الحدود الخضراء فيلم درامي تم إنتاجه عالميًا في عام 2023 من إخراج أجنشكيا هولند. تأليفها مع جابرييلا لازاركيفيتش-سييتشكو، وماسيج بيسوك، ويشارك في بطولته طاقم الممثلين الذي يضم جلال الطويل، وماجا أوستازيفسكا، وبيهي جاناتي أتاي، وتوماس فلوسوك، ومحمد الراشي، وداليا ناوس، وماسيج ستور، وأجاتا كوليزا. مصورا محنة المهاجرين العالقين في أزمة الحدود بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي.
من الرائع الاستمتاع بهذا القدر الهائل من الشجن وانت تشاهد تلك التجربة الغنية للمخرجة البولندية أجنشكيا هولند، The Green Border ، لتعيش حالة عبء تاريخي مؤلم سيظل مسيطر على وجدانك حول ماحدث للسوريين الذين حاولوا الذهاب الى اوروبا بعد ماحدث فى بلدهم، لكن بكل تأكيد ستحمد الله على نعمة مصر التى أحتضنت كل اللاجئين وجعلتهم وسط أولادها.
الفيلم نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة. ولكن رفضه المسؤولون الحكوميون البولنديون وبعض شرائح الأمة البولندية الأوسع. لأنه أدانة مباشرة لهم لتعامله بكل تلك القسوة مع اللاجئين السوريين والافارقة وغيرهم.
الفيلم يدور في الغابات الموحشة والمستنقعات التي تشكل ما يسمى «الحدود الخضراء» بين بيلاروسيا وبولندا، يجد اللاجئون من الشرق الأوسط وأفريقيا الذين يحاولون الوصول إلى الاتحاد الأوروبي أنفسهم عالقين في أزمة جيوسياسية أثارها الدكتاتور البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. في محاولة لاستفزاز أوروبا، يتم إغراء اللاجئين إلى الحدود من خلال الدعاية التي تعدهم بالمرور السهل إلى الاتحاد الأوروبي. يشير بكل قسوة الى هذه الحرب الخفية، من خلال حياة جوليا، الناشطة الجديدة التي تخلت عن حياتها المريحة، وجان، حارسة الحدود الشابة، وعائلة سورية لاجئة.
لقد كان فيلمًا للديكتاتورية غير الإنسانية والبولنديين الذين كانوا يقومون بدوريات على الحدود البيلاروسية البولندية والذين تعاملوا مع اللاجئين العزل ككلاب حراسة بلا روح وكأنهم أداة تنفذ اوامر نظام قمعي عالمى لايرحم ويتشدق بحقوق الانسان دون أن ينفذ منها شئ. أنه عار وأزدراء لتلك الاكاذيب الاوربية والعالمية عن حقوق الإنسان، خاصة أن المخرجة هولاند خلال مهرجان البندقية السينمائي أكدت أنها حصلت على مدخلات من ضباط حرس الحدود الفرديين الذين اتصلوا بها دون الكشف عن هويتهم؛ وبالتالى تلك رؤية حقيقية لما حدث على أرض الواقع .
فجاء هذا الفيلم الذي تضمن مئات الساعات من تحليل الوثائق والمقابلات مع اللاجئين وسكان المناطق الحدودية والناشطين والخبراء، إلى جانب شهادة ضباط مجهولين من حرس الحدود البولندي. لقد عانى هذا العمل العديد من الضغوط المالية التى اضطرت المخرجة إلى الانتظار لمدة عام للقيام بذلك. تقرر أن يتم تصوير الفيلم بالأبيض والأسود حيث كان يُعتقد أن القيام بذلك سيكون مجازيًا، ومرتبطًا بطريقة ما بالماضي، الحرب العالمية الثانية، ليشبه الفيلم الوثائقي، كان هناك تحكم بصري وفني لعل مستوحاة من أشخاص حقيقيين فى أطار تم كتابته بشخصيات مؤلفة.
وهاهى المخرجة الكبيرة فى عمرها 74 عامًا، لم تفقد أيًا من شغفها ، أو تعاطفها فقدمت هذه الدراما الوحشية والغاضبة والمرهقة، بالأبيض والأسود الكئيب، مستكملة ما قدم فى فيلم أوروبا في عام 1990. حول منطقة «الحدود الخضراء» المحظورة بين بولندا وبيلاروسيا ، والتي أصبحت الآن موقعًا لمحنة لا تنتهي للاجئين على ما يبدو.
رغم ما يقال من أن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو في السنوات الأخيرة سمح بقبول اللاجئين، وشجعهم للسير على الأقدام عبر الحدود إلى بولندا والاتحاد الأوروبي عبر غابة بياوفيجا ؛ ولكن فقط كوسيلة لمعاقبة وقمع اللاجئين.. لقد قام بتسليح هذه النفوس اليائسة بشكل فعال، كما أن قوات الحدود البولندية المتزايدة الاستياء والعدوانية تتجنب الضرورة البيروقراطية لإطعام وإسكان هؤلاء الوافدين في المخيمات وترميهم مرة أخرى فوق سياج الأسلاك الشائكة، حيث يعيشون ويموتون في أرض الغابات القاحلة. إن استراتيجية «الحدود الخضراء» التي تتبناها بيلاروسيا لزعزعة الاستقرار تساعد في دفع بولندا إلى كراهية الأجانب، وهو على وجه التحديد المزاج الجيوسياسي الذي يجده لوكاشينكو (وبوتين) ملائماً له.
تغطي الدراما الهولندية فسيفساء من الأشخاص العالقين في هذه الرابطة من اليأس والجوع والخوف وسوء النية السياسية: هناك لاجئون من سوريا وأفغانستان وأفريقيا، وحارس حدود بولندي مع زوجة حامل تشعر بالقلق إزاء الوحشية التي يمارسها.
والنتيجة هي فيلم مثير للاهتمام و دراما تعد الغابة موقعًا لصراع محموم من أجل البقاء يعيشه أشخاص تم تجريدهم من إنسانيتهم بالكامل تقريبًا، كما لو كان ذلك بسبب انفجار نووي أو ضربة حرب جرثومية. فعندما يتعثر اللاجئون لأول مرة في بولندا بسعادة غامرة، معتقدين أن مخاوفهم قد انتهت الآن، يظلون يشعرون وكأنهم بشر. لكن هذا يتآكل بسبب الرعب العبثي الخالص المتمثل في إجلائهم بوحشية إلى بيلاروسيا ثم إعادتهم إلى بولندا من قبل مجموعتين من الجنود، لا يريد أي منهما تحمل مسؤولية التعامل معهم، ذهابًا وإيابًا – وكل ذلك تحت غطاء تلك الغابة. ، الذي يجعل ظلامه من السهل الإفلات من وحشية الزي الرسمي.
عندما تعثر مدرس اللغة الإنجليزية الأفغانية ليلى (بيهي جاناتي أتاي) في حقل وتطلب الماء من مزارع بولندي، فإنه يُلزمها بل ويعطيها بعض التفاح ويشير إلى مزرعة حيث يمكن الحصول على المزيد من المساعدة. ولكن عندما تستدير وتراه يتصل بشخص ما على هاتفه المحمول، تشعر بالذعر وتجري عائدة إلى غطاء الغابة بينما ينادي عليها: “انتظري!” هل كان حقاً يحاول المساعدة؟ أم سيبلغ عنها السلطات؟.
في وقت لاحق، يطلب أحد حرس الحدود البيلاروسي ذو الوجه القاسي من ليلى الحصول على زجاجة مياه بقيمة 50 يورو؛ تُظهر هولاند أن هذه الاعتداءات التافهة المهينة، إلى جانب العنف الجسدي الحقيقي، تضعف إحساسهم بأنفسهم كبشر. والحراس البيلاروسيون والبولنديون أنفسهم خائفون من بعضهم البعض.ويبدو أن كل الحجج الواقعية ضد اللاجئين قد تلاشت على نحو ما.
Green Border بمثابة شهادة سينمائية حيوية على ما يحدث في أوروبا الآن.يصور الفيلم أزمة الهجرة التي بدأت في أواخر عام 2021 على أعتاب أوروبا، أي على الحدود التي تمتد فيها الغابات بين بولندا، وهي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وبيلاروسيا، تلك الدولة الديكتاتورية التي لم تنضم للاتحاد. في تلك الأثناء، اتهمت السلطات البولندية والأوروبية رئيس بيلاروسيا، ألكساندر لوكاشينكو، ببيع تأشيرات سياحية للمهاجرين القادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا والباحثين عن طريق للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، ومن ثم نقلهم بالحافلات إلى بولندا بغية زعزعة استقرار الاتحاد.
ومن المعروف أن الحكومة البولندية أقامت منطقة حظر عرضها ثلاثة كيلومترات حول الحدود، ثم نصبت أسلاكاً شائكة بطول خمسة أمتار على مسافة 186 كيلومتراً، كما نشرت الآلاف من الجنود وحرس الحدود لصد المهاجرين وإبعادهم عن الحدود البولندية وإعادتهم إلى بيلاروسيا. إلا أن السلطات البيلاروسية أصدرت هي أيضاً أوامرها لشرطة الحدود حتى تقوم بإجبار المهاجرين على العودة إلى المناطق البولندية. وهكذا بقي أغلب المهاجرين يتعرضون للطرد والصد بين الدولتين طوال أسابيع، بل أشهر في بعض الأحيان.
عملت مجموعة من الناشطين والأهالي على تزويد من تقطعت بهم السبل من المهاجرين بالأغذية والألبسة والأدوية، والمأوى في بعض الأحيان، إلا أن ذلك لم يمنع من وفاة 50 شخصاً على الأقل، وفقدان مئتي شخص آخرين بين الغابات منذ أن بدأت أزمة الهجرة في أواخر عام 2021.
لقد تجملت المخرجة البولندية توابع الإحساس باليأس وفكرت بجدية فى مآسي المهاجرين، خاصة عندما وصلت الأزمة إلى أعتاب بولندا، شعرت بأن عليها أن تنقل للناس صوت ضحايا الأزمة، وصوت هؤلاء الضحايا، ومنهم حرس الحدود، الذين أجبروا على أن يعيشوا وضعاً مستحيلاً ، لذلك أعتقد أن أهم شخصية في الفيلم هي شخصية الحارس الشاب، والتي جسدها توماسز فلوسوك، والذي شعر بالذنب بعد مشاركته في عملية صد وحشية، ثم صار يغض الطرف عن المهاجرين الذين اختبؤوا في صندوق سيارة يقودها أحد المهربين.
الفيلم يمثل دليلاً قاطعاً على ماحدث، من خزى وكراهيه ضد الاجئيين. الغريب أن البولنديين شبهوا مخرجته بجوزيف جوبلز، زعيم الدعاية النازية، وقارنها بالسوفييت والنازيين الذين استعانوا بأفلام الدعاية لتشويه صورة بولندا والشعب البولندي. ووصلت للمخرجة المئات من رسائل التهديد بالقتل.
المخرجة، وهي من أصول يهودية، وسبق أن أخرجت ثلاثة أفلام رائعة عن الهولوكوست. وفى الواقع أن البولنديين الذين يساعدون المهاجرين اليوم قد يتعرضون للملاحقة القضائية ،وغالبية الشعب البولندي غير مكترث بما يجري، في حين أن قلة من الأفراد هم من يمدون يد العون. صور الفيلم خلال ثلاثين يوماً وكان بمثابة تشجيع للمشاهدين على التفكير بطريقة أكثر إنسانية؛ تجاه ما يحدث لأزمة اللاجئين.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية