صدر حديثا بالأسواق رواية «من أول لقاء» للإعلامية التونسية فريهان طايع، حيث تجيب الرواية على التساؤل الحائر عن الحب هل هو قدر ام اختيار؟
تقول الكاتبة في فصول الرواية التي تبحث في عمق الذات الإنسانية أن الإجابة واضحة، منذ كانت لدينا سلطة على قلوبنا، فإن الله وحده من يحرك القلوب مثلما يشاء، والدليل أن القلب يخطفه شخصا دون الأشخاص الاخرين، في الوقت الذي يتمنى فيه غيره مجرد كلمة، لكنه دون سواه، لأن القدر هو من اختاره، هو من رتب الصدف دون مواعيد سابقة.. ننشر تاليا جزء من الرواية على لسان كاتبتها:
كنت قد التقيته صدفة وأنا في قمة أوجاعي ومشاكلي وصراعاتي مع الحياة وأنا التي كنت مخطوبة لشخص سرعان ما اكتشفت خيانته، قبل أن يرتب القدر هذه الصدفة، ماذا لو لم اترك ذلك الشخص ما كان قلبي سيخفق وما كنت سوف أعرف الحب الحقيقي.
لأول مرة التقيته، أخبرني عن اسمه منذ أول لقاء شعرت بشيء غريب ،شعرت بإحساس لم أشعر به في كل حياتي اسمه كان يتكون من أربع حروف، شعرت حينها أن قلبي يخفق مع كل حرف من حروف اسمه، كنت أظن أن الحب من أول نظرة مجرد أسطورة في القصص و الروايات، اذ بي اشعر به و أقع فيه ، لم أستطع في ذلك اليوم أن أتكلم كنت صامتة لأنني كنت خائفة ، كيف لا اخاف و أنا التي اكتشفت خيانة خطيبها، وأنا التي انصدمت في شخص كانت تحترمه، كيف لا أخاف و أنا التي مرت بمرحلة صعبة جدا، جعلتني أكره كلمة ارتباط، كلمة التزام أصبحت بمثابة كلمة السجن والقيد.
حاولت أن أهرب من ذلك الشخص، ليس منه بل من مشاعري، من مشاعر جاءت في زمن غير متوقع لكن رتبها القدر بدون موعد وبدون تخطيط.
و في كل يوم كانت تتسارع دقات قلبي و أنا التي لم اسمعها في الماضي، شعرت أنه شاب محترم و من أصل طيب، شعرت أنه شهم، شعرت و كأنني أعرفه من زمن بعيد، هكذا تلتقي الأرواح فجأة بدون سابق انذار و في وقت غير مناسب
لم أستطع حينها أن أخبره مشاكلي وأوجاعي.
كنت انظر إليه من بعيد، فقدت حتى قدرتي على التركيز نسيت المكان والزمان والناس وكل شيء وشردت مع افكاري وفي كل مرة كان يخفق قلبي لكنني التزمت الصمت ربما في نظره كنت تلك الفتاة المغرورة، لا أعلم ماذا كنت في نظره أو ماذا كان يدور في عقله لكنني كنت متأكدة أنه لا يعلم شيء عن مشاعري لأنني اخفيتها ولأنني كنت صامتة ومنذ متى كان الصمت إشارة؟
لذلك كنت متيقنة أنه لا يعلم، كنت اعتبر هذه المشاعر البريئة كأنها ذنب كنت خائفة أن يشعر بحبي فيعذبني، مع انه ليس كذلك فهو كان شخصية لم أرى مثلها في حياتي شاب رصين جدا.
وكيف أنسى كيف قدم نفسه لي بطريقة لبقة وجميلة لم أرى مثلها في حياتي، كيف لا وأنا التي كنت أكره كل اساليب الشبان الذين يركضون ورائي ويزعجونني ولا يتركونني وشأني حتى أنني صرت أكره كلمة إعجاب، أن يعجب بي شخص أصبحت في نظري مثل الكابوس.
الفتيات في العادة يرغبن بأن يحظين بالأعجاب لكنني كنت عكسهن تماما، كنت فقط اتطلع لأحلامي ومن بين احلامي رجل يخاف الله ويحبني ويكون أميرا في حياتي لكنني لم اجده ومع الضغوطات التي كنت اتعرض لها وتزايد عروض الزواج من حولي وافقت أن اخطب لشخص لا أحبه فقط من أجل العادات التافهة لانصدم فيما بعد في واقع مر عذبني لسنوات
ومن حكمة القدر أن أجد الحب بدون حتى أن أبحث عنه وفي وقت غريب
وفي مرة دخلت القاعة التي كانت مليئة بالناس وكعادتي جلست بمفردي لا نني كنت في ذلك الوقت اتفادى الناس لأنني كنت اعاني وأنزف من جراحي التي كانت مخفية لم أكن حتى اجيد فن الحديث ولم أكن أملك مزاج حتى لأفتح باب لصداقات، كنت اشعر أن كل الدنيا ومشاكلي كانت تتراكم ولم أستطع حتى أن أبوح بأوجاعي، في ذلك الصباح، كنت اختنق ومع ذلك كنت أنتظر مجيئه فقط لكي أعلم أنه موجود، وفعلا جاء.
لم أستطع أن اتمالك قدرتي على البكاء لكنني جففت دموعي دون أن ينتبه أحد ثم غادرت المكان، لم أستطع أن أبقى دقيقة واحدة وإلا كنت سوف انفجر بالبكاء، وعندما غادرت القاعة صرت ابكي، نسيت أنني في الشارع.
تساءلت كيف احبه لهذه الدرجة من أول لقاء، تساءلت إلى متى سوف اصمت
تساءلت أي ابتلاء هذا، ثم عدت إلى المنزل وأنا في قمة حزني
وفي الأسبوع التالي كنت شاردة وما أن رفعت راسي اذ به أمامي، أخبرني يومها أن المحاضرة قد الغيت وسألني القليل من الاسئلة، شعرت حينها أن قلبي يخفق لكنني حاولت أن أخفى، وتتالت الأيام وأنا على تلك الحالة، وفي احدى المرات جلس الى جانبي كنت اشعر انني سعيدة، نسيت حتى مشاكلي لكنني كنت أخفى مشاعري، ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي يجلس فيها إلى جانبي لكنني في كل مرة كنت أحاول أن أخفى مشاعري، كنت خائفة من العذاب، عذاب الحب.
توالت الأيام وانتهت كل المحاضرات شعرت حينها أن مفتاح نجاتي بيدي وهو أن ارحل، هذه فرصتي لرحيل
مع أن ذلك اليوم كان أجمل يوم في حياتي عندما ابتسم في وجهي، شعرت أنه انسان مميز، شعرت أنه مثل السند، بجانبه أشعر بالأمان والحماية
وما ان انتهت اخر محاضرة غادرت المكان بسرعة وقلت لن اراه مجددا، صعب جدا لأنه صار كل شيء في حياتي
لكنني سوف أتحدى نفسي وسوف أكون اقوى من مشاعري، سوف أضع كل العراقيل كي لا أفكر فيه وفعلا كتبت اسمه على صفحة الفيسبوك قلت لنفسي
«انظري كم عدد الفتيات على صفحته.. انظري ماذا يكتبن له، هذا فعلا لديه العديد من الفتيات، قد يكون شخص متلاعب، لن اكون من ضحاياه ولن اسمح له باختراق حياتي، أنا لا أريد لنفسي العذاب، أنا أريد السلام والراحة، أبدا لن أكون سببا لشقاء نفسي، سوف احميها من كل الجروح»
تحديت نفسي، كان حسابه على الفيسبوك دافعا كي اقنع نفسي أنه يعرف العديد من الفتيات وأن هذا الصنف لا يجذبني، لأنني شعرت أن كل آمالي قد خابت وأصبحت اشك في كل كلامه مع أن قلبي كان ينبض له
تجاهلت كل شيء وعدت لحياتي وواجهت كل مشاكلي وعدت للحياة بنظرة أكثر تفاءل وتقدم لي حينها العديد من الاشخاص لكنني رفضتهم لأنني ما كنت سوف ارتبط بشخص لا أحبه.
كنت اشعر انني اشتاق لذلك الشخص لكنني كنت أحاول تجاهل الأمر إلى أن جاءت المفاجئة التالية التي دبرها القدر وكانت صدفة أخرى من صدفه أنني التقيت بذلك الشخص مجددا وبدون تخطيط وبدون موعد ومن بين كل البشر وشاء القدر أن يكون لنا حديث قصير، لم انس كل كلماته انصدمت عندما قال لي أين أنتي منذ زمن لم اراكي، هذا الوجه لم أراه.
شعرت يومها بسعادة لم أشعر بها في كل حياتي، شعرت أن القدر ولأول مرة قرر أن ينصفني ومنحني سعادة قد غادرت حياتي منذ زمن بعيد، شعرت يومها أنني ارتجف وأنني سوف اموت من السعادة حتى أنني أصبحت فقط أتذكر فقط ذلك الحوار ولم تبارح صورته خيالي.
ولم أستطع حتى أن انام لمدة اسبوع لأنني كنت سعيدة جدا، نسيت كل شيء حتى المكان والزمان والناس وأصبحت فقط أفكر فيه، أفكر في كل كلامه.
والغريب أن القدر دبر لنا لقاء جديد وفي الوقت المناسب، في زمن كنت قد شفيت فيه من كل جروحي وتغلبت فيه على كل مشاكلي وأصبحت أكثر اقبال على الحياة
وتتالت الايام وحاولت أن أكسر هذه الحواجز وأن ابرهن له أنني لست مغرورة بل تلك فقط شخصية احمي بها نفسي من الناس لأن شخصيتي مثل الاطفال، أحب مثلهم وعفوية مثلهم
حاولت أن أكون صديقة لأنني كنت أخجل من مشاعري، كنت أخاف أن يعلم أنني أحبه فيجرح قلبي
تتالت الايام وحاولت أن اتغلب على كبريائي وأن أساله عن اخباره وأن اعلم ولو القليل عن حياته، كنت في بعض الأحيان أقول له صديقي مع أن قلبي يتمزق من هذه الكلمة لأنها لم تكن يوما الحقيقة لأن الحقيقة هي عكس هذا
ومع كل مرة اتظاهر بالعكس، حتى أنني أخجل عندما أرسل له رسالة كي أطمن عن اخباره وفي الكثير من المرات كنت احذف الرسائل كي اتغلب على مشاعر اللوم التي كانت بداخلي
كيف لا وأنا التي لم تنجر يوما وراء مشاعرها ولم تهتم كل هذا الاهتمام بأحد
كنت أتحدى نفسي إلى أن جاء اليوم الذي لم أعد قادرة على العمل كنت أنتظر رسائله وكأنني لا يوجد لديها التزامات في حياتي
توالت الايام ولم اعد قادرة حتى على انجاز عملي الذي يتطلب مني كل التركيز، تتالت الايام وأنا اجلد نفسي على تصرفات لم اعهدها، تساءلت إلى متى وماذا أكون في حياته، تراني في قلبه، هل كلامه كان صادق هل كلامه حقيقي، فهو يتذكر كل التفاصيل حتى الصغيرة.
شعرت أنني اختنق أنني في صراع وأن هذا الحب أصبح يأسرني، أصبح يسرقني من حياتي وعملي وعائلتي وأنني أصبحت فوضوية حتى في حياتي وأنا التي تجيد ترتيب الاولويات في حياتها، اصبحت اشعر انني لا أستطيع حتى أن اجيب على اسئلتي وأنني أصبحت اعاني لأيام ولم أعد قادرة حتى على النوم إلى أن أصبحت مرهقة من ثم مرضت لأيام من شدة التعب، لم اعد قادرة حتى أن أنهض
سألت نفسي إلى متى سوف أبقى هكذا؟ مع أنني لا اشك فيه أشعر أنه صادق وحقيقي ونبيل شهم لكنه أصبح يعذبني حتى لو لم يكن متعمد أصبح يسرقني من حياتي.
تساءلت لماذا لم يخبرني ويترك لي حرية الاختيار هل خوفه من المستقبل جعله متردد مع أنني لا أريد شيء منه فقط ذلك الامان والسعادة التي لم أشعر بها في كل حياتي ولم أكن اتخيل ليوما أن تصبح هذه السعادة مصدر عذاب
كنت اتعذب بعدد ساعات النهار والليل وتساءلت لماذا أصبح هكذا لماذا يجعلني في كل هذه الحيرة.
قلت لنفسي سوف أهرب مثلما هربت في المرة الاولى سوف أهرب منه مجددا، وسوف أغلق حسابي وأرحل هكذا سوف انجو بنفسي من هذا العذاب، لم يكن تفكيري أن اضعه في حيرة و لم أجد يوما اسلوب التلاعب بأفكار الناس، ربما يظن أن تصرفاتي غامضة لأنه لم يشاهد معاركي اليومية مع نفسي و لا يعلم أنني أصبحت حساسة من كل شيء وأنني أصبحت جلاد نفسي فقط بسبب مشاعر بريئة و مخفية في قلبي
ربما من أكثر المشاعر المؤلمة أن ترحل وتغادر فقط لأنك تعذبت بما فيه الكفاية ولأنك تريد أن تنجو بنفسك ولأنك لا تعلم شيء فقط تعلم أن هذا قدرك، قدرك الذي غير كل مجرى حياتك وافكارك وسرق قلبك وشتت عقلك ووضعك في كل هذه الحيرة وابكاك كل هذه الدموع
وهل من السهل الهروب من حب قد سرق قلبك وابكاك بعدد الايام والساعات
تساءلت كيف في لحظة يتغير كل شيء وتتحول تلك السعادة إلى تعاسة وتلك الفرحة إلى حزن
وأي ذنب هذا وهل كان الحب يوما ذنب؟ وهل يختار الانسان هذا الحب كي يعذب نفسه
ماذا لو ظل هذا الحب مصدر سعادة ولم يتحول يوما إلى جحيم وصراع مع النفس فقط بدون ذنب فقط سلطة القدر، قلت لنفسي هي مسألة حظ وليس كل الناس محظوظون، وأن السعادة ليست لي، وأن القدر يلعب بي مثلما شاء، وما ذنبي كي تسرق مني هذه السعادة والامان الذي شعرت به، وقلت لنفسي نعم كنت محقة عندما هربت من مشاعري في أول مرة وسوف أفعل هكذا كي أنقذ قلبي من هذا الجحيم
وقلت لنفسي لا أعلم ماذا يخفي لي القدر مجددا هل هذه النهاية أم أن القدر لن يكتفي عند هذا الحد.
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية