تتسارع الأحداث الأليمة في قطاع غزة، وتتوالى التطورات المأسوية للممارسات العدائية الصهيونية على مختلف الجبهات: المصرية، والأردنية، واللبنانية، ولعل الوضع الحرج للفلسطينيين في جنوب قطاع غزة قد جعل العالم ينظر بقلق كبير وانشغال عميق لما سيؤول إليه مستقبل القضية الفلسطينية الذي لا يحمل حاليا سوى نذر الخطر الداهم.
استمرار تراكم الفلسطينيين النازحين بجوار الشريط الحدودي مع مصر مع مواصلة قوات الاحتلال ضغطها العسكري عليهم يدفع إلى الاعتقاد بما لا يدع مجالا للشك أن الواقعة أصبحت قريبة حيث لا مفر أمام تزاحم المواطنين عند معبر رفح من تجنب آلة القتل الداهم سوى باقتحام حرمة الحدود المصرية وتحمّل الفوضى العارمة نتيجة ذلك حيث ليس مستبعدا إجبار الأشقاء على المواجهة العنيفة فيما بينهم على مرأى من الأعداء وإما التعرض لآلة القتل الصهيونية ومن ثمة الفناء.
لم تجد نفعا القرارات الأممية والضغوط الدولية من أجل التهدئة ووقف إطلاق النار تمهيدا للبدء في عملية تبادل الأسرى بين الجانبين الفلسطيني ممثلا في حركة حماس والصهيوني، لقد خابت مساعي واشنطن والاتحاد الأوروبي وكل العالم لوضح حد للممارسات الصهيونية المتطرفة التي تجاوزت قواعد الاشتباك والقانون الدولي والإنساني، إلى أعمال إجرامية بهدف الإبادة الجماعية كاملة الأوصاف لشعب أعزل كل ما أراده من الحياة العيش بكرامة وحرية.
توحي مؤشرات الوضع القائم في جنوب غزة إلى الاعتقاد بأن الغرور الصهيوني سيدفع قادة الاحتلال إلى ارتكاب حماقة يمكن أن تؤدي إلى نتائج مأساوية، فالخط الأحمر الذي حددته مصر أمام تقدم قوات الاحتلال نحو رفح ومحور صلاح الدين أي الاقتراب من حدودها سيؤدي حتما إلى إعلان مصر اعتبار تجاوزه مخالفة صريحة وخطيرة لاتفاق السلام بين البلدين تستدعي تعليق العمل به وربما تمزيق وثيقة الاتفاق، ومنه لن يكون للوضع الميداني الناتج عن الاتفاق أي اعتبار، ولن يكون لأحكامه أي وجود، بمعنى إن تجاوز ما نص عليه الاتفاق من أحد الأطراف هو مبرر كافي للطرف الآخر لاتخاذ كل ما يضمن سيادته ويحمي حقوقه ويحفظ مصالحه ولو بالقوة المسلحة.
قد يبلغ الأمر أعلى درجات القذارة المؤامراتية عندما تدفع جهة نأت بجانبها وفضلت لنفسها أن تبقى خارج دائرة الصراع ما يكفي لعناصر تفتقد مقومات الحياة لاختلاق أزمة أمام معبر رفح وتهييج المواطنين بترديد الشعارات التقليدية المعتادة والدفع بمئات الآلاف من الشبان لتكسير الحواجز واختراق الحدود المصرية وانتهاك سيادتها على أرضها.
وفي حال ما إذا استعصى عليهم الأمر تطلق قوات الاحتلال نيران دباباتها مع تعمد إصابة الجدار الحدودي بطلقة مدفعية بزعم أنها كانت عن غير قصد محدثة فتحة كافية لاندفاع الآلاف من الشباب الباحث عن الطعام والماء، والنتيجة واحدة تخلص الكيان المحتل من الأزمة، وتصديرها بوضع مصر في موقف حرج أمام أشقائها فتضطر إلى إبقائهم على أراضيها حيث لا عودة بعد ذلك للوطن الأم.
إنها أم الكوارث التي تحدق بالعرب أجمعين، وستعذب الضمير العالمي إلى أبد الآبدين.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية