نون والقلم

محمد يوسف يكتب: بلير و«التهجير الطوعي»

ليس هناك شيء اسمه «التهجير الطوعي»، في كل لغات العالم، وفي اللهجات العامية من بعد الفصحى، حتى في لغة الإشارة، التهجير له معنى واحد لا غير، هو التهجير، أي الطرد، وهو فعل خاص بالإنسان، ذلك الكائن الذي تطور وتكيف وتحضر بعد أن استقر في أرض هي أرضه، وبنى مدناً وبلدات وقرى، وأقام منازل وشق طرقاً وكون مجتمعاً له صفاته، وتعايش مع الذين يشاركون في الأرض التي أصبحت وطناً.

فإن حدث تهجير للإنسان فهذا يعني أنه مجبر على ذلك، والمجبر هو المضطر نتيجة ظروف قاسية جعلت العيش في أرضه شبه مستحيل، مثل الكوارث الطبيعية التي تشمل الزلازل والفيضانات والحرائق المدمرة، وهناك ظروف من صنع البشر، مثل العدوان والحرب والتدمير المقصود لمقومات الحياة في الأرض التي كانت مأوى ومصدر رزق وإحساس بالأمان، ولم يحدث أن غادر الناس طوعاً أرضهم لارتباطهم بها، فتلك صفة يمكن أن تكون في طباع كائنات أخرى، مثل الطيور والأسماك والحيوانات، ولا يقال إنها مهجرة طوعاً، بل مهاجرة، بحثاً عن الأجواء الدافئة أو المراعي ومصادر القوت في المواسم، ومع ذلك تعود إلى مواطنها باختيارها كما هاجرت باختيارها.

الظالم فقط هو من يخترع المسميات، خضوعاً لجبروته، ولطغيانه، هو الذي يعتدي دون رحمة، وهو الذي يقتحم البيوت، وهو الذي يطرد الناس من أرضهم، وهذا ما يحدث في غزة اليوم، طرد شعب من أرضه بالقوة الجبرية، ثم يأتي شخص من أمريكا أو بريطانيا ليقول لنا إنه سيبحث مسألة التهجير الطوعي لسكان الأرض وملاكها حسب التاريخ والقانون والفطرة الإنسانية.

كما قال «طوني بلير» الذي أعيد إلى الأضواء أخيراً، وسيطاً أو ممثلاً أممياً أو أية صفة جديدة ألصقت به، فهو في البداية والنهاية يحمل على كاهله وزر ما حدث ويحدث في العراق، فقد كان الشريك الأصيل في مؤامرة «أسلحة الدمار الشامل» والغزو غير المبرر أبداً عام 2003، ومثله لا يمكن أن يقف مع الحق في غزة!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى