إنما فرض الله علينا الصيام في شهر رمضان المبارك لعلاج أدواء القلوب، وغايته العظمى هي القلب، فقد قال الحق جل في علاه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة.
إذن الهدف والغاية من الصيام هو القلب فالتقوى محلها القلب، ورمضان ليس هدف بحد ذاته، وانما هو وعاء وقيمته بما تضع فيه، فكثير من الناس يمر عليه رمضان أعوامًا عديدة ولا ينال منه شيئًا.
ورمضان المبارك هذا بين قلبين أحدهما سليم، وَعِى قيمة الشهر العظيم فملأه بالتقوى، وقلب مريض لم ينل حظه من الشهر الفضيل، ومر عليه كغيره من الشهور.
وحري بنا أن نتعرض لأنواع القلوب كما عددها القرآن الكريم والتى وصلت إلى 20 نوعًا من القلوب، بحسب حسان بلابلي، فيما ذكر آخرون بأنها اربعة، وفريق ثالث بأنهما قلبان فقط وإن كل ما قيل إنما هو من صفات القلب، وأيا كان الأمر وتقسيمات العلماء الأجلاء، فإننا نستعرضها كالتالي ونبدأها بالقلب السليم:
وهو قلب مخلص لله وخالٍ من الكفر والنفاق والرذيلة.
{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)}الشعراء.
وثانيها القلب المنيب: وهو دائم الرجوع والتوبة إلى الله مقبل على طاعته.
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ(33)} ق.
أما ثالثها فهو القلب المخبت: الخاضع المطمئن الساكن.
{ فتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ (54)} الحج
ورابعها القلب الوجل: وهو الذي يخاف الله -عز وجل- ألا يقبل منه العمل، وألا ينجى من عذاب ربه.
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ(60)} المؤمنون.
خامسًا .. القلب التقي: وهو الذي يعظّم شعائر الله.
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ(32)}
وللسادس القلب المهدي: وهو الراضي بقضاء الله والتسليم بأمره.
{وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ (11)} التغابن.
وسابعها القلب المطمئن: وهو الذي يسكن بتوحيد الله وذكره.
{وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّه(28)} الرعد.
اما الثامن فهو القلب الحي: وهو قَلْب يَعْقِل مَا قَدْ سَمِعَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي ضَرَبَ اللَّه بِهَا مَنْ عَصَاهُ مِنْ الْأُمَم.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ (37)} ق.
والتاسع القلب المريض: وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق وفيه فجور ومرض في الشهوة الحرام.
{فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (32)} الأحزاب.
والعاشر القلب الأعمى: وهو الذي لا يبصر ولايدرك الحق والإعتبار .
{وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46)} الحج
والحادي عشر القلب اللاهي: وهو القلب الغافل عن القرآن الكريم، المشغول بأباطيل الدنيا وشهواتها، لا يعقل ما فيه.
{لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ(3)} الأنبياء.
أثنا عشر هو القلب الآثم: وهو الذي يكتم شهادة الحق.
{وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (283)} البقرة.
والثالث عشر فهو القلب المتكبر: مستكبر عن توحيد الله وطاعته، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.
{قلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)} غافر.
والرابع عشر هو القلب الغليظ: وهو الذي نُزعت منه الرأفة والرحمة.
{ولَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ (159)} آل عمران.
والخامس عشر القلب المختوم: وهو قلب لم يسمع الهدى ولم يعقله. {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ (23)} الجاثية.
والسادس عشر هو القلب القاسي: الذي لا يلين للإيمان، ولا يؤثِّرُ فيه زجر وأعرض عن ذكر الله.
{وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً (13)} المائدة.
أما السابع عشر من أنواع القلب فهو القلب الغافل: غافلا عن ذكرنا، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه.
{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا (28)} الكهف.
والثامن عشر هو الَقلب الأغلف: وهو قلب مغطى، لا يَنْفُذ إليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ(88)} البقرة.
والتاسع عشر هو القلب الزائغ: المائل عن الحق.
{فأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ (7)} آل عمران.
وختامها العشرون وهو القلب المريب: الشاكٍ المتحير.
{وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ (45)} التوبة.
خير الكلام: قول الله تعالي {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (74) البقرة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية