سحبت باريس البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة، فمن كان طرفاً لا يمكنه أن يدير مفاوضات إنهاء الصراع في غزة، فهو غير محايد.
ومن لا يكون محايداً لا يتحلى بالنزاهة، وفرنسا، رغم المواقف المبدئية المتسرعة في تأييد إسرائيل، إلا أنها صححت الخطأ، ورفضت ردة الفعل المفرطة في الوحشية وكسر القواعد الدولية، وعادت إلى الحياد، بينما تشارك أمريكا في المفاوضات إلى جانب إسرائيل؛ لأنها حتى اليوم تصر على أن ما يحدث في غزة لا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وبررت كل مخالفات قوات نتنياهو، حتى قال ذلك المتحدث باسم مجلس الأمن القومي «كيربي» بأن عدد القتلى المدنيين في غزة صفر!
عندما كانت الولايات المتحدة موثوقة، وذات مصداقية، تسلمت زمام المبادرة، منذ 67 وحتى كامب ديفيد، مروراً بجنيف ومدريد وأوسلو، وعندما بدأ «هنري كيسنجر» مشروع فك الارتباط بعد حرب 73، وهو ما سمي بسياسة الخطوة خطوة، وجد تعاوناً وتجاوباً من الجميع، لسبب مهم جداً يجعله يختلف عن وزير الخارجية الحالي «بلينكن».
فالأول كان أمريكياً، يمثل بلاده، ولا يلتفت إلى معتقده، أما الثاني، هذا الذي كان سبباً في إطالة أمد الحرب، وأحدث إرباكاً واضحاً في الموقف الرسمي الأمريكي ابتداءً من الرئيس وحتى وزير الدفاع، فقد ألقى بالحياد جانباً، وأعلن أنه يزور إسرائيل بعد 7 أكتوبر بصفته يهودياً، وهذا ما لم يفعله كيسنجر، وهذا سبب فشل الإدارة الحالية ونجاح إدارة نيكسون قبل 50 سنة.
الوسيط غير المحايد لا يعتبر وسيطاً، وكل ما يطرح يكون مشكوكاً فيه، وهذا وضع الولايات المتحدة حالياً، ومع ذلك كلنا أمل بأن تثمر محادثات باريس، وتعيد العقول المنفلتة إلى مكانها، سواءً كانت عند جماعة نتنياهو اليمينية المتطرفة، أو جماعة الإخوان الحمساوية التابعة، فقد استنزف من الدم ما استنزف، وأزهق من الأرواح ما أزهق، ويكفيهم لعباً بالأبرياء، فهل يتفقون؟!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية