نون والقلم

محمد يوسف يكتب: قيّدوها قبل أن تفلت

لا نمزح عندما نقول إنها نظارة المجانين أو «المخابيل»، فهذه حقيقة، بدأت صورتها تتضح من خلال تصرفات الذين حصلوا عليها وخرجوا إلى العلن.

شخص يتوقف وسط الرصيف حيث ممشى الناس، ويطبع في الهواء وكأن لوحة مفاتيح الكمبيوتر أمامه، ويلوّح بيديه يميناً ويساراً، والناس يتجنبون المرور أمامه حتى لا يصفعهم دون وعي!

وشخص آخر يجلس في «المترو» ويتفاعل مع ما يراه من تلك النظارة العجيبة، يشتم ويلعن، وقد يضحك ويقفز من مكانه، والناس كأنهم يشاهدون كائناً عجيباً هرب من «سيرك».

أما السائق فحدث عنه ولا حرج، يترك المقود ويكتب ويناقش، ولا يرى إلا الواقع الذي يعايشه من نظارته التي يقال إنها عجيبة، والشارع والسيارات والمارة تركهم للحظ.

المشهد العام يقول إن النظارة التي سميت زوراً «الواقع المعزز» ليست وسيلة ترفيه، وليست كما قالت قناة إخبارية شبه محلية ستكتسح الكمبيوتر النقال و«الآيباد» والهواتف الجوالة، وستحدث ثورة في عالم الاتصال، بل ستحول البشرية إلى «أراجوزات»، وتخيلوا جميعاً أن يحيط بكم عشرة أشخاص يضعون آخر العجائب على أعينهم، ماذا سيحدث؟ وكيف ستتعاملون مع الفوضى التي سيحدثونها؟، وهم أجساد بينكم، أما عقولهم وأحاسيسهم فهي معلقة بما يشاهدون ويعايشون.

وتخيلوا الأطفال لو وصلت إليهم هذه النظارة، ماذا سيكون مصيرهم؟ وكيف سيتعلمون متطلبات الحياة؟ وكيف سيدرسون؟ وكيف يتعاملون مع ذويهم؟

نظارة الشركة الباحثة عن كنز لا ينضب قد تصلح للمختبرات، وقد يستفيد منها الجراحون والأطباء عند إجراء العمليات أو الفحص، وقد تنفع في مجالات أخرى، ولكنها في الجانب البشري العادي ستنتج جيلاً منفصلاً عن واقعه وحياته، وستؤدي على المدى القصير وليس البعيد إلى تدمير البشرية إذا تركت منفلتة إرضاء لشركة أو دولة أو وكلاء مبيعات!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى