اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: في وداع رمضان

أياما معدودات، قد انتهت، ويلملم رمضان الخير أوراقه ليغادرنا، ونحن لا ندري هل سندرك المقبل، أم سيكون هذا آخر عهدنا، فإن كان فإننا نسأل الله أن يجعلنا فيه من المرحومين، المقبولين، المأجورين، والمغفور لهم. 

وإن قدرت لنا يالله أن ندرك رمضان آخر نسألك يالله أن تعيده علينا أعواما عديدة وأزمنة مديدة، لافاقدين ولا مفقودين. 

غدا نطوي صفحة رمضان المبارك، ويكون قد مضى معه جزء منا، من حياتنا، من أعمارنا، من أعمالنا، من الفرص التى منحها لنا ربنا، من أفضل الأيام المشهودة المباركة التى تأتينا في كل عام مرة. 

يمضي رمضان وقد ترك في نفوسنا آثارا لايمكن أن تمحى، وذكريات لا تنسى، وأعمال يبقى أثرها، ودعوات تتجاوز السحب، وقرآنا تلوناه خلال ساعات الليل والنهار، وتراويح زينت المساجد وملأتها بهجة وأنوارا، وملأتها حبا وودا، وسلاما وتحايا، وبشاشة وجوه، وابتسامات تعلو المحيا. 

نودع رمضان وكأنه قد تسلل من بين أيدينا كماء تساقطت قطراته الندية من بين أصابعنا، أو نسمات الهواء العليل الذي خرج بهدوء من النافذة، أو كمحطة قطار سفر مررنا عليها وظللنا نعد ما قبلها وما بعدها، فهاهو يمر من بين جنبات أعمارنا، ربما في غفلة من زمن، أو سقط سهوا. 

وفي الحقيقة يمر منا رمضان كما مر رمضانات كثيرة، ولا ندري هل نحن فيه من الفائزين فنفرح ونسعد ونرجوا القبول، ونواصل العمل كأثر عملي للطاعة.. هذا رمضان فاز فيه من فاز، ونال فيه الجائزة من كتب الله له التوفيق، ونال الرضا والحبور والسرور، وما علينا وقد ذقنا حلاوة الطاعة، ولذة العمل الصالح، ونور الإيمان، وسلامة القلب، وصلاح الحال، والبال، والناي بالنفس عن سفاسف الأمور، والارتقاء بالروح إلى درجة أعلى علليين، وبسموها إلى ملأ ليس كملأ البشر. 

رمضان يذهب لهذا العام دون رجعة، فهو دائما ما ننتظره بأحلام وآمال وطموحات واستعدادت، وغالبا مع نهايته لا نتوقف مع أنفسنا ما نسميها وقفة الذات، لنحاسب أنفسنا أو لنقيمها هل تحقق ما نوينا عليه؟ هل نجحنا في استغلال الشهر الأكرم الاستغلال الأمثل؟ هل أدينا فيه الصيام والصلوات والقيام على الوجه الذي يرضى ربنا؟ هل صامت جوارحنا حقا؟ هل امتنعنا عن الحرام فعلا؟ سواء قولا او فعلا، والأهم من كل ذلك هل خلصت النوايا لله عز وجل لا شركا ولا رياءا ولا نفاقا ولا سمعة. 

فالله جل جلاله، وعلا شأنه وتنزهت ذاته وصفاته، لايقبل الا ماكان خالصا لوجهه الكريم، فهو أغنى الأغنياء عن الشرك، فهو القائل في حديثه القدسي من عمل عملا أشرك فيه غيري، تركته وشركه، وهو القائل أيضا كل عمل ابن له إلا الصوم فإنه لي وانا أجزي به. 

ومن يسعده الحظ، ويبتسم له القدر، ويتقبل عمله الخالص لوجه الله تعالى فإنه سيندرج تحت «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، وهنا يكون بالفعل قد كتبه الله من الفائزين. 

أما الذي مر عليه رمضان وكان بالنسبة له كأي شهر من الشهور، ولم يستفد منه، فلا يلومن الا نفسه، فقد فرط تفريطا عظيما في غنيمة منحه الله إياها دون جهد منه، وهنا يصدق قول الرسول صل الله عليه وسلم.. فاز فيه من فاز.. وخسر من خسر. 

وختاما علينا أن نتأدب عند الوداع فإنما الأعمال بالخواتيم، والخواتیم میراث السوابق، ولربما كان أدبك سببًا في رحمتك وعتقك.  

خير الكلام: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) «سورة فاطر آية 32». 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

   In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى