نون والقلم

طارق تهامي يكتب: شخصيات قبطية لا تُنسى

تهنئة أقباط مصر بأعياد الميلاد المجيد، بعد شهر من الآن، لا يمكن أن تصبح صيغة نمطية، مضمونها. كل سنة وأنت طيب، ولا يمكن أيضًا أن تتحول إلى مجرد مواجهة مع أصحاب الفكر الضيق، الذين ما زالوا يحرمون تهنئة الأقباط بأعيادهم.

ولكن التهنئة من وجهة نظري أن نعطى دروسًا متكررة لأولادنا بأن القبطي المصري هو شريك في الوطن، وأن نعلمهم أن المواطنة هي مصدر الحقوق ومُنطلق الواجبات، وأن الوطن مملوك للجميع، وأن نمنحهم دروسًا للتذكرة، يتعلمون فيها كلامًا مختلفًا عما يتم دسه في عقولهم من قادة فكر الانغلاق والظُلمة، معتمدين فيها على قصص دفع أبطالها أثمانًا باهظة للدفاع عن الوطن، دون أن يفكروا في مرجعية دينية أو مذهبية. بل قاموا بتلبية نداء الوطن دون تردد، تعالوا نتعرف على اثنين منهم لا يمكن أن ينساهم التاريخ.

من الرموز الخالدة في سجل الوطنية المصرية، الثائر القبطي المصري الوفدي، جورج خياط الذي حُكم عليه بالإعدام عام 1922 لدعوته لمقاطعة البضائع والبنوك البريطانية، ثم خفف الحكم إلى الغرامة المالية، انضم للوفد بعدما التقى بالزعيم سعد زغلول.

كما قال عنه الكاتب لمعي المطيعي في موسوعة «هذا الرجل من مصر» أنه كان من دعاة دعم مساعي الوفد لاستقلال البلاد.

اشترك جورج خياط في المؤتمر القبطي الذي عقد في مارس عام 1911 بأسيوط. وكان من العناصر المعتدلة ومن دعاة مقاطعة البضائع الإنجليزية وتدعيم بنك مصر. ونادى بسحب المدخرات المصرية في البنوك الإنجليزية. فحكم عليه بالإعدام في 14 أغسطس عام 1922 مع حمد الباسل وعلى الجزار ومراد الشريعي ومرقص حنا وواصف غالى وويصا واصف، وخففت العقوبة إلى السجن مع غرامة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه على كل منهم. وأفرج عنهم في يونيو عام 1923، وحضر اجتماع «الوفد المصري» الذي عقد في يناير عام 1924 برئاسة زعيم الأمة سعد زغلول. وظل مناضلًا صلبًا يدافع عن وطنه دون اعتبار لأي مرجعية أخرى إلا الوطنية.

أما الشخصية الثانية، فهو ويصا واصف السياسي المصري الوفدي، ابن طهطا في صعيد مصر. والذي بدأ مشواره السياسي بالكتابة في جريدة «اللواء» التي يصدرها الزعيم مصطفى كامل. مما أدى إلى اختيار ويصا واصف ضمن اللجنة الإدارية للحزب الوطني القديم برئاسة الزعيم مصطفى كامل الذي رحل في سن مبكرة. ليدب الخلاف بين محمد فريد والشيخ عبد العزيز جاويش حول مرجعية الوطن. هل هي للدولة العثمانية أم مرجعية وطنية.

وأدى هذا الانقسام إلى خروج عدد من قيادات الحزب ومن بينهم ويصا واصف الذي استقال عام 1908. عقب شعوره بخطورة دعوة جاويش الدينية، وقد سعى الإنجليز إلى تزكية هذا الخلاف لبث الفرقة بين المصريين. ونشر الفتنة بين المسلمين والأقباط، وهنا ظهر ويصا واصف وعدد من المثقفين المصريين، للتحذير من الفتنة.

وبذل ويصا جهدًا كبيرًا لإيقاف المؤتمر القبطي الذي قرر الأقباط تنظيمه في أسيوط، لمواجهة دعوة جاويش.

وبذل أحمد لطفي السيد جهدًا مقابلًا لإيقاف المؤتمر الإسلامي في القاهرة. لتبدأ من هنا علاقة ويصا واصف بالزعيم سعد زغلول ليبدأ كفاح قيادات الوفد لتفعيل مبدأ الوحدة الوطنية الذي أصبح راسخًا لا يتنازل عنه الوفد مهما كانت الريح عاتية.

وقد انضم ويصا واصف وفخري عبد النور وسينوت حنا وتوفيق أندراوس إلى الوفد. لتبدأ مسيرة الأقباط المصريين للحفاظ على لُحمة الوطن متماسكة. ويحسب لويصا واصف أنه لم يتخلَ عن الزعيم سعد زغلول عند الانقسام الذي حدث في الوفد. ما بين سعد زغلول وعدلي يكن، فقد كان ويصا واصف وحافظ عفيفي وواصف غالي في صف سعد زغلول. وكان تيار عدلي يكن المنحاز للقصر، تيارًا ضعيفًا أمام مطالب وشروط المستعمر الإنجليزي.

القيادات الوطنية القبطية لها تاريخ ناصع، يجب أن تعرفها الأجيال المتعاقبة.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى