مازالت قضية الأسعار حديث رجل الشارع في مصر.. ومع انخفاض أسعار عدد من السلع، خاصة التي ينتجها القطاع الخاص بعد تدخل الحكومة بصرامة لأول مرة لضبط الأسواق وهو ما كنا نطالب به منذ سنوات طويلة وقلنا إن تدخل الحكومة لا يعني التخلي عن سياسة الاقتصاد الحر وإعطاء المساحة الأكبر في الإنتاج إلى القطاع الخاص.
فدور الحكومات في ظل الاقتصاد الحر الآن هو تنظيم الأسواق في ظل التوجه إلى ترك عملية الإنتاج إلى القطاع الخاص، والتنظيم يتم بقوانين صريحة وواضحة وبدون الصياغات المطاطة وأجهزة رقابية مستقلة لها كافة السلطات في القيام بأعمالها، وهيئات تعبر عن مصالح المنتجين تكون حرة مستقلة تحكمها قواعد أخلاقية وإعلام حر متعدد الأصوات قوانين طبيعية تحكم الحياة العامة فى البلاد. واعتقد أن انخفاض الأسعار لبعض السلع جاء بعد توفير الموارد الدولارية الناتجة عن مشروع رأس الحكمة وقرض صندوق النقد الدولي والإفراج عن السلع المحتجزة في الموانئ وغيرها من الإجراءات الحكومية، كما ذكر المسئولون في الحكومة وعلى رأسهم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء.
ولكن تبقى ملاحظه مهمة توقفت أمامها أن أسعار الخدمات التي تقدمها الحكومة لم تنخفض، خاصة الخدمات التي تتطلب استيراد مدخلات لإتمامها وتقديم الخدمة إلى المواطنين مثل أسعار اشتراكات الانترنت التي بقيت كما هي ولم يطلها التخفيض خاصة أن خدمة الانترنت في مصر تحتكرها شركة واحدة خاضعة لسيطرة الحكومة وتديرها وتعيين قياداتها.
وهذا على سبيل المثال لا الحصر وكان على الحكومة أن تبادر إلى تخفيض أسعار هذه الخدمات التي ارتفعت في السنوات الأخيرة مئات المرات، وتحولت إلى أرقام خرافية مقابل ثبات الدخل لأغلب سكان مصر خاصة أن الزيادات التي أقرتها الدولة في الأجور لم يستفد منها إلا العاملون في الدولة والحكومة وقطاع الأعمال العام وعدد العاملين في هذه القطاعات لا يتجاوز الآن 4 ملايين شخص.
في حين لم تتحرك مرتبات القطاع الخاص بعد أن أعطت الحكومة ثغرة له للتهرب من الالتزام بقرارات رفع الحد الأدنى للأجور، ويبلغ عدد العاملين في هذا القطاع ما يقرب من 22 مليون شخص أي الأغلبية من القوى العاملة في مصر بجانب أن عمليات التعويم المتتالية للجنيه جعلت الجنيه ينخفض سعره حتى وصل أقل من سِنتين وهي أصغر جزء فى الدولار الأمريكي.
والحكومة لا بد أن تكون قدوة طالما ما زالت تسيطر وتحتكر تقديم الخدمات وبالتالي يجب أن تخضع لقواعد السوق التي أقرتها وعليها أن تبادر بتخفيض مقابل الخدمات حتى تكون صاحبة اليد القوية على القطاع الخاص ويلتزم بكل قراراتها وفي مقدمتها قضية الأجور.
مبادرة من الحكومة بخفض أسعار الخدمات التي تقدمها سوف يؤكد أن عملية الانخفاض في السلع أمر طبيعي وليس اجباريا للقطاع الخاص، خاصة أن الحكومة اتخذت منذ عامين قرارا بإلغاء الاستثناءات التي كانت ممنوحة للشركات التي تملكها وتديرها واخضعها لنفس القواعد التي تحكم القطاع الخاص وبالتالي فبيدها أن تقوم بهذه المبادرة الآن لاستكمال سلسلة الإجراءات للتخفيف على كاهل المواطن الغلبان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية