كنت أتابع البرنامج الثقافي المصاحب لفعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وتوقفت أمام ندوة بعنوان «مستقبل الصحافة الورقية».. ومعرض الكتاب طوال تاريخه يناقش قضايا ثقافية وفكرية وفلسفية لكنه لأول مره يناقش قضية مهنية بحتة وهو تطور مهم في فكر القائمين على المعرض ويجب توجيه التحية لهم والشكر على تخصيص ندوة لهذه القضية المهمة.
مناقشة مستقبل الصحافة الورقية رغم أهميتها إلا أنها لم تعد تشغل القائمين عليها وهنا أقصد نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة.. وهي قضية غير مطروحة على أجندة أعمالهم من الأساس رغم أنها تمس آلاف من الصحفيين والعاملين في المهنة من المطابع والتوزيع والشئون الإدارية والفنية وخلافه.
وكان أولى بمناقشة هذه القضية هي الهيئات الثلاثة وهو الأمر الذي يشغل بال العالم كله منذ الانفجار التكنولوجي وظهور المواقع الإلكترونية والتطبيقات الإخبارية على الموبايل بجانب المنافسة من القنوات الفضائية والإذاعة بجانب الأزمات الاقتصادية المتتالية عالميا ومحليا وارتفاع أسعار الورق ومستلزمات الطباعة، وأصبح المواطن يفضل شراء سندوتش على شراء جريدة وإذا أضفنا أن محتوى الصحف كلها أصبح متشابه إلى حد التطابق فبالتالي لا يوجد دافع لشراء الجرائد على مختلف مستوياتها.
ومنذ سنوات تقدمت بمشروع لمجلس النقابة بضرورة عقد مؤتمر علمي يناقش هذه القضية يشارك فيه كليات ومعاهد الإعلام والصحافة التي أصبحت الآن منتشرة في كل مدينه في مصر والحكومة والمجتمع المدني والهيئات الضابطة للصحافة والإعلام والقطاع الخاص وشركات التكنولوجيا الكبرى وأن يكون مؤتمرا على مدار 3 أيام يعقد بمقر النقابة ويقدم فيه دراسات وأبحاث محكمة حتى نضمن أن يبذل الباحثين فيها جهد حتى نصل إلى خارطة طريق لإنقاذ الصحافة الورقية وجددت تقديمه للمجلس الحالي للنقابة فور انتخابه.
خاصة وأن نقابة الصحفيين المصرية هي نقابة الصحفيين العاملين في الصحافة الورقية بحكم قانونها الذي تجاوز عمره 52 عاما ولا يعترف بأي نوع من أنواع الصحافة إلا الورقية وهو الأمر الذي يفرض إحداث تغيير في قانون النقابة حتى تحتوي المواقع الإلكترونية المرخصة والتي بلغت حتى الآن أكثر من 250 موقعا أغلبهم بلا جرائد.
وقضية مستقبل الصحافة الورقية تمت مناقشتها على المستوى العالمي في أكثر من مؤتمر وندوة تنظمها اتحادات وروابط الصحفيين وملاك الصحف الدولية، ووضعت هذه المؤتمرات مجموعة من التوصيات في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والصحف التي اتبعت هذه التوصيات حافظت بقدر كبير على نسب توزيعها لأنها أصبحت تقدم محتوي لا تستطيع المواقع الإخبارية الإلكترونية ولا القنوات الفضائية تقديمه، وبالتالي هناك نماذج وإن كانت قليله جدا نجحت في تحقيق الاستقرار على الأقل لموارد الصحيفة وتحقق لها الاكتفاء الذاتي بدون أرباح، كما كان يحدث قبل الثورة التكنولوجية.
مهنة الصحافة في مصر في خطر وهو الأمر الذي دفع إدارة معرض الكتاب تخصيص ندوة لإلقاء الضوء على الأزمة التي تزداد يوميا وانعكس ذلك على الصحفيين أنفسهم والبحث عن أعمال أخرى لتوفير دخل مناسب لهم.
فشكرا لإدارة معرض الكتاب على هذه اللفتة ولا عزاء لنقابه الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية