يحتفل العالم بعد غد الأحد بـ اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. في هذا اليوم من 75 عاماً تقريباً صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وهو الإعلان الذي اعتبر بداية لانطلاق فرع جديد في القانون الدولي وهو قانون حقوق الإنسان الذي أصبح الآن يضم عشرات الإعلانات والاتفاقيات والبروتوكولات المنظمة للحقوق الأساسية للبشر.
واعتبر الإعلان وقتها انتصاراً للبشرية والإنسانية خصوصا أنه أتى بعد حرب عالمية أنهكت العالم كله، كما كان سبباً في انطلاق حركات التحرر من الاستعمار في قارات العالم المحتلة، وهي إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لأنه نص صراحة على حق تقرير المصير للشعوب.
ولكن يأتي الاحتفال في هذا العام وسط انهيار شامل لمنظومة حقوق الإنسان. هذا الانهيار جاء بيد من عينوا أنفسهم حماة لحقوق الإنسان في العالم.
الاحتفال يأتي وسط أكبر مجزرة بشرية تتم على الأرض في قطاع غزة المحتل وتتم بتأييد ومباركة من حكومات الولايات المتحدة ودول أوروبية عديدة.. فحتى يوم الخميس سقط أكثر من 17 ألف شهيد كلهم من المدنيين. عدوان لا رحمة فيه على المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد وحتى مباني المنظمات الدولية المحصنة بالقانون الدولي الإنساني.
محاولات تجرى لتهجير أكثر من 2 مليون شخص قسرياً من منازلهم. فما يحدث في غزة سيظل وصمة عار في جبين كل الحكومات والبرلمانات والمنظمات الصامتة على هذه المجازر وعلى رأسها البرلمان الأوروبي.
اليوم العالمي لحقوق الإنسان فقد اعتباره في هذا العام. وفقد قيمته الرمزية العالية. وأصبح كل من يعمل في مجالي حقوق الإنسان والمؤمنون بها في حرج كبير لعجزهم عن إيقاف آلة القتل الصهيونية المدعومة أمريكياً وأوروبياً ضد شعب أعزل محاصر ويتعرض أطفاله ونسائه للقتل الممنهج على يد الاحتلال الصهيوني وتشريد آلاف الأسر دون مأوى أو غذاء أو ماء.
آلة القهر الصهيونية الأمريكية الأوروبية أنهت وإلى الأبد قيم حقوق الإنسان العالمية وأدت إلى رده لدى العديد من النشطاء بعد ما شاهدوه من ازدواج فاضح للمعايير الغربية في التعاطي مع ما يحدث في غزة. فلن يصدق العالم أي حكومة أو أي وسيلة إعلام غربية من التي تدافع عن قوات الاحتلال الصهيوني عندما تتحدث عن حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والانتخابات الحرة النزيه والتعذيب وغيرها من الحجج التي كان وما زال يستخدمها الغرب في مواجهة الحكومات الأخرى واستخدامه وسيلة ضغط سياسي وسيكون من حق الحكومات أن ترد على آليات الأوروبية والأمريكية بسهولة ويسر في الأيام القادمة.
يأتي يوم العاشر من ديسمبر هذا العام. ونحن أمام عجز كلي في التصدي للمجازر التي ترتكب أمام أعين العالم وقلق من تزايد قمع السلطات في جميع دول العالم للشعوب بعد أن سقط من كانوا يدعون أنهم حراس الحريات في مستنقع القمع والتنكيل بكل من لديه ضمير ويفتح فمه مندداً بما يجرى في غزة.. ولم يسلم من هذه المقصلة الغربية فنانون ومثقفون ورياضيون وبلوجر والمواطنون العاديون كذلك.
لقد كشف الغرب عن وجهه الحقيقي العنصري والمتنكر لكل ما كان يدعيه بأن علاقاته مع الدول مبنية على مدى احترامها لحقوق الإنسان لديها وهو ما نجده في اتفاقيات الشراكة والتعاون. ولكن كل هذا سقط مع وصول المجازر في غزة إلى اليوم 61 ولم يتحرك ضمير العالم لوقفها في عجز كامل لكل الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية