اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: بأي حال عدت يا رمضان!

خلال ساعات قليلة يهل علينا هلال رمضان المعظم.. وكما نحن على العادة تتغير ملامح الدنيا عند المسلمين وتختلف حياتهم جذريًا.. وتتبدل كليًا.. وكل هذا وأكثر يحدث في هذا الشهر الفضيل.. ولكن رمضان يأتي علينا هذا العام في ظرف مختلف، وبشكل غير مؤتلف، فما يحدث في قلب الأمة الإسلامية ليس بالأمر الهين، فالطبيعي أنه في رمضان تتجسد ملامح التلاحم بين المسلمين بمختلف درجاتهم وطوائفهم وفئاتهم فهو فرصة لأن نصل إلى ما نريد من خير للأمة. 

ولكن الواقع المعاش غير ذلك تمامًا.. فرمضان يأتي هذا العام والأمة الإسلامية كلها أكثر تشرذمًا وأشد اختلافًا، وتفتك بعضها بعضا، تحالفوا مع العدو علي الأخ الشقيق، وحاربوا الصديق قبل الرفيق. 

بأي حال عدت إلينا يا رمضان.. نعلم أن الصيام تهذيب للنفس، وتطهير للقلب، ونصرة للمظلوم، وردعًا للظالم، ولكنه جاء والأمة لاهية ما بين كرة قدم وموسم للغناء والفنون اللاهية للناس. 

والمسلمون حياره في لقمة عيش لا يفرق كثيرا عن حياة بلا قيمة كالأنعام بل أضل. 

كيف نستقبل رمضان؟  

سؤال مهم يتداوله الدعاة والمشايخ والمسلمون في كل وقت وعلى مدار الأيام الفائتة.  

وكل الأجوبة تكاد تكون محفوظة عن ظهر قلب، وهذا ما سمعناه في خطبة الجمعة الأخيرة من شعبان.. وركز الأفاضل على الصلاة والصدقة والعبادة وقراءة القرآن الكريم وغيرها من العبادات التي لا يمكن أن نغفلها لا في رمضان ولا في غيره. 

ولكنهم تناسوا أن هناك عبادة أولى فرضتها الظروف الراهنة وهي نصرة المظلوم وردع الظالم.. وأزعم أن رمضان هذا إنما جاء خصيصا ليذكرنا بذلك، وأنه بدون ذلك فرمضان مثله مثل يناير وشوال وبؤونه وأمشير.. لا فرق.. فكلها أيام الله ولكننا سنصوم وأهلنا يُقتَّلون في أرض الجوار، ونحن نمصمص الشفاه، وسنذرف دموع الهزيمة، والذل، والانكسار، في التراويح. 

فهل بهذا سنكون قد صُمنا؟ لست مفتيًا ولا داعيةً حتى اقول لك نعم بملء فمي.. ولكن أستطيع ان اقول من منطق سلامة القلب.. لا وألف لا.. لم نصم كما أمر الله، ولم نقدم طلب قبول هذا العمل إلي الله، وأننا مُقصِرون تماما في ذلك. 

فإذا كنا محتاجين إلى فترات من الصفاء والراحة، لتجديد معالم الإيمان، وإصلاح ما فسد من أحوال، فإن الفرصة قد جاءتنا رغمًا عنا، فها هو شهر رمضان المبارك الهدية الروحية التي تجد فيها هذه الأمة فرصة لتصحيح وإصلاح أوضاعها، ومراجعة تاريخها، وإعادة أمجادها، وتدافع عن حقوقها ومقدساتها وأراضيها. 

وحتى يتذكر المسلمون أن أعظم فتوحات الإسلام، وأصعب الغزوات وأشقها على المسلمين كانت في رمضان، وإن فتح مكة ليس ببعيد من بداية شهر الصيام كما غيرها من حملات الجهاد المقدس في مشارق الأرض ومغاربها عبر التاريخ. 

(معاً سنكمل السلسلة ونواصل المسير)  

خير الكلام: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [ البقرة: 183]  

redahelal@gmail.com 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى