نون والقلم

د. صلاح سلام يكتب: من بوعزيزي إلى بوشنيل

أضرم بو عزيزي النار في جسده احتجاجا على الشرطية التي صفعته لأنه يبيع بضاعته على عربة بدون ترخيص.. فأشعل ثورة امتدت إلى معظم بلدان المنطقة ولم تنطفئ نارها حتى يومنا هذا وأحرقت الأخضر واليابس ومعظمها لم تؤت أوكلوها وركبها المتسلقون والانتهازيون.

وعلى الطريق مع الفارق أضرم النار في نفسه طيار بسلاح الجو الأمريكي ويدعى بوشنيل احتجاجا على اشتراك بلاده في الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين وتقول الواشنطن بوست أنه اطلع على مستندات تفيد أن جنودا أمريكيين يحاربون حماس داخل الانفاق في غزة.

وهذا هو الفارق.. من يثور فيحرق نفسه من أجل حاجة في نفسه له أو لأسرته ومن يحرق نفسه من أجل شعب آخر وبلد آخر يراه مظلوما وأن حكومته تشارك في هذا الظلم.

ومع اختلافنا على الأسلوب في الحالتين لقسوته وأنه خسران مبين لأنفس أزهقت وقد لا يجدي نفعا.. فالتغيير قد يأتي بالنقاط وليس بالضربة القاضية.. وبرغم عدالة الهدف الذي أزهق بوشنيل روحه من أجله.. أفنى فريقا من الفلسطينيين أنفسهم يرون أن التكلفة التي دفعها الشعب من الأرواح والمصابين وتدمير أكثر من نصف المنشآت وكل البنية التحتية والجوع والعطش والنزوح والتشريد هو ثمنا باهظا أمام ما تم في 7 أكتوبر 2023 وأن الأسرى في سجون الاحتلال لو تم استشارتهم في أن يبقوا في السجون أو أن تدمر نصف بيوت قطاع غزة وسقوط مائة ألف ببن قتيل وجريح ونزوح مليون ونصف.

ربما لم يوافقوا على هذا الاقتراح ورضوا بما هم فيه إلى أن يأذن الله في أمرهم.. بينما يرى فريق آخر أن ما حدث في 7 أكتوبر أعاد القضية إلى الطاولة بعد أن كادت تتوه في غياهب النسيان وأن العدو الإسرائيلي لا يعرف إلا لغة القوة وأنهم انتقموا لما يحدث في الأقصى وأن الجرح الذي أحدثوه في جبين العدو سيظل غائرا وأن صمودهم خمسة شهور وتكبيد العدو مئات القتلى والجرحى والمعدات لهو نصر كبير برغم كل هذا الدمار.. وأنه لا يقارن بما قدمت الجزائر لتتحرر من الفرنسين وهو ما يفوق المليون شهيد ولا ما قدمته العراق حديثا وهو ـيضا ما يربوا على المليون شهيد لتتحرر من الأمريكان والدواعش.

وبرغم أن عدد غير قليل من سكان قطاع غزة لا يرغب في حكم حماس إلا أنهم تكاتفوا وانصهروا وأيدوا ما فعلته المقاومة لأنه أثلج صدورهم وصدور كثير من الشعوب العربية حتى الذين اختلفوا مع حماس ويرجع هذا إلى أن العدو ارتكب في حق المقدسات والشعب الأعزل كل أنواع العنف والقهر والقتل والطرد فكان لابد من رد على هذا الاستفزاز الذي تعدى الحدود.

كم هو رائع أن يستيقظ ضمير الشبان والجنود والطيارين الأمريكان ليقفوا إلى جوار الحق الفلسطيني بأجسادهم وأرواحهم وأفعالهم وأصواتهم العالية ليسمع سكان الكابيتول والبيت الأبيض صوت الحق ولا نريدهم يحرقون أجسادهم فتخبوا أصواتهم وتتلاشى في فضاء الظلم والانحياز المطلق إلى جانب دولة الصهاينة في مقابل كل العالم والذي يقف في الجهة الأخرى يريد وقفا لإطلاق النار والحد من الضحايا الذين يسقطون كل يوم ظنا من إسرائيل أنها سوف تقضي على حماس وأظنها واهمة.

فكل طفل فقد أباه أو أحد من أسرته سيكون بعد قليل حماس جديدة وكل أب فقد ابنه سوف يكون داعما وكل أم فقدت فلذة كبدها سوف تكون أما لحماس.. لقد صنعتم بغبائكم ألف حماس.. حتى لو لم يكونوا في حكم غزة فسيظل الثأر نائما حتى حين إلى أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة.. أفلا نامت أعين الجبناء!!!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى