اخترنا لكالأخبار

الإنسانية تتأرجح في التعاطي مع جريمة الاعتداء على المناخ (تهديد الوجود)

ملف من إعداد: أحمد عبد السميع

أخبار ذات صلة

بين واقع وصفته الأمم المتحدة على لسان أمينها العام أنطونيو غويتريش بـ”أبواب الجحيم” والدخول في “عصر الغليان”، وبين تعهدات يأمل الناس بتنفيذها .. يتأرجح التعاطي الإنساني مع جريمته التاريخية بالاعتداء على المناخ، الذي يشكل تهديداً أمنياً عالمياً يمكن أن تتجاوز تداعياته وتأثيراته ما قد تنتجه الحروب التقليدية بين الدول إلى تهديد للوجود بأكمله.

دوت صرخات الأمم المتحدة خلال عام 2023 قائلة: أوقفوا إطلاق النار على الكوكب.. تحركوا في الانتقال العادل للطاقة بعيداً عن الاقتصادات الملوثة إلى اقتصادات محلية وصحية وتشاركية، فالعدالة البيئية تعني حق الجميع في الحماية وتقرير المصير.. علينا حماية النظم البيئية وتحقيق صفر كربون”.

طالبت جامعات ودراسات بالابتعاد عن الحلول الزائفة.. والحذر من الهندسة الجيولوجية فالتجارب الخاطئة سينجم عنها عواقب مروعة، لافتة إلى أن توفير الطاقة عند الطلب أكبر تحديات الطاقة المتجددة (الرياح والطاقة الشمسية)، وموضحة أن عملية تحمل البلدان التزامات دولية بمعالجة انبعاثاتها، مستحيلة في غياب بيانات موثوقة.

قالت الأمم المتحدة عبر موقعها: https://www.undp.org/ar/arab-states/blog/qamws-hwl-mstlhat-almnakh-dlyl-عبywmy-ltghyr-almnakh، أدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي والمحيطات والأرض، بما انعكس بالضرر البالغ على الصحة وعلى توازن النظم البيئية وتسبب في المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الأعاصير الشديدة  والمتكررة، والفيضانات، وموجات الحرارة، والجفاف، وارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل وذوبان الأنهار الجليدية .

أظهرت البيانات الأممية، أن الشعوب الأصلية (منطقة الأمازون) يقدمون الغذاء لأكثر من 70% من سكان العالم ويستخدمون أقل من 25% من الأراضي الزراعية، إذ تعد أساليب حياة الشعوب الأصلية منخفضة الكربون بطبيعتها وتؤكد التوازن بين البشر والعالم الطبيعي، وتحمي الشعوب الأصلية ما يقدر بنحو 80 % من التنوع البيولوجي المتبقي في العالم.

أكد تقرير “فجوة الانبعاثات”، أن نافذة الفرص على وشك الإغلاق، منوهاً إلى أن العالم لا يسير على المسار الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس، ويمكن أن تصل درجات الحرارة العالمية إلى 2.8 درجة مئوية بنهاية القرن، مطالباً العالم بخفض الانبعاثات بنسبة 45 % لتجنب وقوع كارثة عالمية”. يتوفر التقرير عبر رابط https://www.unep.org/ar/resources/tqryr-fjwt-alanbathat-lam-2022.

أفاد التقرير، أنه في عام 2020، صدرت سبع دول حوالي 50% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فيما صدرت مجموعة العشرين 75% من غازات الاحتباس الحراري، وضمت قائمة الدول السبع (الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند والاتحاد الأوروبي وإندونيسيا والاتحاد الروسي والبرازيل)، فيما تضم قائمة مجموعة الـ20 (الارجنتين ، استراليا ، البرازيل، كندا، الصين ، فرنسا ، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، جمهورية كوريا، المكسيك، المملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي).

مؤتمر”cop28

في النصف الأول من شهر ديسمبر الجاري، أعلن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ “cop28″، جمع وتحفيز تعهدات تتجاوز 85 مليار دولار لتمويل العمل المناخي، وخفض الانبعاثات الأخرى غير ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير، بما في ذلك على وجه الخصوص انبعاثات الميثان، على مستوى العالم بحلول 2030.

وقالت الأمم المتحدة: إن “cop28” شكل لحظة فارقة لتصحيح مسار البشرية بشأن جريمتها المناخية بالاعتداء على الطبيعة، إذ عقد المؤتمر في العام الأكثر سخونة على الإطلاق في التاريخ، والذي شهد آثار أزمة المناخ في إحداث دمار غير مسبوق في حياة الإنسان وسبل عيشه في جميع أنحاء العالم.

جاء في التقرير المؤقت عن حالة المناخ العالمي لعام 2023 الصادر في 30 نوفمبر 2030 عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، والمتوفر على https://news.un.org/ar/interview/2023/11/1126542، أن عام 2023 شهد تحطيماً للأرقام القياسية فيما يتعلق بدرجة حرارة الأرض وارتفاع مستوى سطح البحر وما صاحب ذلك من طقس متطرف خلف آثاراً من الدمار واليأس.

استضاف “cop28″ أكثر من 140 رئيس دولة وكبار القادة الحكوميين وأكثر من 80 ألف مندوب وأكثر من 5 آلاف متخصص في وسائل الإعلام.

وصف المفاوضون والمسؤولون، مؤتمر الأطراف” cop28″ بـ” استعادة الفرصة لمواجهة التحديات المناخية”، حيث حقق “cop28″ الاستجابة للهدف العالمي بتفادي تجاوز حرارة كوكب الأرض 1.5 درجة مئوية بحلول 2050، إذ صادق بالإجماع وزراء حكومات 197 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، على اتفاق تمت تسميته بـ” إجماع الإمارات” ويقضي بالتخلي تدريجياً عن الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز).

قال تقرير العمل المناخي المنشور على موقع الأمم المتحدة https://www.un.org/hi/node/171798،: إن الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل أكثر من 75 % من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 % من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

لقطة جماعية للرؤساء المشاركين في مؤتمر المناخ كوب 28

قمة القادة

في اجتماع قمة رؤساء الدول خلال افتتاح “cop28″، أعلن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، ويهدف الصندوق إلى تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول 2030.

من جانبها، أعلنت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي، خلال مشاركتها في “cop28″، أن الولايات المتحدة تتعهد بتقديم ثلاثة مليارات دولار أميركي لصندوق المناخ الأخضر- أكبر صندوق دولي مخصص لدعم العمل المناخي في الدول النامية وحصل على تعهدات تزيد على 20 مليار دولار-.

بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في اليوم الختامي لـ”cop28″عن ارتياحه لنتائج “cop28″ وتأكيده على الحاجة إلى التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري بعد سنوات عديدة تم فيها حظر مناقشة هذه القضية، مشدداً على أنه قد حان الوقت لتحقيق طفرة في التمويل، بما في ذلك التكيف مع الخسائر والأضرار وإصلاح الهيكل المالي الدولي”.

أشارغويتريش إلى أنه يعمل مع حكومة البرازيل بصفتها رئيس مجموعة العشرين للمساعدة في تعزيز هذه الإصلاحات المهمة، لافتا إلى أن هذا الجهد سيكون أيضًا محوراً رئيسياً لقمة المستقبل في سبتمبر 2024.

بدوره، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي استضافت بلاده “cop27” العام الماضي، إن مسئوليتنا كقادة مجتمعين في “cop28″ هي تأكيد الرسالة الواضحة بأننا ملتزمون، بل طموحون في إجراءاتنا وفي تنفيذها بما يتفق مع ما توافقنا عليه في باريس، سواء ما يتعلق بالتجاوب مع التوصيات العلمية أو الالتزام بالمسئوليات والتعهدات، وفقاً لقدرات كل دولة وحجم مسئولياتها التاريخية والحالية”.

أطلق “cop28″، حوالي 200 إعلان وتعهد من الأطراف في مجالات المناخ المختلفة، والعديد من مبادرات منظمات مختصة بتغير المناخ ، فضلاً عن إضافة قضايا جديدة منها: الصحة والإغاثة ،، التمويل والتجارة، الطاقة والصناعة، والتحول العادل والسكان الأصليين، الشباب والأطفال، الطبيعة واستخدام الأراضي والمحيطات، الغذاء والزراعة والمياه.

قال سلطان الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف “cop28” في ختام المؤتمر: “مع إشارة غير مسبوقة إلى التحول عن جميع أنواع الوقود الأحفوري، فإن اتفاق الإمارات العربية المتحدة يحقق نقلة نوعية لديها القدرة على إعادة تعريف اقتصاداتنا”.

أضاف الجابر: “قدمنا خطة عمل محكمة للحفاظ على إمكانية تفادي تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، استنادا إلى الحقائق العلمية. وتعد خطة العمل هذه متوازنة، تساهم في الحد من الانبعاثات، ومعالجة الثغرات الموجودة في موضوع التكيف، وتطوير وإعادة صياغة آليات التمويل المناخي العالمي، وتحقيق متطلبات معالجة الخسائر والأضرار”.

إطلالة مباشرة

على هامش فعاليات “cop28” التي عقدت في دبي من الفترة من 30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023 ، التقت “نون” عدداً من مسؤولي البلدان ومختصين مناخيين ومنظمات مجتمع مدني للوقوف على جانب من التفاعل الرسمي والمجتمعي مع التحديات المناخية.

كشف المجتمع المدني الأفريقي خلال “cop28″عن خمس أولويات رئيسية لمكافحة تغير المناخ، وهي التكيف، والخسائر والأضرار، وأنظمة استخدام الغذاء والأراضي، وحماية الغابات واستعادتها، بحسب سيكو سار، السكرتير التنفيذي لمنظمة أندا العالم الثالث غير الحكومية، التي تمثل مجموعة من المنظمات غير الحكومية الأفريقية.

اجتمعت هذه المنظمات غير الحكومية في إطار منصة مشتركة، تم إطلاقها خلال “cop28” وهي تحالف “مجموعة البنك الأفريقي للتنمية والمجتمع المدني للمناخ والطاقة”. أفريقيا هي القارة التي تعاني أكثر من غيرها من آثار تغير المناخ، والأكثر تضرراً والأقل حصولاً على تمويلات المناخ.

من جهته، قال نزار ثاميدي وزير البيئة في العراق، إن بلاده تعد من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية والتي تجلت في التصحر وشح المياه وارتفاع درجة الحرارة، منوهاً إلى أن العراق يأتي في مقدمة الدول الاكثر هشاشة في مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية وأن الخطط تركز على استخدام الطاقات المتجددة وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للتغيرات المناخية واستدامة كفاءة الطاقة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

لقطة لاحدى تظاهرات منظمات المجتمع المدني على هامش كوب 28

من جانبه، أشار الدكتور محمود فتح الله وزير مفوض رئيس جناح جامعة الدول العربية في “cop28″، إلى أن التصحر والجفاف والأمن الغذائي من أبرز التحديات الناجمة عن التغير المناخي في المنطقة العربية.

أظهر التقرير الاقتصادي العربي 2022، أن الدول العربية تعاني من ظاهرة التصـحر، حيث بلغ مجموع المسـاحات المتصحرة حوالي 9 مليون كم تمثل حوالي 68 % من مسـاحة هذه الدول، وتتركز معظم هذه المسـاحة في منطقة المغرب العربي بنسـبة 53.4 في %، وتقدر مساحة الأراضي المهددة بالتصحر بحوالي 3.6 مليون كم.

من جانبه، قدم المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد”، خلال “cop28″، العديد من الحلول المناخية المتميزة بنتائج تطبيقات ميدانية لكافة البيئات العربية والموارد البيئة والتعامل مع شح المياه، بحسب الدكتور أيهم حمصي مدير إدارة الاقتصاد والتخطيط في المركز.

أفاد الدكتور محمد بن فلاح الرشيدي، وزير مفوض، مدير جناح دول مجلس التعاون في”cop28”:بأن دول مجلس التعاون تعمل على تحقيق الحياد الصفري ودمج الطاقات المتجددة وزيادة نسبتها عبر خطط استراتيجية مرنة في تبني تقنيات الطاقة المتجدد المطورة والفعالة في عدة قطاعات أبرزها توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، المباني الخضراء، والاقتصاد الدائري.

في ذات السياق، أشار الدكتور الطاهر الباعور الوزير المكلف في وزارة الخارجية والتعاون الليبي رئيس وفد بلاده في “cop28” إلى الأضرار المناخية التي تعرضت لها بلاده وآخرها إعصار “دانيال” الذي ضرب ليبيا في سبتمبر الماضي وأسفر عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، لافتاً إلى أن بلاده استطاعت خلال عام 2022، إنجاز خطتها بإنتاج كامل احتياجاتها من الكهرباء بالاعتماد على الغاز الطبيعي بدلاً من الوقود السائل “الديزل أو النفط الخام” لإنتاج الطاقة الكهربائية، ما يسهم في الحد من التلوث الكربوني.

التهديد الصحي

كشفت منظمة الصحة العالمية، الواردة في تقرير العمل المناخي المنشور على موقع: https://www.un.org/ar/climatechange/raising-ambition/renewable-energy، أن 99% من سكان الكوكب يتنفسون هواء يتجاوز الحدود القصوى لجودة الهواء، وهذا الهواء يهدد صحتهم، ويرجع أكثر من 13 مليون حالة وفاة في العالم كل عام إلى أسباب بيئية يمكن تجنبها، لاسيما تلوث الهواء.

تشير بيانات المنظمة إلى أن ملياري شخص يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة وأن 600 مليون شخص يعانون من الأمراض المنقولة بالغذاء سنوياً، وتبلغ نسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين يموتون بالأمراض المنقولة بالأغذية 30%.

وقالت المنظمة، إن أزمة المناخ تهدد بنسف التقدم الذي أُحرز على مدى الأعوام الخمسين الأخيرة في مجالات التنمية والصحة العالمية والحد من الفقر، منوهة إلى أن الضغوط الصحية تدفع بالفعل قرابة 100 مليون فرد إلى براثن الفقر كل عام.

حرائق الغابات

الانبعاثات الكربونية

زادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بأكثر من 60% خلال الفترة من 1940-2023، ومن المتوقع أن ترتفع الانبعاثات في عام 2023 لتصل إلى مستوى قياسي يبلغ 37.55 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، بحسب تقرير “ستاتيستا”- الشركة الألمانية المتخصصة في بيانات المستهلكين- والمتوفر عبر رابط: https://www-statista-com.translate.goog/statistics/1356760/global-methane-emissions-by-leading-country/?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=wapp.

لفت التقرير إلى أن فيروس كوفيد -19 تسبب في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بنحو 5.5% في عام 2020 نتيجة لعمليات الإغلاق والقيود الأخرى كما أدى الركود العالمي في عام 2009 إلى انخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 2%.

أوضح أن الكهرباء المولدة بالفحم أكبر مساهم في انبعاثات الغازات الدفيئة والتي ينبعث منها ما يقرب من 8 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتعد الصين أكبر منتج للكهرباء المولدة بالفحم على الإطلاق وهي بالتالي مسؤولة عن حصة ضخمة من الانبعاثات.

الغازات الدفيئة هي غازات تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يتسبب في ظاهرة الاحترار العالمي وتغير المناخ، وهي غازات تنبعث من النشاط البشري هي ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكاسيد النيتروجين، وكذلك الغازات المفلورة الموجودة في معدات محددة للتبريد وبخار الماء، بحسب قاموس المصطلحات المناخية للأمم المتحدة.

وأشار تقرير “ستاتيستا” إلى أن حرق الفحم المتزايد في الصين خلال العقود الأخيرة أدى إلى تحولها إلى أكبر مصدر للانبعاثات في العالم بعد أن تجاوزت الولايات المتحدة أول العقد الأول من القرن الـ21، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية هي أكبر مصدر للانبعاثات في التاريخ من حيث الانبعاثات التراكمية حيث أنتجت أكثر من 500 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري واستخدام الأراضي منذ بدء تسجيل بيانات المناخ في عام 1850.

قال التقرير: يمثل قطاع الزراعة يمثل 12% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية سنوياً وهو أكبر مصدر بشري لانبعاثات الميثان وأكسيد النيتروز ، وهما غازان قويان من غازات الدفيئة. وتشكل الماشية 7% من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتأتي انبعاثات الماشية بشكل رئيسي من التخمر المعوي وهو جزء من العملية الهضمية في الحيوانات المجترة مثل الماشية التي تنتج كمية كبيرة من الميثان.

كما تشير التقديرات إلى أن الإنتاج الزراعي مسؤول عن 40% من انبعاثات النظام الغذائي العالمي والتي يقدرها البعض بحوالي 18 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، والحصة الأكبر من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالزراعة تأتي من آسيا، حيث يتم إنتاج حوالي 4 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون كل عام على الأراضي الزراعية، ويتم إنتاج الكثير من هذه الانبعاثات في الصين والهند وهما أكبر الملوثين في القطاع عند النظر فقط من باب الزراعة وعند أخذ استخدام الأراضي في الاعتبار أيضا.

كما تصنف البرازيل على أنها أكبر مصدر للانبعاثات الزراعية في جميع أنحاء العالم وذلك نتيجة إزالة الغابات في منطقة الأمازون لزراعة فول الصويا وأراضي رعي الماشية فعند إزالة الغابات يتم إطلاق الكربون الذي تم تخزينه في الأشجار مرة أخرى إلى الغلاف الجوي.

ذوبان الجليد

حلول واقعية

من جهته، قال الدكتور عبد الفتاح بدر الأستاذ بكلية العلوم جامعة حلوان في مصر، نحتاج حلول واقعية لزراعة نباتات تلائم التغير المناخي والاستفادة بالأراضي المستصلحة التي تتوسع فيها الدولة المصرية لزراعة محاصيل غير تقليدية تتواءم مع ظروف الملوحة والجفاف.

في نفس السياق، ذكر الدكتور محمود عبدالعزيز التوني، أستاذ الاقتصاد في جامعة حلوان، أن التغير المناخي يؤثر على إنتاج الغذاء حول العالم، إذ أدى إلى نقص بنسبة 15% من إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية مثل القمح والأرز والذرة بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر والذي أثر بالتالي على ارتفاع أسعار الغذاء حول العالم.

من جهتها، أكدت الدكتورة أميرة درويش أستاذ علوم الأغذية بكلية الصناعة وتكنولوجيا الطاقة في جامعة برج العرب التكنولوجية، ضرورة العمل على ابتكار حلول جديدة لمشكلة الأمن الغذائي في العالم ، بما يضمن للأجيال المقبلة مستقبلاً مشرقاً ومستداما.

شددت درويش على أهمية إحلال البروتين الحيواني ذي البصمة الكربونية الأقل وبما يقلل استهلاك الأرض والمياة، مشيرة إلى أن تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي يشهدان تزايداً في حدتهما عالمياً، ما يشكل تهديداً على حياة وسبل عيش الملايين من البشر.

لاجئو المناخ

أدت التغيرات المناخية إلى كوارث متفاقمة أقلها نزوح داخلي لنحو 32.6 مليون شخص في عام 2022، وفقًا للتقرير العالمي الصادر عن مركز رصد النزوح الداخلي.

توقع تقرير على موقع “أوزون” https://ozoneeg.net/2023/11/12/%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%a6-%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%ae%d9%8a/، أن يبلغ مليار لاجئ بسبب المناخ بحلول عام 2050، بسبب الفيضانات والعواصف والجفاف وحرائق الغابات وما إلى ذلك.

ويعد المناخ سبب غير مباشر للعديد من الصراعات الداخلية إلى جانب عوامل أخرى وأبرز هذه الأمثلة، الحرب الأهلية بسبب الجفاف ودارفور في ثمانينات القرن الماضي بسبب الجفاف الذي أدى لنزوح السكان إلى منطقة جبل مرة والتي يقطنها مزارعين ينتمون إلى قبائل الفور الأفريقية ما أحدث مواجهات ونزاعات وصراعات بين الجانبين وتم تصدير الصراع على أنه اثني بين العرب والأفارقة أو بين المستوطنين والسكان الأصليين.

مخدوعون/ات في المنزل الحار

تشير التقديرات إلى أن ما بين من 44% إلى 57% من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تأتي من السلسلة الغذائية الصناعية بما في ذلك إزالة الغابات والإنتاج على نطاق صعب كثيف الطاقة والمعالجة والتعبئة والتجزئة والنقل والتبريد والنفايات”، بحسب النسخة الثالثة من كتاب “مخدوعون/ آت في المنزل الحار”، والذي صدر بالتزامن مع انعقاد مؤتمر المناخ “cop28″ والمتوفر على  https://climatefalsesolutions.org/.

استعرض الكتاب ما وصفه بـ ” الحلول المناخية الزائفة” والتي تشمل مقترحات تسعى لتحويل التربة إلى أحواض للكربون ، والتحكم بتنوع البذور وغيرها ممن أدت ممارساتها غير المسؤولة والمميتة إلى خفض التنوع البيولوجي وزيادة استخدام السموم الزراعية وتوسيع التلاعب الجيني /الوراثي وكل ما قاد إلى ظهور الأعشاب الضارة ومن ثم بقاء الحياة كما نعرفها على حافة الهاوية.

كما تطرق إلى أن أحد الحلول الزائفة لمواجهة التغير المناخي يتمثل بـ”الوقود الحيوي” كبديل للوقود الأحفوري، حيث يتضمن “الوقود الحيوي” كل شيء من القمامة إلى الأشجار ونفايات البناء وهدم الأخشاب ومطحنة الورق السامة والأعشاب أو مخلفات المحاصيل ومخلفات الدواجن وحرق الأشجار في محطات الطاقة.

أكد “مخدوعون /ات في المنزل الحار” بأن  كل أنواع الوقود الحيوي تخلق التلوث أثناء الاحتراق ويمكن أن تنافس او تفوق التلوث الناتج عن حرق الفحم، استناداً إلى تقارير مرصد الوقود الحيوي (biofuelwatch.org.uk )، وشبكة عدالة الطاقة ( energyjustice.net/biomass)

أظهرت البيانات الواردة في “مخدوعون/آت في المنزل الحار” والمستقاة من المؤسسات العالمية، أن الفلاحين والشعوب الأصلية أعطت الإنسانية 2.1 مليون صنفاً من 7 آلاف نوع من النباتات المدجنة يركز المربون التجاريون على 137 نوعاً فقط من المحاصيل ، منها 16 محصولاً فقط تمثل 86% من إنتاج الغذاء العالمي، إن التركيز على التنوع البيولوجي ضروري لبناء المرونة التي نحتاجها في مواجهة الأزمة المناخية.

التصحر

أوضحت أن قطع الغابات لإنشاء مزارع أو مراعي، أو لأسبابٍ أخرى، يتسبب في انبعاثات، لأن الأشجار، عند قطعها، تطلق الكربون الذي كانت تخزنه، ويتم تدمير ما يقارب 12 مليون هكتار من الغابات كل عام.

أشارت إلى أن مطامر النفايات تعد ثالث أكبر مصدر من المواد المصنعة للميثان في العالم بعد الماشية والغاز الطبيعي ويتكون حوالي نصف غاز المكب من الميثان والنصف الآخر من ثاني أكسيد الكربون مزودا بالمئات من الملوثات السامة، منوهة إلى أن الكثير من الغازات تتسرب من المطامر كانبعاثات هاربة ما يسبب السرطان ومشاكل صحية أخرى في المجتمعات.

بحسب التحالف العالمي لجامعي النفايات( globalree.org)، مقابل كل 100 طن من النفايات المحروقة حوالي 70 طنا منها تصبح ملوث للهواء وأما 30 طناً الباقية فتصبح رماداً ساما يرمى في المطامر ما يجعلها أكثر ضرراً من إلقاء جميع النفايات في المكبات دون حرق والأسوأ من ذلك هو أن بعض النفايات تستخدم في محطات إعادة استخدام الرماد الخطرة.

أعرب “مخدوعون /ات في المنزل الحار” بأن الطاقة النووية ملوث جديد فرغم أن المفاعلات لا تطلق الكثير من ثاني أكسيد الكربون خلال توليد الكهرباء إلا أن الطاقة النووية تنتج غازات دفيئة أكبر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بعدة مرات حيث يستخدم تعدين اليورانيوم وطحنه وتخصيبه طاقة هائلة ما يسبب انبعاثات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري.

لفت إلى أن الجيش الأمريكي يقوم باستخدام اليورانيوم المستنفد في إنتاج الرصاص للطائرات المقاتلة وقذائف دروع الدبابات ما أدى إلى تلويث الأرض والجو والمياه في بورتريكو والعراق وأفغانستان حيث شاركت اميركا في حرب عسكرية واختبار الذخيرة ونظراً لأن اليورانيوم معدن ثقيل فإنه يترك آثاراً صحية متهددة وحادة وطويلة الأجل عند استنشاقه أو ابتلاعها، بحسب beyondunclear.org .

الصراعات والبيئة

تتسبب الحروب في زيادة الانبعاثات الضارة بالبيئة بصورة كبيرة، خاصةً الحروب التي تندلع داخل المدن، إذ يؤدي إلقاء القنابل والعبوات الناسفة والقذائف إلى إحداث أضرار وخيمة بالبيئة، نتيجة ما تحدثه من تدمير للحقول والغابات والتربة الزراعية وغيرها من التأثيرات البيئة.

قال تقرير نشره مرصد الصراعات والبيئة ceobs.org:”نحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لفهم التكاليف المناخية للحرب إذا أردنا تحديد المسارات نحو خفض الانبعاثات وزيادة القدرة على الصمود أثناء التعافي”.

خلال قمة القادة في “cop28″، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من أن الشعب الفلسطيني يواجه خطراً حقيقياً، ولديهم حد أدنى من الماء، والحرب تجعل مخاطر ندرة المياه والغذاء أكثر حدة، مشدداً على أنه لابد لمؤتمر الأطراف هذا العام أكثر من أي وقت مضى، أن يقر بأننا لا نستطيع الحديث عن التغير المناخي بمعزل عن المآسي الإنسانية التي نراها حولنا.

بدوره، قال المهندس أحمد أبوظاهر مسؤول الاتصال الفلسطيني في مؤتمرات الأطراف:” إن الوضع البيئي في دولة فلسطين كارثي نتيجة حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة والاشتباكات في الضفة”.

مع استمرار الحرب في غزة يُرجح أن يزداد تلوث البيئة أكثر، فخلال الخمسة والأربعين يوماً الأولى للحرب أسقطت إسرائيل أكثر من 22 ألف قنبلة على القطاع، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في 10 ديسمبر الجاري.

في سياق تأثير الحروب، قالت نائبة وزير البيئة الأوكراني، فكتوريا كيرييفا، على هامش “كوب28″، يوم 4 ديسمبر الجاري، إن الحرب مسؤولة عن 150 مليون طن من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

أشار تقرير نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة تحت عنوان ” فقدان التكيف: التأثيرات المتبادلة بين الصراعات المسلحة وأزمة المناخ” والمتوفر على رابط  https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/8870، إلى تزايد حدة الصراعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط والعالم، على غرار المواجهات العسكرية التي برزت خلال العام الجاري في السودان، والحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، فضلاً عن استمرار التأثيرات والتداعيات الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا.

أضاف التقرير أنه يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية المتسارعة إلى تصاعد الصراعات والحروب الداخلية، خاصةً في المناطق الأكثر حرارة وجفافاً، إذ يمكن لهذه الظاهرة أن تؤدي إلى ندرة الغذاء والمياه، ما قد يقود إلى تأجيج الصراعات والحروب الأهلية، وتُعد منطقة الساحل وغرب إفريقيا من بين أكثر المناطق المُعرضة للتأثيرات من هذا النوع.

أوضح التقرير أن التغيرات المناخية قد تكون سبباً مباشراً في نزاع أو صراع دولي، وخاصةً في حالات الصراع على الموارد المشتركة أو العابرة للحدود.

تشير التحليلات إلى أن ذوبان الجليد في منطقة القطب الشمالي، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، قد يفتح الباب أمام صراع كبير بين القوى الكبرى حول السيطرة على الموارد غير المستغلة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن، علاوة على أن ذوبان الجليد يمكن أن يزيد من مساحة التنافس الدولي للسيطرة على طرق تجارة الشحن. ووفقاً لتلك الرؤية، فإن الصراع المستقبلي أو ارتفاع وتيرة التنافس في القطب الشمالي، سيكون مدفوعاً في أجزاء كبيرة منه بالتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة في هذه المنطقة.

أحمد عبد السميع

مقترح

يشكل إضافة بند مشاركة وزراء الدفاع في فعاليات “cop” اعتباراً من “cop29” الذي تستضيفه أذربيجان خلال الفترة من 11-22 نوفمبر في عام 2024، فيما تستضيف البرازيل النسخة بعد القادمة من مؤتمرات الأطراف “cop30” في نوفمبر 2025، خطوة لتعزيز دور الجيوش في مواجهة تحديات المناخ من حيث خطط خفض الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة العسكرية المختلفة والمشاركة في خطط الحفاظ على الأراضي ومواجهة الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية كالفيضانات والجفاف ومنع نشوب الصراعات بسبب التغيرات المناخية.

أكدت العديد من الدراسات أن الأمر الأكثر إلحاحاً هو أن جميع الدول تتحمل التزامات دولية بمعالجة انبعاثاتها، وأن هذه العملية مستحيلة في غياب بيانات موثوقة، مشيرة إلى ضرورة تضمين الانبعاثات الكربونية العسكرية أنشطة الجيوش في السلم والحرب والتداعيات الناجمة عن الحروب بيئياً.

وفقاً لتقرير صادر عام 2022 عن منظمة علماء من أجل المسؤولية العالمية، ومرصد الصراعات والبيئة، فإن البصمة الكربونية العسكرية تُقدر بنحو 5.5% من الانبعاثات العالمية، ما يعني أن جيوش العالم لو كانت دولة، فإنها ستحتل المرتبة الرابعة عالمياً في انبعاثات الكربون.

قد تؤدي التغيرات البيئية إلى نشوب صراعات حول الموارد وينظر إلى الجيوش بأنها مسؤولة عن 50% من الانبعاثات الكربونية للحكومات ومن ثم يمكن أن تسهم بدور في مكافحة التغير المناخي عبر خفض الانبعاثات.

تم استبعاد الانبعاثات العسكرية من بروتوكولات كيوتو عام 1979 والذي يتناول الحد من غازات الاحتباس الحراري، وكذلك أعفيت مرة أخرى من اتفاق باريس في “cop21” وذلك على أساس أن نشر البيانات حول استخدام الطاقة من جانب الجيوش مكن أن يهدد الأمن القومي للدول. ومن جهة أخرى فإن البيانات التي تنشرها بعض الجيوش طواعية تعد غير موثوقة أو غير كاملة في أحسن الأحوال.

البنتاغون وتغير المناخ

أوضح كتاب ” البنتاغون وتغير المناخ والحرب”، أن البنتاغون أكبر مصدر منفرد لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم ، لافتاً إلى أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة ظل عائقاً أمام تبني سياسة تعاونية للحيلولة دون تفاقم تأثيرات تغير المناخ، خاصة أن البلدين يُعدان أكثر دولتين ملوثتين للبيئة في العالم.

على الرغم من الاتفاق بين بكين وواشنطن في منتصف نوفمبر 2023 على تعزيز التعاون بينهما، فإن صمود الاتفاق أو تحويله إلى ممارسة فعليه يمكن أن يصطدم بحالة المنافسة الجيوسياسية بين القوتين، وقد تكون الحروب سبباً مباشراً في تعزيز الفجوة الدولية في الاستجابة للتغيرات المناخية.

كما تعرقل الحروب مسار انتقال الطاقة عرقلة مسار انتقال الطاقة، وهو ما أفرزته الحرب الروسية في أوكرانيا. فمع توظيف موسكو ورقة الغاز الطبيعي كسلاح في حربها مع الغرب، ولمواجهة نقص الغاز الروسي في السوق الأوروبية، لجأ عدد من الدول داخل الاتحاد الأوروبي لتمديد أو إعادة فتح محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وذلك بعد إغلاقها استجابة لسياسات التحول للطاقة النظيفة.

من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي الارتفاع غير المسبوق في أسعار الطاقة عقب الحرب الأوكرانية، إلى تعزيز جهود الاستثمار في تطوير حقول النفط والغاز الطبيعي، وجميعها أهداف لا تصب في صالح التحول إلى الطاقة النظيفة بعيداً عن الوقود الأحفوري.

قال تقرير نشره موقع” المستقبل الأخضر في ديسمبر الجاري ” https://greenfue.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%AF/، لا ينكر أحد أن الحرب تضر بالبيئة، حيث تظل المواد الكيميائية السامة تلوث التربة والمياه لعقود من الزمن بعد توقف القتال، والأمر الأقل وضوحاً هو انبعاثات الكربون الناجمة عن الصراعات المسلحة وتأثيراتها الطويلة الأمد على المناخ.

قدرت ورقة بحثية لفريق جامعة كوين ماري في لندن، بأن المؤسسة العسكرية الأمريكية وحدها تساهم في انبعاثات الغازات الدفيئة من أكثر من 150 دولة، مشيرة إلى أن الجيوش لا تتمتع بالشفافية الكافية، ومن الصعب للغاية الوصول إلى البيانات اللازمة لإجراء حسابات شاملة لانبعاثات الكربون، حتى في وقت السلم.

حاول فريق جامعة كوين ماري فتح ما أسماه “الصندوق الأسود” للانبعاثات في زمن الحرب والمطالبة بتقديم تقارير شفافة عن الانبعاثات العسكرية ، مشيراً إلى أن الانبعاثات العسكرية لا تقتصر بالضرورة على زمن الحرب، ولكنها تزيد بشكل كبير أثناء القتال، ومن بين أكبر المصادر وقود الطائرات والديزل للدبابات والسفن البحرية.

وتشمل المصادر الأخرى للانبعاثات العسكرية، تصنيع الأسلحة والذخيرة، ونشر القوات، والإسكان، وتغذية الجيوش، ثم هناك الخراب الذي تسببه الجيوش بإسقاط القنابل، بما في ذلك الحرائق والدخان والركام الناجم عن الأضرار التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية – وكل ذلك يرقى إلى “بصمة حرب كربونية” هائلة.

ولفتت الورقة البحثية إلى أن تشييد الجدران والعوازل في منطقة الحروب يسهم بصورة كبيرة في الانبعاثات ، موضحاً أن للخرسانة أيضًا بصمة كربونية هائلة، حيث تمثل ما يقرب من 7٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية .

العمليات العسكرية وأثرها على المناخ

الغلاف الجليدي

أفاد تقرير” حالة الغلاف الجليدي 2023 “الصادر عن المبادرة العالمية لمناخ الغلاف الجليدي والمتوفر على موقع  https://iccinet.org/statecryo23/، أنه في حال زيادة حرارة الأرض بمقدار درجتين فإن جميع الأجزاء المتجمدة من الأرض سوف تتعرض لأضرار لا يمكن إصلاحها عند ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، مع عواقب وخيمة على الملايين من البشر والمجتمعات والطبيعة.

الغلاف الجليدي هو الاسم الذي يطلق على مناطق الثلوج والجليد على الأرض، ويتراوح من الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية والثلوج والتربة الصقيعية إلى الجليد البحري والمحيطات القطبية – التي تحمض بسرعة أكبر بكثير من المياه الدافئة

أوضح التقرير أن ذوبان أنهار الجليد يؤدي إلى إغراق وديان الأنهار في كشمير ونيبال وانخفاض هطول الأمطار يهدد الأمن المائي والغذائي إذ يعرض حياة حوالي 182 مليون شخص للموت بسبسب انتشار الأوبئة والمجاعات، كما أن التوقعات بذوبان الجليد في جرينلاند سوف يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر بمقدار 6 أمتار وهو ما يكفي لإغراق جميع الدول الجزرية المنخفضة تقريباً وكذلك المناطق الساحلية في دول العالم المختلفة.

قنبلة مناخية

يعد القطب الشمالي ثاني أكبر مخزن للكربون في العالم بعد غابات الأمازون ويتم وصفه بـ”ثلاجة العالم” لأنه ينظم درجات الحرارة العالمية، ومع ارتفاع درجات الحرارة تتصاعد المخاوف من أن يؤدي ذوبان التربة الصقيعية إلى إطلاق قنبلة مناخية فيطلق مليار طن من غازات الكربون إلى الغلاف الجوي ويوقظ البكتيريا والميكروبات التي ظلت نائمة لفترة طويلة ويغير المناظر الطبيعية القطبية على النحو الذي من شأنه أن يعطل الأنشطة البشرية المحلية والبيئية الأساسية.

كما أن ذوبان جليد المنطقة القطبية يوفر فرصة التنافس والصراع على موارد الطاقة الهائلة في تلك المنطقة والتي تقدر بنحو 30% من احتياطيات النفط والغاز غير المكتشفة في العالم، فضلاً عن أن المنطقة غنية بالأسماك والمعادن الطبيعة مثل النيكل والبلاتين والبلاديوم والعناصر الأرضية النادرة الحيوية للتكنولوجيا الحديثة والابتكارات المتطورة.

كما يشكل القطب الشمالي الجليدي منطقة جديدة للصراع بين القوى الكبرى خاصة وأن روسيا تسعى للاستفادة من إحياء طريق بحر الشمال باعتباره خطاً ملاحيا داخلياً في حين تعمل واشنطن على اعتباره مضيقاً دولياً حتى لا يصبح خاضعاً للسيادة الروسية.

ونوه تقرير ” فقدان التكيف” إلى أنه يمكن أن تؤدي الحروب والصراعات المسلحة إلى تفاقم أزمات المناخ، وقد يكون اندلاعها نتيجة للظواهر المناخية المتطرفة، كما تؤدي الحروب لتقليل مخصصات الاستجابة للتغيرات المناخية، إذ ستؤثر الحروب بالسلب في الاستجابة الفعالة للتهديدات المناخية، وذلك في ضوء جملة من الاعتبارات من بينها توجه الدول لزيادة الإنفاق الدفاعي ومخصصات الجيوش على حساب المخصصات التي يمكن أن توجه للعمل المناخي، وهذا ما انعكس بصورة مباشرة على الإنفاق العسكري العالمي عام 2022، والذي وصل إلى 2.24 تريليون دولار، كما شهدت أوروبا أكبر زيادة سنوية في إنفاقها الدفاعي منذ ثلاثة عقود.

ضعف المجتمعات

استعرض تقرير” فقدان التكيف”، تأثيرات الحروب على المناخ، إذ تؤدي الحروب والصراعات المسلحة إلى ضعف قدرة المجتمعات المحلية على التكيف مع التغيرات المناخية، والحد من تأثيراتها المتوقعة، إذ تتسبب الحروب في عدد من الكوارث، من بينها، تدمير البنية التحتية، وزيادة حالات اللجوء والنزوح، وتفاقم أزمات الغذاء والصحة، وهي العوامل التي تؤدي إلى زيادة هشاشة الدول وتراجع قدرتها على الصمود أو الاستجابة الفعالة للتغيرات المناخية بشكل عام.

توصل تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في يوليو 2020، إلى أنه من بين الــ25 دولة الأكثر عُرضة لتغير المناخ، توجد 14 دولة غارقة في الصراعات.

المقاومة المناخية

بدأت المسيرة الدولية لمفاوضات مكافحة التغير المناخي خلال قمة الأرض التي عقدت بريو دي جانيرو عام 1992، وتشكلت عقب هذه القمة الهيئة الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بهدف السماح للنظام البيئي بتحقيق التنمية المستدامة وتثبيت غازات الاحتباس الحراري في إطار زمني مع تقديم دعم الاستجابة العالمية للمخاطر التي يمثلها تغير المناخ، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ عام 1994، وصادق عليها 197 دولة والاتحاد الأوروبي.

انطلقت الدورة الأولى لقمة المناخ “cop1” في برلين بألمانيا عام 1995، وحددت أهدافاً لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتقرر عقد اجتماع سنوي كل عام في إحدى الدول، ولم تتأجل هذه الاجتماعات السنوية إلا مرة واحدة عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تم إرجاء “cop26” إلى عام 2021 بدلاً من 2020.

شكلت مؤتمرات “cop” محطات فارقة في جهود مواجهة التحديات المناخية ومنها :اجتماعات “cop3” في مدينة كيوتو اليابانية عام 1997،إذ جرى اعتماد بروتوكول كيوتو من قبل 195 دولة ودخل حيز التنفيذ عام 2005، وفرض بروتوكول كيوتو على 37 دولة متقدمة تخفيض الانبعاثات بمعدل عام يبلغ 5% مقارنة بالعام 1990، وتخفيض نسبة 8% من الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي وذلك في الفترة من 2008-2012.

شهدت اجتماعات الدورة السادسة لمؤتمر الأطراف التي تم استئنافها في مدينة بون الألمانية يوليو 2001، الاتفاق على ما تمت تسميته بـ “الآليات المرنة” بما فيها إنشاء ثلاثة صناديق جديدة لتقديم المساعدة للاحتياجات المرتبطة بالتغير المناخي.

اتفق المجتمع الدولي في قمة كوبنهاجن للتغير المناخي “cop15” عام 2009، بأن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بدرجتين مئويتين يمكن أن يؤدي إلى اختلال النظام الايكولوجي لكوكب الأرض، وتعهدت الدول المتقدمة بتخصيص 100 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2020 لمساعدة الدول النامية في بناء اقتصاد منخفض الكربون، وكذلك إخضاع إجراءات التمويل المقدمة للدول النامية إلى مراجعة دولية وإنشاء صندوق المناخ الأخضر لدعم مشاريع خفض الانبعاثات في الدول النامية.

توصلت الأطراف المشاركة في اجتماعات “cop21″ والتي استضافتها العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، إلى اتفاق تم وصفه بـ”التاريخي” لمكافحة تغير المناخ وتسريع تكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لمستقبل مستدام ذات انبعاثات منخفضة من الكربون، وتعزيز الاستجابة العالمية بالحد من زيادة درجة حرارة الكوكب لأكثر من 1.5 درجة بحلول 2050، إضافة إلى المطالبة بضرورة مراجعة التعهدات ورفعها وتقديم المساعدات المالية لدول الجنوب.

حققت قمة “cop26” في غلاسكو ببريطانيا عام2021، توافقات في مفاوضات مواجهة التغير المناخي منها مطالبة الدول بخفض الاعتماد على الفحم والتراجع عن دعم الوقود الأحفوري وذلك للمرة الأولى في تاريخ المؤتمر، وكذلك المطالبة بمضاعفة التمويل الجماعي للتمويل المناخي بحلول عام 2025 تحت بند يطلق عليه “الخسائر والأضرار”، وكذلك اتفاقية قواعد أسواق الكربون العالمية، وإعلان أمريكا والصين – أكبر دولتين من حيث الانبعاثات الكربونية- التعاون في تدابير تغير المناخ.

كما قادت أمريكا والاتحاد الأوروبي خلال قمة غلاسكو 2021، مبادرة عالمية لخفض غاز الميثان في 100 دولة بنسبة 30% بحلول 20230 مقارنة بمستويات 2020، كما وعدت أكثر من 100 دولة بوقف عملية قطع أشجار الغابات وتعويض ما تم قطعه بحلول 2030.

مدد مؤتمر المناخ “cop27” الذي عقد بمدينة شرم الشيخ نوفمبر 2022، اجتماعاته يوماً إضافياً للتوصل إلى توافق في المسائل الشائكة، وانتهت القمة بالتعهد بتقديم تمويلات مناخية جديدة للمرة الأولى وإنشاء صندوق “الخسائر والأضرار” لمساعدة البلدان النامية على معالجة آثار التغيرات المناخية، كما أجمع المشاركون على ضرورة إنتاج غذاء صحي ومستدام، فضلاً عن إدخال المياه في القطاعات المستحقة للتمويل المناخي ضمن سياسات التخفيف والتكيف، وإطلاق مصطلح “الحلول المستندة إلى الطبيعة” ضمن جهود الحفاظ على الغابات.

الزميل أحمد عبد السميع والدكتور محمود فتح الله وزير مفوض رئيس جناح جامعة الدول العربية في cop28

تجارب علمية

يمثل استعراض بعض التجارب العلمية لمواجهة تحديات التغير المناخي مساراً رئيسياً في تسليط الضوء على الجهود الإنسانية لمواجهة المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية، إذ يعمل العلماء منذ سنوات مجموعة مشاريع لتبريد الأرض عبر استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية (هندسة المناخ) وتقوم على التدخل المتعمد واسع النطاق في نظام المناخ على الأرض، لعكس ضوء الشمس مجددًا إلى الفضاء، وتبريد الكوكب، بحسب تقرير “الهندسة الجيولوجية الشمسية.. محاولات علمية للتدخل في نظام المناخ على الأرض” المتوفر على موقع: https://ozoneeg.net/2022/01/14/%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%A9/.

استعرض التقرير مشاريع علمية في حالة التجارب -حالياً- على أمل اعتمادها لمواجهة التحديات المناخية منها: ” الرغاوي الصناعية” الذي تقوم على فكرة تبريد الأرض عن طريق تغطية أجزاء كبيرة من المحيطات بما يسمى الرغاوي الصناعية في عملية تعرف برغاوي المحيط أو الفقاعات الدقيقة، مشيراً إلى أن المحيطات تغطي 70 % من سطح الأرض.

وأما مشروع “المدن البيضاء” فيعتمد على تبريد الأرض عن طريق طلاء البيوت والأسطح باللون الأبيض لتعكس أشعة الشمس، لأن السطح الأبيض أبرد بحوالي 30٪ من السطح الداكن، فيما تقوم فكرة مشروع “مرآة فضائية عاكسة” على استخدام أسطول من العاكسات الفضائية العملاقة وإطلاقها في الفضاء لتدور حول الأرض وتعكس المزيد من أشعة الشمس بعيداً عن الأرض، على أن يحدد حجم المرآة أو المرايا المستخدمة حسب مقدار ضوء الشمس الذي يمكن أن ينعكس نحو الفضاء، وبالتالي منع زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون وانخفاض درجة الحرارة.

أشار تقرير “أوزون” إلى انقسام العلماء حول مجال الهندسة الجيولوجية الشمسية والاستعانة به، ففريق يؤيد هذا الاتجاه باعتباره يوفر إغاثة قصيرة الأجل للأرض- في حال لم يعد بالإمكان تحمُّل وطأة الاحترار العالمي-، فيما يعارض كثرة من العلماء بشكل صارخ استخدام الهندسة الجيولوجية خوفاً من أن يحيد عن مساره الصحيح بطرق غير متوقعة، وقد يكون من الصعب تلافي الأثار السلبية الناتجة عنه بمجرد البدء فيه.

قال التقرير:” ما تزال هذه الجهود العلمية ضمن التجارب المخبرية ولم تحوز على تأييد علمي وسياسي يكفي لاعتمادها وتطبيقها”.

بالمقابل، حذرت دراسة علمية حديثة أجرتها جامعة «اكسيتير» البريطانية ونشرتها مجلة “نيتشر”، من مخاطر التجارب المحتملة لعلم “هندسة الأرض الشمسية” على مناخ كوكبنا، الذي لا يحتمل مزيدا من المغامرات غير مأمونة العواقب، وسط ارتفاع مستمر في درجات الحرارة وزيادة هائلة في انبعاثات الغازات الدفيئة خلال العقد الأخير.

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

Back to top button