اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب:«بدر وفتح مكة وطوفان الأقصى» ما أشبه الليلة بالبارحة!!

وما زلت أعيش أجواء مكة، وبيت الله الحرام، الذي يقصده المسلمون من بقاع الأرض زيارة وتبدأ وإخلاصا لله تعالى، ويشهد الحرم المكي حاليا أعمال توسعة وتطوير كبيرة جدا جدا قد تكون الأكثر تكلفة في التاريخ، وقد تصادف أن أكون في بيت الله الحرام خلال ذكرى غزوة بدر ثم فتح مكة. 

ولقد جال بخاطري ترابط الأحداث الإسلامية فما أشبه الليلة بالبارحة، فمن هيمنة قريش علي التجارة والاقتصاد، إلى ضرورة بسط نفوذ الإسلام وعودتي على منبعه ونقطة انطلاقه الأولى، وكذا ما يحدث على أرض غزة العزة، الأبية، والتي تشتغل على كل هذه الأمور. 

وكلاهما (أي بدر وفتح مكة) أظهرا مدى قوة وعزة الإسلام كدين أخلاقي بالدرجة الأولى، وكدين لايرضى بالذل والمهانة أبدا، ويجعل من اتباعه الأمة القوية الحاكمة، ولننظر في أسباب النصر في غزوة بدر وفتح مكة لنقرأ من خلالها أن الأمة اليوم تمر بظروف متشابهة ولكن الفرق فقط هو في الرجال، الذين قاموا بهذين العملين مع الرسول صل الله عليه وسلم، ورجال أمتنا الحاضرة. 

ولقد أوجز القاضي محمود الداودية بعضا من أسباب هذا النصر، في غزوة بدر، والتي يمكننا مشابهتها بواقع معركة طوفان الأقصى، وكان من أبرز الأسباب هو العقيدة وسمو الهدف، ومحبة الجند للقائد، ولذا نجدهم جميعا في غزة الآن على قلب رجل واحد. 

أما من أهم أسباب النصر في بدر فهو الأخذ بمبدأ الشورى وقبول الرأي الآخر، وهذا تجلى في اختيار موقع المعسكر بالنسبة للمسلمين حينما تدخل الحباب بن المنذر بن الجموح رضي الله عنه وسأل بأدب: يا رسول الله، ارأيت هذا المنزل منزلا انزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ 

قال بل هو الرأي والحرب والمكيدة فقال الحباب: يا رسول الله ان هذا ليس بمنزل وأشار وطرح المنزل البديل وهو النزل عند أدنى ماء من القوم وتغوير الماء التي وراءه وبناء حوض عليه فيشرب معسكر المسلمين ويحرم معسكر العدو من ذلك فنفذ الرسول رأي الحباب وقال لقد اشرت بالرأي. 

أما رابع الأسباب فهو وفاء الرسول صل الله عليه وسلم وعدم نسيان المعروف القديم، فقد أمر في غزوة بدر عدم قتل العاص بن هشام بن الحارث بن أسد «أبو النجري» لأنه كان لا يؤذي الرسول وأكف الناس عن رسول الله ومن الذين قاموا بنقض صحيفة مقاطعة بني هاشم، وكذلك يفعل أبناء طوفان الأقصى في الأسرى وحسن معاملتهم، والتي أكدت اخلاق وشهامة المقاتل، المسلم في كل العصور عندما يكون محاربا عن عقيدة صحيحة. 

أما أبرز درس في فتح مكة فهو المقولة الشهيرة لرسول الله صل الله عليه وسلم، والتي أضحت عنوانا لسماحة الإسلام عبر التاريخ  «اذهبوا فأنتم الطلقاء» 

ومما تذكره كتب السيرة أن الصحابة -رضي الله عنهم- قد دخلوا مكة فاتحين، وانهزم أمامهم سفهاء قريش، ودخل النّبي صل الله عليه وسلم مكة من أعلاها مطأطئًا رأسه تواضعًا لله تعالى، وتذللاً له بعدما أكرمه بالفتح العظيم، ثم دخل المسجد الحرام فقبَّل الحجر الأسود، وطاف بالكعبة، وحطم الأصنام من حولها، ثم دخل الكعبة فصلى فيها ركعتين بعدما أزال ما فيها من صور شركية. 

فلّما خرج منها وجد صفوفًا من أهل قريش تنتظر ما سَيُفعل بهم، فقال لهم: (يا معشرَ قريشٍ ما ترَونَ أنِّي فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ، وابنُ أخٍ كريمٍ، فقال: اذهبوا فأنتم الطُّلَقاءُ)، فأطلقهم النّبي صل الله عليه وسلم وعفا عنهم على الرغم من كل ما فعلوه به قبل ذلك، وقال لهم: (لا تَثْرِيبَ عليكم اليومَ يَغْفِرُ اللهُ لكم وهوَ أرْحَمُ الرحمينَ)، وهذا من كرمه ورحمته صل الله عليه وسلم، وأخلاقه العظيمة التي لا مثيل لها.  

خير الكلام: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) سورة الفتح. 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

  In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى