«يعد الأرشيف والمكتبة الوطنية أحد المؤسسات التي تعنى بالتوثيق في الإمارات» هذا ما أشار إليه عبد الله ماجد آل علي المدير العام للأرشيف والمكتبة الوطنية خلال كلمته الافتتاحية في مؤتمر الإمارات الثاني للتاريخ الشفاهي والذي أقيم صباح اليوم في مقر الأرشيف بأبوظبي تحت شعار «ذاكرتهم تاريخنا: استدامة المفاهيم والممارسات المتوارثة والمتناقلة شفهياً» بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمختصين من داخل وخارج الدولة، والذين استعرضوا من خلال العديد من التجارب وناقشوا القضايا التي تساهم في الاستفادة من الموروث الشفاهي بما يتناسب ومتطلبات العصر.
توثيق التاريخ الشفاهي:
قال المدير العام للأرشيف عبد الله ماجد آل علي: «واجهتا تحديات كبيرة في جزء من المرويات المعنية بتاريخ المنطقة، عند حفظها وإتاحتها من أجل تكون مصدر للمعلومات» وأضاف: «لقد استطاع الأرشيف والمكتبة الوطنية عبر تاريخه أن يلقي الضوء على أكثر من ألف مقابلة جماعية تم جمعها ورصدها لتكون مرجعاً تاريخياً، وإلى جانب عمل الأرشيف والمكتبة الوطنية بالتوثيق، كان للعديد من المؤسسات الإعلامية، والبرنامج الأفلام السينمائية، دوراً في توثيق ثقافتنا وتاريخنا».
وأوضح: «نعمل الآن على ترجمة كل ما يتعلق بالتاريخ الشفاهي ونواجه تحديات بالمصطلحات، مع مواصلتنا الاستثمار في جمع ورصد كل ما يتعلق بتاريخنا الشفاهي».
من جهتها قالت د. عائشة بالخير مستشارة البحوث في الأرشيف: «إن التاريخ المكتوب في أذهان العابرين في طرق وممرات الزمن يختلف، فالتاريخ الشفاهي شواهد لتاريخ وحضارات تعد جزءاً أصيلاً في الموروث الوطني والتاريخ العريق للمنطقة التي طالما كانت جزءاً من جسر التواصل الجغرافي والحضاري بين حضارات العالم فلولا لغة الحوار لما شاعت ثقافة التسامح في بيئة العمل في المجتمع وبين الدول». وأضافت: «ها نحن اليوم في صدد افتتاح الإمارات الدولي الثاني للتاريخ الشفاهي الذي يضم نخبة من خبراء ومختصين جاؤوا من بقاع العالم، لبحث أوجه التقارب بين الحضارات فمخرجات هذا المؤتمر هي جزء لا يتجزأ من رؤية ورسالة القيادة الرشيدة ومساعيها لتقارب البشرية وتوثيق التاريخ المحلي والمجتمع ونحن نأمل أن تصل رسالة الفخر بالماضي والولاء للحاضر والعطاء للمستقبل فتحمل رايته الأجيال المقبلة».
استدامة الموروث الشفاهي:
جاءت الجلسة الأولى بعنوان «الموروث الشفاهي واستدامته.. واستشراف المستقبل» وشارك فيها د. نجيمة طاي طاي وزيرة التعليم الوطني والشبيبة سابقاً في المملكة المغربية، ود. ضياء الكعبي رئيسة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كلية الآداب بجامعة البحرين، وشيخة الجابري مستشار إعلامي بمؤسسة التنمية الأسرية في الإمارات. وأدارت الجلسة د. عائشة بالخير مشيرة إلى أن «الذاكرة الحية هي أساس في الفكر والنماء وفلسفة الحياة، وقد ساهمت في تكيف الإنسان مع بيئته فذاكرة الإمارات مصدر قوة وسعادة».
ومن ثم تحدثت د. نجيمة طاي طاي عن دور «المهرجان الدولي مغرب الحكايات في تثمين الكنوز البشرية والمساهمة في التنمية المندمجة» وقالت: «عمر هذه التجربة الثلاثين سنة وتأسست في جامعة في أغادير، عبر مجموعة من البحوث عن الموروث الشفاهي وكان الهدف كيف يمكن أن نخرج الحكاية الشعبية «الخرافة» والتي كانت تحكي في الساحات الشعبية وفي البيوت، وندخلها إلى المدارس، إلى أن جاء المهرجان الدولي مغرب الحكايات وطرح أهمية الحكايات منها الحكايات المنتشرة في الساحات المغربية، بجانب الالتفات إلى نوع مختلف من الحكايات، وهي الحكايات التي كانت تهدد بها الأم أطفالها، أو حكايات الجدات».
وأوضحت د. طاي طاي: «من الممكن للرواية الشفاهية أن تكون رافعة للتنمية، ومع التطور قامت اليونسكو بحماية الموروث الشعبي والتراث كوسيلة لتنمية المجتمع، وقد أدت البحوث إلى برنامج سبك الحكاية وأدخلناه داخل المؤسسات التعليمية وأصبح معترفاً به في وزارة التربية والتعليم».
وقدمت د. ضياء الكعبي ورقة بعنوان «المرويات الشفاهية وصناعة الابتكار الثقافي الرقمي في الجامعات الخليجية: مقررات (الأدب الشعبي) أنموذجاً ثقافياً مقترحاً» واقترحت استراتيجية ثقافية لصناعة الابتكار الثقافي على مستوى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية لدول مجلس التعاون الخليجي من خلال مقررات الأدب الشعبي، وقالت: «من الممكن في هذه الاستراتيجية الثقافية توظيف التكنولوجيا الحديثة في رقمنة التراث وتسويقه وتحويله إلى صناعة ثقافية معرفية جاذبة في وسائل التواصل الاجتماعي، بما يحفظ هوية المرويات الشفاهية الخليجية ويساعد على استدامتها وتداولها ثقافياً وإقليمياً وعالمياً لدى الأجيال الجديدة والمستقبلية».
وذكرت د. الكعبي: «تناقش هذه الاستراتيجية كيفية إنشاء تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقترح المقاربة كذلك وسائل إبداعية لتوظيف التراث في المنتجات الإبداعية بما يحولها إلى قيمة مضافة في اقتصاديات المعرفة الخليجية ويحقق كذلك أهداف التنمية الثقافية المستدامة».
قبل البدء في حديثها أشارت شيخة الجابري إلى أنها ستصدر كتاباً مؤلفاً من خمس حكايات لجدتها. ومن ثم قالت «من المهم أن نتكأ على استراتيجية لحماية التراث، وقد بدأنا العمل على تراثنا من سنين طويلة حيث اهتم «المغفور له» الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالتراث، وله مقوله شهيرة ما زالت تردد وهي: «من ليس له ماضي لا حاضر له ولا مستقبل».
وتحدثت الجابري عن المشاريع المشتركة في الإمارات مع دول مجلس التعاون في ثمانينات القرن الماضي وكيف تولت العديد من الوزارات والجهات جمع وتدوين التراث الإماراتي. وأوضحت: «كان هناك استثمار في الدروس البشرية وحكاياتهم التي تروى حول الغوص والزراعة وغيرها من ممارسات وكان للأرشيف دوراً كبيراً في توثيق التاريخ الشفاهي لدولة الإمارات».
واستعرضت الجابري بعضاً من هذه المشاريع وأشارت إلى المهرجانات التي تقام بشكل دوري في أنحاء الدولة وتحتفي بهذا التراث.
بينما ناقشت الجلسات الأخرى من المؤتمر قضايا مختلفة وهي: «عناصر وآليات وإجراءات أرشفة القصص الشخصية والحكايات» و«مرويات تحكيها فنون الأداء» و«التأثير التأثر بوسائل التواصل الاجتماعي».
نون – أبوظبي – عبير يونس
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية