الماضي.. فحالة التعاطف الشعبي العالمي وضعت الحكومات في حالة إحراج، خاصة بعد أن انتصرت العدالة الدولية في قرارات محكمة العدل الدولية وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وقرار الهيئتان وضع الدول المؤيدة لإسرائيل في مأزق قانوني وأخلاقي كبير أمام شعوبهم أولا وأمام إرثهم الحضاري من دعوات لتطبيق الديمقراطية واحترام سيادة القضاء وأحكامه.
فهذه الدول أشادت بقرارات محكمة العدل الدولية لوقف ما أسمته الغزو الروسي لأوكرانيا ومجدت قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وبالتالي ستكون هذه الحكومات أمام حالة ازدواجية فظة في حال التعقيب السلبي على قرارات العدل الدولية لوقف العدوان الإسرائيلي على رفح وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه الذين يعتبران الآن مجرمي حرب بصورة رسمية.
الدول المؤيدة للكيان الصهيوني الآن في مأزق خطير أمام شعوبها أولا وفي أي لحظة تفقد هذه الدول والحكومات ما تدعيه من حمل قيم الحرية والديمقراطية وسيادة القانون والعدالة الدولية.. وعليها أن تثبت لشعوبها أنها بالفعل حامية لهذه القيم بالامتناع عن التأييد المطلق لإسرائيل أولا، والسماح بخروج المظاهرات المؤيدة للحق الفلسطيني فى بلادها والضغط على نتنياهو لوقف العدوان على غزة ورفح خاصة وأن المجازر مستمرة بلا توقف في تحديا للعدالة الدولية.
وعلى هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الامتناع عن استخدام الفيتو في حالة عرض قرارات محكمة العدل الدولية على مجلس الأمن واعتبار الكيان الصهيوني يهدد الأمن والسلم الدوليين وبالتالي اخضاعه للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
فالشعوب في أوروبا تتصاعد عندها حالة الوعي بحقيقة ما يجري على الأرض العربية المحتلة وعلمت أن إسرائيل دولة مغتصبة محتلة أرض ليس أرضها وأن ما كان يردده الإعلام الغربي أنها واحة الديمقراطية في المنطقة أكذوبة كبرى بل هي دولة احتلال وفق أحكام القانون الدولي وبالتالي المقاومة حق من حقوق الشعوب المحتلة التي من حقها أيضا تقرير مصيرها وفق ميثاق الأمم المتحدة.
قرارا محكمة العدل الدولية والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وضعا العالم الذي يدعي أنه حر في مأزق تاريخي ولا يوجد أمام هذا العالم إلا خياران أن يدافع عن قيمه ويثبت صدق شعاراته أو يهدم هذه القيم ويؤكد أنه عالم مزيف ويرفع شعارات كاذبة سوف تحاسبه الأجيال القادمة عليه وهي الأجيال الأكثر وعيا مما سبقها.
نحن أمام اختبار حقيقي لمصداقية الغرب والولايات المتحدة وسوف تكشف لنا الأيام من الصادق ومن الكاذب.. وفي النهاية سوف تنتصر الشعوب الحرة التي رفعت العلم الفلسطيني على الشرفات وارتدى الشباب الكوفية الفلسطينية تضامنا مع الحق الفلسطيني مثلما شهدت في شوارع المدن الإسبانية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية