اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: بين رمضانين  

المتأمل في حياة المسلمين حاليًا يصاب بحالة من الحيرة والزيغ، وخصوصًا إذا كان قارئًا في السيرة النبوية، وأطلع على صوم رسول الله صل الله عليه وسلم، وصوم صحابته الكرام، والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، وكذلك الصالحون من الأمة والذين لا نفقدهم أبدآ، فنجد أن صفة صومهم تختلف كثيرًا جدًا بل تختلف كليا عما نحن عليه الآن، فلم يتبق لنا من هذه الصفة إلا الجوع والعطش، أو بمعني الصوم هو الامتناع عن الطعام والشراب. 

كان صومهم أي الرسول صل الله عليه وسلم وصحابته الكرام وتابعيهم رضوان الله عليهم والصالحين كذلك، ما بين عبادة وعمل وجهاد، فلم يركنوا فقط إلى بعض العبادات التعبدية فحسب بل تجاوزوها إلى فضيلتي العمل الجاد، والجهاد الشاق في مشارق الأرض ومغاربها إما دفاعًا عن الدين والوطن، أو نشرًا لدين الإسلام في كل بقاع الأرض، (وسنأتي تفصيلا بحسب المناسبات على بعض الغزوات). 

عندما عمدت إلى عقد هذه المقارنة بين رمضانين، وجدت أن هناك بَونٌ شاسع بين صيامنا وصيامهم، بين عبادتنا وعبادتهم، بين يومنا في رمضان وبين يومهم. 

فقد كان يومهم متواصلًا في الطاعات لا تُشغلهم الدنيا، كما لا تشغلهم العبادات والطاعات عن القيام بما عليهم القيام به من أعمال الدنيا وأداء وظيفتهم.. ويحسن بنا أن نستعرض يومًا من هذه الحياة ليتضح لنا بالمثال واقع حالهم ونقارنه بحالنا الذي يُرثي له ويندى له الجبين. 

ومن بين الأمور التي تميز حياة الرسول في رمضان، أنه كان صلى الله عليه وسلم يُضرب به المثل في الصبر على الجوع، ويعلم أمته أن رمضان ليس شهر أكل وشرب ولهو كما هو الحال في كثير من بيوت المسلمين، وإنما يعلمهم – صلى الله عليه وسلم- أنه شهر عبادة وطاعة لله تعالى. 

كما يُعَدّ شهر رمضان في حياة الرسول -صلي الله عليه وسلم- شهر الجهاد، والمقصود هُنا الجهاد الذي يشمل قتال غير المسلمين، بقصد إعلاء كلمة الله -تعالى-، ومن الأحداث والمعارك التي خاضها الرسول -صلي الله عليه وسلم- في شهر رمضان غزوة بدر، وكانت في السنة الثانية من الهجرة، وهي من أهمّ المعارك التي خاضها بنفسه، وسَمّاها الله ب(يوم الفرقان)، ونَصر فيها نبيّه، وعباده المؤمنين نصراً عظيماً، وفي شهر رمضان من السنة الثامنة من الهجرة كان فتح مكة، وتحطيم الأصنام، ودخول أهلها في دين الله أفواجاً، وقد هيّأ هذا الفتح لانتشار الإسلام خارج الجزيرة العربيّة. 

وسار الصحابة على نهجه الشريف من بعده وأيضا استمر التابعون على نفس النهج متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله، منفذين مراد الله في خلقه، وظل الحال كذلك حتى نجحت خطط تحويل الأمة الإسلامية من أمة ربانية تلتزم قواعد دينها وتلتصق بأوامره إلى أمة تستعد قبل رمضان بأكثر من ٦ أشهر بكل ما يبعد المسلمين عن صحيح رمضان وذلك بإعداد المسلسلات، والبرامج اللاهية، وأصبحوا جميعا يشخذون كل هممهم ونشاطهم وبكل ما أوتوا من جهد وعمل وخطط وبرامج وأفلام ومسلسلات لإبعاد المسلم عن الإسلام، والغريب أن هذه الخطط الشيطانية إنما تنفذ بأيادينا نحن المسلمين. 

ولله الأمر من قبل ومن بعد  

خير الكلام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة:105]. 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى