اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: سماحة الإسلام 

إن دين الله الإسلام ليس فيه تشدد ولا غلو ولا تطرف، إنما غرق الناس في ملذات الدنيا ومتاعها، فثقل عليهم شرع الله، وصعب عليهم أوامره، وأنهكتهم النواهي.  

فالدين كله يسر لا عسر، ولو امعنت النظر ودققت في الأمر لوجدته سهلا بسيطا، وكله في متناول اليد، وأنت مستريح تماما لا يرهقك شيء بتاتا، بل ويدعوك للاستمتاع والانبساط، بالدنيا وما فيها، والضحك وزيارة الأصدقاء والتسامر معهم، فسبحانه وتعالى ما خلق الكون كله إلا لخدمتك والترفيه عنك وتسليتك. 

اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) سورة الجاثية. 

ونحن فقط بحاجة ماسة إلى تشغيل الملكات التي منحنا الله إياها، من مثل نعمة العقل، الفهم، والفكر، ولقد نبهنا كثيرا إلى هذه النقطة ولكننا نتناسى ونغرق في مستنقع تغييب العقل، فكثيرا ما تساءل الله في قرآنه الكريم الذي لا ريب فيه هدى للمتقين، إما مستنكرا علينا إهمال هذه الفضيلة والنعمة أو حاثا ومذكرا لإعمالها -أفلا تعقلون … أفلا تتفكرون… لعلهم يفقهون- وكل ذلك لأجل ذلك المسلم الذي خلقه الله للعبادة فقط، ورغم أنه خلق لهذا الهدف وحده، -وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات- فإنه قيد ذلك بمدى قدرته علي القيام بذلك ومنحنا مئات الرخص التي تسقط عنا العبادات، فقد قال في أكثر من موضوع {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا..} الآية:286 سورة البقرة، وفي موضوع آخر (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) 1«الأنعام.. آية 1521» ونفس المعنى بألفاظ معبرة في مواضع أخرى كثيرة. 

وما علينا نحن البشر الذين أسلموا لله رب العالمين إلا التعامل مع دينهم بفهم وعقل، وإذا فهمه الفهم الصحيح، وانضوى تحت لوائه، تاركا هواه وهوى شيطانه، الذي تسلط عليه، وابتعد عن وضع نفسه في مرمى سهام أعداءه أعداء الدين بشكل عام، لأراح نفسه وأراح بدنه المنهك والغارق في أمور دنيوية مزعجة لروحه قبل أن تكون مزعجة لقلبه وعقله، ولنال رضا الله في الدارين. 

كلنا يمقت ويكره التطرف في كل شيء، وكذلك ديننا الحنيف ينهى عن الغلو والتطرف، ولا يجبر أحدا حتى على اعتناقه، ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [ البقرة: 256]، فما بالك بتنفيذ أوامر لا تستطيعها وأنت صادق في ذلك. 

وهنا أتذكر ما كان يدور بين الصحابة رضوان الله عليهم مع الرسول صل الله عليه وسلم عندما كان يأتيه صحابي ويقول دلني على عمل إذا عملته أدخل الجنة، فيقول له الصلاة على وقتها وآخر صيام يوم في سبيل الله، وثالث ينصحه بالتزام والديه وبرهما، فالجنة عند أقدامهما، ورابع بالجهاد في سبيل الله، وخامس بالصدقة.. سادس وسابع الخ الخ الخ..، ويمكننا أن نعدد عشرات الحالات في هذا الشأن مما أوردته كتب الحديث النبوي الشريف وكتب السيرة النبوية العطرة. 

وكل هذه الشواهد والدلائل تؤكد لنا أن هذا دين يتسم بالرحمة والسماحة، يراعي قدرات كل فرد وإمكانياته، فهو لا يكلف نفسا إلا وسعها. 

فمن ذا الذي وسم هذا الدين بأنه دين التطرف والإرهاب، وأؤكد أنها تهمة أرادوا إلصاقها بالإسلام، دون أن يفهموا حقيقته، لغلبة هواهم، وكرههم وبغضهم لهذا الدين، وأؤكد أيضا أنهم هم الأكثر تطرفا وإرهابا، وهم الذين يريدون هلاك البشرية وتاريخهم يشهد، بل وواقعهم في غزة الآن يؤكد ذلك، كنا نقرأ عن الإبادات وبشاعة الحروب في كتب التاريخ، ولكن اليوم نشاهدها ونراها رؤيا العين.. فمن هم الإرهابيون والمتطرفون حقا وحقيقة؟!!  

خير الكلام: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) سورة الأعراف. 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

   In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى