اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: الصاحب بالجنب في المسجد النبوي (2-2) 

عدة نقاط مهمة اتوقف عندها، بعدما تناولت في عدد الأمس الصاحب بالجنب، وأهمية حسن التعامل معه باعتبار ذلك من أخلاق الإسلام، ولا يمكنني أن أمر مرور الكرام خلال زيارتي لـ المسجد النبوي الشريف، علي الجهد المبذول في خدمة الحرم دون أن انوه به، وبحجمه وكفاءته، وكفايته، واعطاءه الاهتمام الذي يليق به، ليس هذا فحسب، بل مستوى تنظيم الدخول والخروج، وتحديد أماكن الصلاة للرجال والسيدات، ودور رجال الأمن داخل المسجد، وخصوصا عند قيامهم بإيقاظ الناس للصلاة بطريقة إنسانية رائعة، وكأنهم من عالم آخر غير العالم الذين احضروا منه رجال أمن الروضة الشريفة وممر السلام على رسول الله صل الله عليه وسلم، فشتان بين الثرى والثريا. 

ومما يجدر بي الوقوف عنده، هو أئمة الحرم النبوي والذين يتمتعون بحب جماهيري كبير، لما لديهم من إمكانيات عظيمة في التأثير في الناس، وكنت استغرب كثيرا وجود أكثر من مساعد للإمام من الحفظة، وإمام أو أكثر احتياطي للإمام الراتب. 

ولما كنت أعرف أنه لا يستحب تصحيح خطأ الإمام في قراءة القرآن وهو يصلي بالناس بحسب ما علمت من أحد الدعاة، إلا أن الوضع في حالة إمامي الحرمين مختلف، ولا بد وحتما من التصحيح لهما، أو عليهما المراجعة التامة والاتقان الشديد والاستعداد الجيد بحفظ الآيات المزمع قراءتها في الصلاة، كأنه سيسجلها للتلفزيون أو لقناته على الإنترنت، أما أن يخطأ الإمام ثلاث مرات في ركعة واحدة وهو يقرأ أقل من «ربع حزب» في الركعة، فهذا ما يجب أن تراجعه هيئة الحرمين، وعليها أن تلفت انتباه الأئمة لذلك وتتخذ معهم مواقف حاسمة عند التكرار، لأنه ببساطة، الأخطاء الكثيرة والمتكررة التي يقع فيها الإمام تخرج المصلي من حالة الخشوع التي يعيشها في حضرة رسول الله صل الله عليه وسلم. 

وعلى الأئمة بما لهم من جماهيرية، وأنهم يقومون بالإمامة حسب جدول مخصص لذلك، وبما أن للتراويح إمامان، لا إمام واحد لكل ليلة، وأن هذا العمل يكون بالدور، وبين المرة والأخرى أيام، فما عليهم سوى تخصيص ساعتين نهار ذلك اليوم ومراجعة مقرر الصلاة في هذه الليلة، خصوصاً وأنهم ينظمون القراءة بالترتيب كما المصحف حتى تنجز الختمة مع نهاية رمضان، ويهتمون بذلك اهتمامهم بتسجيل وقراءة القرآن الكريم أمام الكاميرات.  

عندما صليت العشاء الأخير في المسجد النبوي، متوجها إلى بيت الله الحرام، لأداء مناسك العمرة، شعرت بتثاقل شديد، وأن قدماي لا تطاوعاني في أن أغادر، ولولا أنني اتحرك من حبيب إلى حبيب، لكان في الأمور امور، فغادرت بجسمي ولكن روحي وقلبي وعقلي عند رسول الله صل الله عليه وسلم، ولكن العمرة أيضا شيء آخر، وهي طاعة لا تقل عن جوار رسول الله، وهي مكفرة للذنوب، رافعة للدرجات، مطهرة للنفوس، تجعلك تتجرد من علائق الدنيا، وتخلص النية لله، وتتوكل علي الله وحده. 

خرجت مودعاً ومتجهاً الي محطة القطار، الذي ذهبت إليه على الوقت مع توقعات بالا الحق به، لتأخري عن المواعيد التي حددوها قبل الانطلاق بنصف ساعة، فذهبت قبل الانطلاق بدقائق معدودة، فإذا بموظفي القطار يحثوننا على الإسراع للركوب، فحمدت الله، مع أنني كنت أحدث نفسي بأني أن لم أدرك فهذا من فضل الله وارادته ومشيئته التي شاءت لي أن أعود لرسول الله صل الله عليه وسلم  مجددا، وبما المسافة كانت تستغرق ما بين 4 إلى 5 ساعات بالسيارة وتزيد أو أكثر من ذلك لو كانت الرحلة بالحافلة الكبيرة، فقد قطعها القطار في حدود الساعتين والنصف تقريبا، ومن حسن الطالع أن يجاورني في القطار رجل تقى أو هكذا نظنه ولا نزكي علي الله احداً، فكان لطيفا ودوداً، تحدثنا في أمور كثيرة لم نفق الا عندما أعلنت إذاعة القطار عن وصولنا الي الوجهة المرجوة. 

وللعمرة قصة أخرى.  

خير الكلام: إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) الإسراء. 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

   In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى