بالتأكيد، غزة لن تعود كما كانت قبل الاجتياح الإسرائيلي الهمجي، كما قال نتنياهو والمتطرفون من الوزراء والمستوطنين، غزة ستعود إلى الوراء قروناً وليس سنوات، خرائب وأوبئة وكلاب سائبة تقتات من مخلفات الذين رحلوا، ومأساة بشرية للذين تحولوا من سكان بيوت مبنية ومجهزة إلى باحثين عن خيام وعطايا تصلهم بأمر المعتدي وشروطه، وبالكميات التي يحددها.
وستختفي حماس، ولن تكون هناك «كتائب القسام»، ولن تخرج الصواريخ من تحت الأنقاض، وسيبحث «هنية» عن منتجع في مكان ما، ومعه كل من يسمون بالقادة، وقد يبني جيش الاحتلال مستوطنات في «جباليا» و«خانيونس» والشمال والوسط والجنوب.
وماذا بعد ذلك كله؟
أقول لكم، الوضع في إسرائيل أيضاً لن يعود كما كان قبل حرب الإبادة التي لا يريد قادتها إنهاءها، مشاريع السلام ستعود إلى الوراء نصف قرن أو أكثر، فالسلام لا يفرضه الدم والقتل، والسلام بحاجة إلى تغيير واضح وملموس في السلوك العدائي، والسلام يريد عقلاء وليس مغامرين منتفعين، فالدم يجر دماً، والقتل يولد قتلاً، والتطرف ينتج تطرفاً، وحماس هذه لم تظهر إلا في الألفية الجديدة، أما في ستينيات وسبعينيات القرن السابق، وحتى الثمانينيات، كان الشيوعيون هم الأكثر تشدداً وتطرفاً، ومن بعدهم ظهر الإخوان وأتباعهم، فقط لأن إسرائيل كانت تدار من قبل اليمين المتطرف.
وعندما ظهر من بينهم شخص قبل بالسلام مع الفلسطينيين قتل على يد متطرف محرض من ذلك اليمين، واليوم يعاد المشهد مرة أخرى، وبعد حماس ستلملم فلسطين جراحها، ولن تغيب عن ذاكرة أطفال اليوم صور المجازر والدمار والتشريد الجديدة، وستخرج من المأساة إرادة وطنية أكثر فاعلية وأشد تمسكاً بحقوقها.
إنها عودة إلى الوراء تشارك الجانبان في التخطيط لها، الإخوان في غزة، واليمين المتحالف في إسرائيل، والخيار سيكون بيد الذين يريدون السلام، وهو واحد لا ثاني له، «حل الدولتين»، أما البديل فهو ما نشهده أمامنا الآن.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية