سوف يرسم المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي صورة اقتصادية متباينة في نهاية اجتماعهم الذي سيستمر لمدة يومين وتعقده اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، والذي بدأ يوم أمس الثلاثاء.
وسوف يرحبون بسياق عالمي أقل إثارة للخوف: تراجعت الاضطرابات الأخيرة في الأسواق المالية خارج الولايات المتحدة، خصوصا حين يتعلق الأمر بالاضطرابات في الأسواق الناشئة. لكن في الوقت نفسه، سوف يشير مسؤولو البنك المركزي إلى اقتصاد أمريكي أقل نشاطا إلى حد ما، والذي رغم التوليد المتين للوظائف والتضخم الأعلى قليلا، إلا أنه يعاني من جوانب ضعف في مَواطن أخرى.
وسوف يلاحظ الاحتياطي الفيدرالي تخفيف الشروط المالية الإجمالي، الناتج عن الانتعاش ذي القاعدة الرحبة في الأسواق العالمية. ورغم أن بعض المسؤولين يشعرون بالقلق في محافلهم الخاصة حول التهديد الناتج عن الإفراط في اتخاذ المخاطر، وعواقب ذلك على الاستقرار المالي في المستقبل، إلا أن هذه المخاوف لا يرجح لها أن تظهر في بيان اللجنة المفتوحة.
وسوف يعترف البنك بأن عددا قليلا من البنوك المركزية القوية الأخرى لا تزال تركز على حقن كميات إضافية من السيولة، مثلما اتضح في قرارات السياسة النقدية الصينية في الأسبوع الماضي، والإشارات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي. لكن، بالمقارنة مع مناسبات سابقة، سوف يبتعد البنك الأمريكي عن التعبير عن شعوره بالقلق حول إمكانية ارتفاع قيمة الدولار.
وفي كل هذا، سوف يمتنع الاحتياطي الفيدرالي عن اتخاذ أي إجراءات جديدة في السياسة النقدية. فهو لن يرفع أسعار الفائدة، وهو بالتأكيد لن يشرع في برنامج جديد لشراء الأوراق المالية على نطاق واسع.
مع ذلك، استجابة للأسواق التي هي مقتنعة الآن أن أول زيادة لأسعار الفائدة منذ 10 سنوات سوف يتم تأجيلها إلى العام القادم، سوف يتعمد البنك إعطاء إشارة بأن اجتماعه القادم في ديسمبر لا يزال “حيا”، أي يحافظ على أقصى قدر ممكن من المرونة في اتخاذ القرارات. وسوف يجعل البنك ذلك واضحا من خلال تكرار الرسالة التي مفادها بأن قرارات البنك المركزي تظل معتمدة على البيانات.
ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي ربما لن يكون قطعيا على النحو، أرى أنه يجدر به أن يكون، إلا أن المسؤولين أيضا سوف يبذلون جهدا لتحويل انتباه الأسواق بعيدا عن التركيز المفرط على توقيت أول قرار برفع أسعار الفائدة. والمؤكد أن اللجنة سوف تحث الأسواق على الانتباه بصورة أكبر بكثير نحو نطاق ومدة دورة رفع أسعار الفائدة، التي يرجح لها أن تكون تدريجية للغاية، وبعيدة عن كونها آلية، وسوف تنتهي بحيث يكون سعر الفائدة أدنى من المتوسطات التاريخية.
أخيرا، بالنظر إلى التقارير التي تشير إلى وجود انقسام بين أعضاء اللجنة الفيدرالية – كما نراه ليس فقط في الخلافات غير العادية بين الرؤساء الإقليميين وبين المحافظين الأعضاء في مجلس الإدارة، وإنما نراه أيضا في بعض التصريحات العامة التي تشير إلى وجود اختلافات في الرأي بين المحافظين أنفسهم – فإن المسؤولين سوف يبذلون أقصى ما في وسعهم لرسم صورة تظهرهم على أنهم يشكلون جبهة موحدة. وفي هذه الأثناء سوف يعملون بجد على تقليص أوجه الاختلاف بينهم، خصوصا حين يتعلق الأمر بالأصوات المعترضة على قرار معين.