تابعت الانزعاج الشديد من بعض الدول التي تم انتقادها في تقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.. هذا الانزعاج غير مبرر، حتى وإن كان النقد فيه قاسيا.
ولكن يجب أن نعرف أن التقارير الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية هي تقارير سياسية بامتياز.. وبالتالي فهي منحازة ومصيرها «صندوق القمامة»، وليس الرد عليها بالبيانات والإدانات والاستنكار والشجب، فكل هذا مجهود يضيع سدي.. الأولى به مصالح الناس والبلاد.
وعودة الخارجية الأمريكية إلى إصدار هذه التقارير وفي الوقت الحالي يجعل تقاريرها مجرد أوراق لا قيمة لها في ظل تبريرها كل يوم للجرائم الإسرائيلية في غزة ودعم القتل والمجازر بكل بجاحة وصلف، وتمد القاتل بالسلاح ليواصل جرائمه.. بل وتمارس ضغوطا على كل من ينتقد هذه المجازر.
ورأينا الضغوط الأمريكية الإسرائيلية الغربية على قضاة محكمة العدل الدولية لوقف نظر دعوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني لخرقه اتفاقية منع الإبادة الجماعية في غزة.
وكان يجب على الدول التي أزعجها التقرير أن يخرج مسئول بها وعلى الهواء مباشرة ويلقي التقرير في صندوق قمامة أو ماكينة فرم الأوراق يعلق بكلمة واحدة وهي «طز» الشهيرة.
فمنذ يوم 7 أكتوبر لا يجوز للإدارة الأمريكية ولا الاتحاد والبرلمان الأوروبي أن يتحدثوا عن الحريات وحقوق الإنسان.. ولا يحق لهم إصدار تقارير وقرارات لأي دولة في هذا الملف، لأن انحيازهم الأعمى للكيان الصهيوني أفقد مصداقيته وجعلهم دول عنصرية بامتياز، دول لا ترى في العالم شعوب تستحق الحياة إلا هم.
وسوف تتأكد هذه العنصرية عندما تصدر محكمة العدل الدولية قرارها في الدعوى التي بدأت نظرها يوم الخميس، وسوف يكون القرار إدانة للغرب والولايات المتحدة ولكل من ساند القتل بلا رحمة للآلاف من البشر.
فالرسالة التي أرادت أن تصلها جنوب أفريقيا وصلت إلى العالم كله وإلى كل من تابع جلسة يوم الخميس وردود الفعل الصهيونية الهستيرية من أول نتنياهو وحتى أصغر مسؤول في الخارجية الإسرائيلية.
العدوان على غزة فرز العالم والحكومات وأظهرها على حقيقتها وظهر من يدافع عن الإنسانية وحقوق بني البشر ويؤمن بعدالة قضية حقوق الإنسان والحريات العامة ومبادئ المساواة بين بني البشر بصدق وبقوة، ومن يرفعها شعار زائفا يستخدمه لابتزاز الحكومات واستنزاف خيرات الشعوب.. وتهديد الحكومات الضعيفة لإخضاعها وتحويلها عصي لمن يخرج عن طوعهم.
تقارير الخارجية الأمريكية هي مجرد أداة لابتزاز الحكومات الضعيفة وعزلها والتهديد بقطع المعونات، ولكن هذه التقارير أصبحت الآن سلاحا فاسدا لن يصدقه أي إنسان على الأرض حتى لو أورد حقائق، ولولا بيانات الرد التي صدرت من بعض الحكومات لما عرف الناس أن هناك تقريرا للحريات الدينية صدر. للمرة الثانية مثل هذا التقرير وغيره من تقارير الإدارة الأمريكية مكانه صندوق القمامة وتجاهله وكأنه لم يكن، لأنه فقد مصداقيته قبل كتابته، ولأن الحكومة التي أصدرته حكومة عنصرية بامتياز وهي من أول من انتهك حقوق الإنسان والحريات الدينية في بلادهم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية