عاد مضيق باب المندب للساحة من جديد عقب إعلان الحوثيين دخولهم على خط الحرب بين حماس الإسرائيليين انتقاما لما تشهده غزة من غارات بربرية للمحتل الصهيوني، مؤكدين أنهم سيقومون بالرد على إسرائيل وجرائمها.
وكانت البداية إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة تجاه تل أبيب، ولم يكتفوا بذلك بل أرسلوا تهديدات قرصنة لسفن إسرائيلية تمر من المضيق الذي يشرفون عليه.
ولم تكن تهديدات الحوثيين كلاما في الهواء ولكنهم نفذوها مؤخرا وقاموا باختطاف سفينة شحن إسرائيلية على مرآى ومسمع من العالم، الأمر الذي يعد تطورا خطيرا له انعكاسات سلبية ربما طالت العديد من دول العالم التي باتت تترقب ما يحدث في المضيق الذي يعد شريانا حيويا لـ الاقتصاد العالمي.
كل ما يدور في باب المندب ينعكس سريعا على قناة السويس والسعودية ودول الخليج، حيث يعد منفذ عبور النفط إلى دول العالم ويمتد الأمر مكن ناحية آخري إلى رؤية الرياضة السعودية 2023 التي ستتأثر بالأوضاع في باب المندب خاصة مدينة نيوم الموجودة في البحر الأحمر ويعد المضيق بوابة رئيسية للوصول إليها.
الحوثيون يؤكدون أنهم وضعوا مضيق باب المندب تحت أمر فلسطين، وهذا الشريان الحيوي لم لا يعرفه، هو مضيق يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، ويبلغ عرضه 30 كيلومترا وتقسمه جزيرة «بيريم» التي توجد في شرقه ومساحتها 2كيلو متر مربع، والأولى وهي القناة الشرقية وتسمى باب إسكندر، وعرضها 3 كيلو متر وعمقها 30 مترا، والثانية القناة الغربية وتسمى «دقه البيرن» وعرضها 25 كيلو متر وعمقها 310 أمتار، ويفصل المضيق بين كلا من جيبوتي في أفريقيا واليمن في آسيا، وتتحكمان به بالإضافة إلى إريتريا، لكنه في الوقت ذاته خاضع لرقابة مصر والسعودية بالدرجة الأولي والعالم في المرتبة الثانية.
وتجاريا يعتبر باب المندب امتدادا لقناة السويس التي تصل البحرين الأحمر والمتوسط، وهنا تكمن أهميته إقليميا وعالميا، ويمر عبر المضيق حوالي 6.2 ملايين برميل من النفط الخام يوميا، إضافة إلى أكثر من 10% من إجمالي التجارة العالمية، وتمر عبره أكثر من 25 ألف سفينة سنويا بمعدل 57 سفينة يوميا.
وتضاعفت أهمية باب المندب بعد افتتاح قناة السويس عام 1869، وبات المضيق يربط التجارة بين أوروبا وبلدان المحيط الهندي وشرق أفريقيا.
وظل المضيق لسنوات طويلة تحت سيطرة الإنجليز حتى منتصف القرن العشرين حين بدأ الاستعمار بالرحيل، وبدأت القوميات العربية بالظهور في مصر واليمن والسعودية.
ودارت حرب اليمن في ستينات القرن الماضي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الذي سعى لتأمين باب المندب نظرا لأهميته بالنسبة لقناة السويس ولم تكن هذه الحرب هي الوحيدة التي تم خوضها على مياه المضيق، فعلى مدار 30 عاما من عام 1961 إلى 1991، اندلعت حرب استقلال عنيفة بين إثيوبيا وإريتريا وكان جزء منها يسعى إليه الإثيوبيون لشق طريق نحو المياه، ودارت حرب آخري بين إثيوبيا والصومال لنفس السبب.
وفي التسعينات اندلعت حرب عنيفة في الصومال أدت إلى انهياره، وتنافست العديد من الدول على كعكة الصومال التي تتميز بالموقع الفريد على أحد أهم مضايق العالم، كما اندلعت حرب أهلية في اليمن انتهت بسقوط علي عبد الله صالح، وكانت بين الدولة وجماعة الحوثي، واشتعل النزاع الذي كان هدفه الرئيسي هو باب المندب.
وفي عام 2015 تحركت السعودية تساندها بعض الدول العربية ضد الحوثيين، لصد انقلابهم على السلطة، ودارت حرب طاحنة بين اليمنيين بدعم عربي لأحد الأطراف وإيراني للطرف الآخر، وانتهت بتدمير البنية التحتية لليمن وآلاف القتلى.
باختصار.. باب المندب شريان حياة للعالم ويتمتع بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة، وسبق وأغلقته مصر في وجه إسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، كما قامت قوة أمريكية إثر هجمات سبتمبر 2001 بتأمين الملاحة في المضيق في مواجهة القراصنة وتنظيم القاعدة.
ويبقى أن نذكر أن العالم حول جيبوتي إلى ثكنة عسكرية تضم قواعد أمريكية وبريطانية وفرنسية وصينية تعمل جميعها لهدف واحد هو تأمين مضيق باب المندب، فضلا عن أساطيل أمريكية تجوب البحر الأحمر وخليج عمان لتأمينه من قراصنة الصومال وحركة الشباب اللذين يهددان الملاحة.. باب المندب ليس ممرا عاديا ولكنه شريان حياة يغذي العالم أجمع وأي محاولة للسيطرة عليه تهدد استقرار المنطقة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية