افتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، المعرض التشكيلي الأول لأستاذ العود العربي الفنان الدكتور نصير شمة، والذي استضافه غاليري الاتحاد في أبوظبي، يوم السبت الماضي.
وقد حضر افتتاح المعرض الذي ضمّ أكثر من 70 عملاً تشكيلياً، الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وحشد من المسؤولين والمبدعين في قطاعات المال والأعمال والثقافة والفنون، إضافة إلى متذوقي الفنون التشكيلية من الجمهور والنقاد من محبي الفنان وأصدقائه.
الفن والموسيقى:
قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «تجمعني والموسيقار العراقي نصير شمّه ثلاثة أشياء: صداقة عمرها سنوات طويلة، والموسيقى، والفروسية، فالخيل الذي اصطاد صهيله وحركته وموسيقاه الداخلية في مقطوعته الشهيرة «رقصة الفرس»، هو جزء من يومي ورياضتي.
وأضاف: «إن كانت الحضارة البابلية تشكل جوهر روح نصير شمه والمقامات الأندلسية طريقه، فإنه في أبوظبي قد جسّد روعة العلاقة الفذة بين الموسيقى والتشكيل من جهة وبين بابل والأندلس من جهة أخرى لتجمعنا اليوم في أفق جديد من الاستدامة في حب الفن التشكيلي العابق بالموسيقى».
من جهتهما، أجمع القيّمان الفنيان على المعرض صلاح حيثاني وتمارا أنباري على أهمية المعرض ومحورية دوره في تكامل التجربة الإبداعية لنصير شمة، حيث قال صلاح حيثاني: «أعمال الفنان نصير شمّه هي نوع من السيرة الداخلية، إنها طريقته للنظر الى العالم والانتماء إلى أحداثه وفيوضاته اليومية، فسطوحه التي يعكف على إنجازها بحذق على شكل بؤر مضرّسة ومتراكبة عضويا ليست في حقيقة الأمر سوى انفعالاته الشخصية ورعشة روحه وطريقته في البوح».
بينما أكّدت تمارا أنباري على أنّ الناظر في أعمال نصير يشعر أنه يقف أمام حياتين وعالمين، كلاهما بنفس القوة والأصالة والشغف، الموسيقيّ والتشكيليّ معا.
ورأى الفنان والناقد هاشم تايه أنّ «مجموعة لوحات الفنّان نصير شمّة تعكس إحساساً عميقاً بالتّناغم الكونيّ الذي يعمّ الوجود، ويسري في الموجودات، رقيقاً، حانياً، في حياةٍ كامنة وراء الحسّ، تنتظم وحداتُها التي تُشبه (مونادات) لايبتنز، وتتفاعل، في انسجامٍ كلّيٍّ، داخل تكوينٍ ملتحمٍ ببعضه حيث يبدو نصير شمه في عمله وكأنه كشط جلداً، وجرّد مادّةً من قشرتها، وأطلعنا على ما يجري تحتهما من تفاعلاتٍ حيّة لا يقرّ لها قرار بين وحدات الوجود البدئيّة التي تمثّل جوهره الغائر في حياةٍ يسودها التناغم، والانسجام».
بينما علّق الفنان والناقد الدكتور شوقي الموسوي بالقول: «اشتغل الفنان نصير شمّه على أبجديات الخيال بين الصوت واللون، عندما قطع الصلة تماماً بالطبيعي والواقعي فُقدم تكوينات لونية مُجردة تماماً تناهض التمثيل والتقليد؛ بوصف أنّ خيال الفنان متعلق بالأفكار المثالية والدلالات المنتمية الى عالم التعبيرية التجريدية ومدرسة نيويورك على وجه الخصوص، التي تعتمد ضربات الفرشاة قانوناً للتشكيل والتبقيع، يحاول الفنان نصير شمّمه أن يرتقي بالرسم الى مستوى الموسيقى، من خلال التقريب أو الجمع ما بين المرئي (اللون) والمخفي (الصوت) في صناعة نتاجه الفني، على وفق قوانين التجريد والتجريب».
وقالت الفنانة ومصممة المجوهرات عزة القبيسي: «وضع الفنان نصير شمّه بصمته كموسيقار عالمي في عمله التشكيلي ببراعة كبيرة من خلال استخدامه خامات ورشته في صناعة الأعواد وأتقن توزيع الكتل وصقلها والتعامل معها بذكاء حاد، مما أسهم في خلق لوحة فنية محكمة تضاريسها تحكي تفاصيل أحاسيس مليئة بالقصص الموسيقية والفنية».
سمفونيات ملونة:
اعتبر الفنان والناقد الدكتور عاصم الأمير أنه «ثمة لذائذ خفية هي التي تغوي نصير شمة نحو مديات الرسم لكأن الموسيقى لوحدها لا تكفي في تطمين قلقه الوجودي وهو المعروف بشدة التوق والتحرق والانجاز الذي زاد من مساحة سعادتنا الإنسانية. معرض نصير شمة، سانحة بصرية شجاعة ومثيرة للاهتمام، بعد أن شغلنا طويلاً بسوانحه الموسيقية وصفقنا لها طويلاً».
وقال الفنان مطيع الجميلي «إن الفنان نصير شمّة يشتغل بالرسم ببصيرة العارف وتقنيات الكتلة والسطح وفك أسرار طلاسم وآفاق وشفرات عالمه بطريقة صوفية وجدانية عالية، هناك ثنائية تفرد بين عالمين عند الفنان نصير شمّة تحيلنا إلى منطقة مفتوحة وفضاء رحب ليؤكد أنّ ما أنجزه منذ ثلاثة عقود كانت مخبأة في أدراج منجزه الموسيقي الكبير».
أمّا الفنان الدكتور علي رضا سعيد فأشار إلى أنّ «هذه الأعمال تعبّر عن حالة من التفرد وتعدُّ دليلا على وجود الرغبة في الإبداع وتحقيق عناصر الاختلاف والتمكن والتفرد حيث يضعنا الفنان أمام ميولاته ورغباته وانفعالاته وروحه المتوهج ضوءاً لتعبر عنه بعالم الألوان بإحساس مرهف وتناغم جميل وكلما نبتعد عنها نستمتع بموسيقاها ونشتاق لها ونتلذذ بالمتعة والاسترخاء داخلها».
وشبّه الفنان كريم سعدون تجربة نصير شمة تشكيلاً كأنه «يريد أن ينقل لنا من روح المادة التي تشترك في صناعة النغم وتخرجه إلى الوجود، وجوداً دلالياً مضافاً يخلق التميّز الذي يريده لمنجزه الجديد».
بينما رأى الفنان ستّار كاووش أنّ «الموسيقار الباهر نصير شمه يقدّم لنا جمالاً من نوع آخر، ويضع أمامنا سيمفونيات ملونة من خلال لوحاته التي تحمل روحانية كبيرة وانغماسا في معالجات السطوح بطريقة تحمل الكثير من الحساسية والجمال»، بينما قال الفنان حسن عبّود «أشعر وأنا أتطلع إلى أعمال الفنان نصير شمّة أن هناك علاقة مشتركة بين رؤيتين متداخلتين يمنحها حضور الفنان وبراعته روحا عالية تجعل كل شيء يبدو متوافقا ومتقن الإداء».
ورأى الفنان التشكيلي محمد فهمي «أنّ حوار الإبداع بين الموسيقى والتشكيل صداقة متلازمة الجذور منذ أن اكتشفت طراوة الألوان لتتمازج بين الإيقاع الصوتي والتشكيل، المقصود هنا أن متلازمة الموسيقى والتشكيل والمعنى لغة، نفهم منها كيفية هذه العلاقة وكيف يستلهم منها الفنان تجلياتها المدهشة باللون والأسلوب يخطها على القماش متجاوز التقليد والمبالغات الشكلية».
وعبّر الناقد خالد خضير الصالحي عن إعجابه بما يقدّمه المعرض التشكيلي للموسيقي نصير شمة «كنموذج لمشروع فني تتوحد وتتواشج فيه الموسيقى ومادية الرسم في وجود مستقل لا تخرب وحدته أية مفاهيم خارجية».
وأضاف الفنان الدكتور مكي عمران «من أعماق لوحاته يتردد صدى من خلال التناغمات والتعارضات اللونية بنموها السلس والحاد أحيانا، هذا النبض العاطفي الكامن في منجزه نتلمسه في بلاغة اللّون وتدرجاته بتذبذبات ضوئية في نثار تعبيري تجريدي».
أما الفنان الدكتور فاخر محمد فيرى «أنّ رسوم نصير شمّه محاولة أخرى لتقريب الرسم من روح الموسيقى»، ويؤكد الفنان الدكتور محمود شوبر «أجد أن نصير شمّه ضمن سرب التجريدين الكبار الذين أرادوا اللحاق بالموسيقى من خلال ألوانهم وخطوطهم التي عطلّت المعنى لحساب الأشكال التي نقرؤها كما نشاء كل حسب وعيه وفهمه كما نفعل حين سماعنا لموشح من موشحات المتصوفة أو كونشيرتو لا نستدل على الجمال فيها بالكلمات».
ويقول الفنان عادل السيوي: «تجربة نصير جميلة وجديرة بالاهتمام والإعجاب، فلقد أتقن في أعماله تحويل الأصوات إلى إيقاعات لونية جميلة»، وختم الفنان زياد جسام «قد تأخذ اللوحة الفنية التي ينتجها شمّه وقتاً أطول من تأليف قطعة موسيقية طويلة، إذ إن مشغل الرسم، ولاسيما الحديث، يحتاج الى أن يتحول فيه الفنان الى عامل تقني يستغل كل صغيرة وكبيرة، ويحفر ويحذف ويقتنص العفويات».
نون – أبوظبي
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية