اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: رمضان شهر الجود والعطاء

شهر رمضان الكريم المبارك الذي يحرمنا كثيرًا مما أحل الله تعالى، وخصوصًا في نهاره، ويحفزنا في ليله علي الصلاة والقيام، والذكر والعبادة . فهو شهر لا يقف عند حدود الصيام فقط، بل يتعداه الي الحث علي الكثير من الفضائل والأعمال الصالحة، والتى تُعد من أبرز سماته، الجود والكرم تحت عنوان «الصدقة»، وكان الرسول صل الله عليه وسلم جوادًا كريم وأجود ما يكون في رمضان. 

وهالني تُراثنا الإسلامي العربي بما يضم من قصص وحكايات تعبر عن مروءة هذه الأمة، وشهامتها، والتى لا يُقارن ماضيها بحاضرها أبدا،  فشتان ما بين زمن وزمن، وعصر وعصر، بل ورجال ورجال. 

نحن كنا أمة السادة، والعزة والكرامة، والقوة والمهابة، يقصدها المحتاج، ويحتمي بها الضعيف، ويلوذ اليها المُلتاع، ولكننا اليوم في أضعف حالنا، وأكثره بؤسًا وشقاء، لا لشيء الا اننا ابتعدنا عن منهج الإسلام الصحيح القويم. 

والصدقة في رمضان أعظم، والعطاء فيه أرجى للقبول، كما حثنا علي ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم.  

ومن حكايات التراث والتي يزخَرُ بها أمهات الكتب ولكن مما صادفني اليوم حيث استدعى أحد الخلفاء شعراء مصر.. فصادفهم شاعر فقير بيده جرّة فارغة ذاهبًا إلى البحر ليملأها ماء. 

فرافقهم إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة، فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم.  

ولّما رأى الخليفه الرجل والجرّة على كتفه ونظر إلى ثيابه الرّثة . 

قال له: من أنت؟ وما حاجتك؟  

فأنشد الرجل: 

ولما رأيتُ القومَ شدوا رحالهم 

إلى بحرِك الطَّامي أتيتُ بِجرتّي  

فقال الخليفة: 

املأوا له الجّرة ذهباً وفضّة.  

فحسده بعض الحاضرين وقالوا للخليفة: هذا فقير مجنون.. لا يعرف قيمة هذا المال.. وربّما أتلفه وضيّعه. 

فقال الخليفة: هو ماله يفعل به ما يشاء.. فمُلئت له جرّته ذهباً وخرج إلى الباب ففرّق المال لجميع الفقراء.. 

وبلغ الخليفة ذلك.. فاستدعاه الخليفة وسأله عن ذلك! 

فقال الرجل: 

يجود علينا الخيّرون بمالهم 

ونحن بمال الخيّرين نجود 

فأعجب الخليفة بجوابه، وأمر أن تُملأ جرّتُه عشر مرّات. 

وقال: الحسنة بعَشر أمثالها. 

فأنشد الفقير هذه الأبيات الشعرية التي يتم تداولها عبر مئات السنين: 

اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ  

ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ  

ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟﻞ  

تقضى على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجات  

ﻻ‌ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮوﻑ ﻋﻦ أﺣــﺪ  

ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍلأ‌ﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ  

ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ إﺫ ﺟُﻌﻠﺖ  

إﻟﻴﻚ ﻻ‌ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕ  

ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ  

ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ أمواتُ. 

خير الكلام: ﴿ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ [ المنافقون: 10] 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

  In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى