في الجانب الآخر من الصراع، وأقصد الجانب الإسرائيلي، هناك متلاعبون بالكلمات والأرواح، يقتلون الناس تحت أنقاض بيوتهم المضروبة بالصواريخ، ثم يدعون بأنهم في حالة «دفاع عن النفس»، ويلتقط بعض الأوروبيين تلك المقولة ويرددونها دون حياء، فهل ما يحدث في غزة دفاع عن النفس؟
ما نعرفه، وما نفهمه، من خلال اطلاعنا المحدود وثقافتنا المتواضعة في القانون، نتصور أن «الدفاع عن النفس» قاعدة قانونية تبرئ القاتل ولا تعاقب المعتدي، ذلك بشكل عام، ولكن العام يخصص، وتحكمه معايير مشددة ودقيقة، فمن شرع القوانين ووضع القواعد لا يريد إحداث فوضى في المجتمعات أو بين الدول، لهذا قيدت تلك القاعدة المسماة بالدفاع عن النفس، وحجزت داخل قوالب لا تسمح بالانفلات، كما كان يحدث في الغرب الأمريكي أيام «الكاوبوي»، فتلك ثقافة تجاوزها الزمن، ولم يعد مسموحاً للشخص، أياً كان مسماه وموقعه في الجريمة، أن يتجاوز المعايير والشروط الحاكمة لحجة الدفاع عن النفس!
الدفاع عن النفس مرتبط باللحظة التي يقع فيها الحدث، وهي تسمى تجاوزاً «لحظة الصدمة»، مثل إشهار أداة قاتلة في وجه شخص أعزل، أو دخول متطفل مسلح أملاك غيره، أو التعدي على حرمة المنزل وإرهاب أهله، هنا يكون الدفاع عن النفس، في المكان ذاته، وفي الزمان ذاته، أما المطاردة بين الأحياء السكنية، وتفجير المساكن بحثاً عن ذلك المعتدي، وقتل أفراد أسرته وجيرانه وكل من يمتون إليه بصلة، ولمدة تزيد على 100 يوم، والإصرار على أن ذلك دفاع عن النفس، فهذا ليس إلا انتقاماً غير مبرر وعدواناً مرفوضاً بحكم القانون عند الذين يحترمون القوانين.
غزة ضحية أطراف تلاعبت بها أرضاً وشعباً، ابتداء من تلك المجموعة التي نفذت مغامرة حماس «المدروسة»، إلى دفاع نتانياهو عن نفسه بين مليوني شخص!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية