قال يوما شاعر صهيوني يدعى يهودا عميحاي: «إن فلسطين وطني الذي يمكنني فيه أن أحلم دون أن أسقط، وأن ارتكب أعمالا سيئة دون أن أضيع، وأن أهمل امرأتي دون أن أصبح معزولا، وأن أبكي دون خجل وأن أخون وأكذب دون أن أتعرض للهلاك».
لم يكن صوت هذا الصهيوني سوى صدى دائم التردد لحقيقة واقع عام وبائس كما هو عليه الحال السائد في الأرض الفلسطينية المحتلة حيث ترتكب أبشع الجرائم يوميا في حق أصحاب الأرض دون رادع أخلاقي أو وازع من ضمير، وإذ تتفشى الخيانة في مفردات حياة المحتل الصهيوني دون حرج والكذب دون خجل وكل مظاهر الخسة على كل المستويات دون خوف فذلك لأنه سلوك أصيل نابع من عمق الشخصية الصهيونية.
ما تزال «بروتوكولات حكماء صهيون» تفعل فعلها الإجرامي المشين المدان عالميا والممقوت إنسانيا، والغريب أن تدعمها في ذلك قوى كبرى ظنها العالم يوما بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ستعمل على تعزيز الأمن والسلام العالمي وتقيم أسس العدل الدولي فإذا بها تعيث في الأرض فسادا أضعافا من ذي قبل، وتوفر للكيان الصهيوني الغاصب المحتل كل سبل التمكين السياسية ووسائل المنعة بالمال والسلاح.
تعج السجون الصهيونية بآلاف الأسرى من أبناء الشعب الفلسطيني، جميعهم جرى اعتقالهم بشكل عشوائي في الطريق العام ومنهم تلاميذ مدارس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء الشعب الفلسطيني أولا ، وأرادوا أن يخالفوا بروتوكولات حكماء صهيون بتلقي العلم والسعي نحو اكتساب المزيد من الثقافة والمعرفة.
الصهيونية ترفض أن يكون للشعب الفلسطيني مستقبلا جيل يؤمن بقوة سلاح المعرفة، بل تريدهم جهلة، ضعفاء، يستبد بهم الفقر والمرض، يقضون ما بقي من يومياتهم التعيسة في معاناة التخلف وقسوة الحرمان من أدنى ظروف المعيشة الآدمية، لا مدارس، أو منازل ومستشفيات، وحتى المساجد!!
الحديث عن يوميات المعتقلين دون سبب في سجون الصهاينة يندى له الجبين، إنه الموت البطيء لمعتقلين يفترشون الأرض الباردة ومخدة الأسير حذاؤه، والتعذيب الوحشي في الغرف المظلمة والتنكيل الجسدي والنفسي وفنون التحطيم المعنوي والعصبي وانتهاك كرامة الرجال وحرمة وأعراض النساء واغتصاب الأطفال الصغار بنين وبنات فقدوا براءتهم في سجون الصهاينة كلها تجري في الدهاليز الموحشة والأقبية العفنة بأنفاس الصهاينة بعيدا عن أعين الضمير العالمي ومراقبة منظمات «حقوق الإنسان» التي لم يعد منها سوى اسمها.
أصبح مألوفا أن نرى طوابير الأهالي أمام بوابات المعتقلات الصهيونية، ليس للتنديد بالممارسات النازية للصهيونية أو انتظارا وأملا وترقبا لإطلاق سراح أبنائهم، بل لاستلام جثثهم، بعد مرور سنين طويلة حرموا خلالها من أشعة الشمس، وترى من كتب له المولى عز وجل الخروج حيا إلى أهله منكسر العين محطم نفسيا لا يكاد ينطق جملة كاملة مفهومة.
لقد فضحت انتفاضة الأقصى ممارسات كيان مصطنع أمام داعميه، وكشفت زيف مزاعمه، وأكدت تطورات الأحداث الجارية التي تفاعلت معها إيجابيا معظم دول العالم أن ما يجري في الأرض المحتلة عملية إبادة جماعية ومؤامرة تهجير قسري وجبري لشعب بأكمله، وهو ما يلقي بكامل الحرج على من كان أو مازال يعتبر الكيان الصهيوني دوحة الديمقراطية في الشرق الأوسط المستميتة في العيش والبقاء وسط أنظمة عربية ديكتاتورية!! بعدما اتضح جليا لكل دول العالم في المحافل العالمية والمنظمات الدولية أن هذا الكيان المشوه والمصطنع والمشكّل من مهاجرين ليس سوى رأس حربة للإمبريالية ينشر ثقافة الموت بعد إثارة الفتن والنزاعات والحروب لقلب أنظمة حكم وإضعاف الدول العربية، وأن وجود هذا الكيان الشاذ في المنطقة العربية غير شرعي لأنه كيان مغتصب.
المفاهيم الصهيونية عدوانية، لا تعترف بأي مبادئ إنسانية ولا تنصاع لأحكام القوانين والأعراف الدولية ولا تلتزم بضوابط أخلاقية، إن اندفاعها في الحرب الشعواء المعلنة على العرب أعماها عن الحق ودفعها نحو جنون العنف والإرهاب، ومحاولة الإيهام بمفاهيم مضللة والترويج لها على مستوى الرأي العام العالمي كمسلمات واهية.
لقد ورد في البروتوكول الأول من بروتوكولات حكماء صهيون أن «السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع، والغاية تبرر الوسيلة بكل وحشية الإجرام» لقد تناسوا أن الأرض والوطن لمن يحترمهما لا لمن يملكهما كما قال الشاعر محمد الماغوط، والأوطان العربية ستظل للعرب، وستبقى فلسطين للفلسطينيين لأنها أرضهم وفيها ومن طينها نشأوا، فليبحث بعيدا الصهاينة عن طينة لهم يمكن أن يكونوا نشأوا فيها.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية