كنا في السابق نقول إن «البيت مدرسة» و«الأم مدرسة» و«الأب مدرسة»، بخلاف قول الشاعر الذي خص الأم فقط بأنها مدرسة لأبنائها، فالكل عليهم مسؤولية مشتركة، وقد كان الجد والجدة والأخوال والأعمام والخالات والعمات أيضاً مدارس للأجيال الجديدة عندما كانت البيوت كبيرة تستوعب الجميع، فالطفل يتعلم لغته منهم، ويتعرف على «الصح والخطأ» منهم، هم يصححون مساره متى إعوج ذلك المسار، حتى في سلوكه و«سنعه».
كان الطفل يجهز لمرحلة الاختلاط بالآخرين، من هم في سنه ومن هم أكبر منه، وكان الأب يفخر بابنه، والأم تتغنى بابنتها، ولا أتحدث هنا عن جيل الآباء المتعلمين، بل عن الجيل الذي لم يتعلم، ولا يستطيع القراءة والكتابة، والذي ما زلنا نتذكر كيف تدمع أعينهم عندما يسمعون أطفالهم يرددون آيات قرآنية أو مواضيع أخرى مطلوب منهم أن يحفظوها، وكم من أم أمية كانت تمسك الكتاب و«تسمّع» لابنها وكأنها تختبره.
كانت المدرسة كبيرة فضاقت، ثم ضاقت أكثر، حتى استقرت الأمور عند «المربية» في البيت، أما في المدرسة فهناك مدرسات وهناك مناهج، وكل هؤلاء يتحدثون لغة أجنبية وبلكنات مختلفة، ويجد طفل هذه الأيام نفسه في صراع ما بين لغة الأهل إذا تحدثوا إليه ولغة المربية الملتصقة به طوال اليوم، وتتداخل معلوماته، وتتصادم تعريفاته، ويعيش في صراع حتى تغلب اللغة الأجنبية عربيته، فالكثرة هي التي تنتصر، وأطفالنا اليوم يعيشون مع الآخرين في البيت والمدرسة، وأصبح هو الذي يسير الأمور، ويفرض عليه والديه التحدث معه بلغة المربية والمدرسة، وليس لغتهم!
مناسبة الحديث عن اللغة أن يوم أول من أمس، الثامن عشر من ديسمبر كان «اليوم العالمي للغة العربية»، وكان ما قلته مقدمة لموضوع طويل يحتاج بين الفينة والأخرى أن نناقشه، ونحاول أن نرسخ في داخلنا أن اللغة العربية ليست لغة تخاطب وتفاهم فقط، بل هي لغة القرآن الكريم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية