يوم السبت القادم، سيكمل حزب الوفد 105 أعوام بالتمام والكمال! نعم.. عندك في بلدك يوجد حزب عريق وضارب في الجذور، ضمن أعضاء نادي المائة لأحزاب النضال الديمقراطي، فمن حقك أن تفخر بوجود هذا الحزب، ومن حقك أن تردد عبارة نحن دولة عريقة وكبيرة، ويوجد عندنا مؤسسات سياسية، وأندية رياضية، تجاوز عمرها المائة عام، ومن حقك، الآن، أن تقول «عندنا حزب عمره 105 سنوات واسمه حزب الوفد»!
ثورة 19 التي خرج من رحمها حزب الوفد، هي الثورة الأهم في تاريخ مصر الحديث، لأنها الثورة الوحيدة، التي حققت أهدافها، فأفرزت المرحلة الليبرالية الوحيدة في سطور المؤرخين.
من أهم ما حققته هذه الثورة العظيمة:
1- فكرة الوطنية المصرية الجامعة: الفكرة التي ولدت مع ظهور إرهاصات الوفد يوم 13 نوفمبر عام 1918، ولا يمكن لها أن تتكرر، لأنها كانت صعبة للغاية، وظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى في التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة الوطنية المصرية الجامعة، هذا الحزب اسمه حزب الوفد الذي أسسه سعد زغلول، وحرص الوفديون عليه، لأكثر من مائة عام.
2- فكرة غير قابلة للتكرار: نعم… فالوفد فكرة غير قابلة للتكرار، وهذا ليس مصادرة على التاريخ، ولكنه رأى مرتبطا بالواقع، الذي يقول إن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد… ولذلك فشلت محاولات تأسيس حزب سياسي جديد، يحمل أفكار حزب الوفد في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 بل إن هذه المحاولات كانت تجرى لتأسيس حزب بنفس التركيبة، التي اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول في عام 1919… كانت محاولات استنساخ للفكرة والتركيبة البشرية، التي تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعي، عرفوا أن هناك أصلا وفرعا.
3- تصحيح أخطاء الثورات السابقة: من أهم مميزات ثورة 1919 التي انطلقت إرهاصاتها يوم 13 نوفمبر 1918 أنها صححت الأخطاء التي وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتي قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبي فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية… وهي الثورة التي تكاتف فيها المسلم والمسيحي معا لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية فقط، إلى فريضة وطنية أيضا، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.
4- ظهور قوة المرأة في المجتمع: وفي ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية في صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة في المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين في هذه الثورة السيدتين حميدة خليل وشفيقة محمد… وقد تحقق إنجاز كبير في عام 1920 عندما تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد، وانتخبت السيدة هدى شعراوي رئيسا لها، وكان هذا إنجازا تاريخيا كبيرا، يستحق الرصد والمتابعة والتقدير.
5- ميلاد القوى الناعمة المصرية: كانت ثورة 1919 تنظر للأمام… تريد الحفاظ على نفسها… وقد فعلتها… فصنعت مرحلة ليبرالية أفرزت أبرز رواد الفكر والأدب والفن والاقتصاد والسياسة… مرحلة شهدت نبوغ الفنان المثال مختار و «أم كلثوم» و «عبد الوهاب» ونجيب الريحاني… وعرفت طه حسين والعقاد… وشهدت اقتصادا وطنيا فكان من رموز هذا الاقتصاد طلعت حرب وعبود باشا… فكان الوطن قائما وقادرا رغم الاحتلال وتمكن من التقدم للأمام علميا بجامعة أهلية شارك فى فكرة تأسيسها سعد زغلول مع الإمام محمد عبده… كان سعد زغلول يعرف أن العلم هو الشعلة التى تنير الطريق للوطن وأن أبناءه المتعلمين هم ثروته الحقيقية!!
الوفد ليس مجرد حزب، هو تراث وطنى يستحق الحفاظ عليه، ويستحق أن يدفع أبناؤه كل الأثمان حتى يظل واحة واسعة لـ «الليبرالية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية والتحرر الوطنى».
تحيا مصر… ويحيا الوفد… وكل عام وكل المصريين بخير!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية