نون والقلم

فتوح الشاذلي يكتب: هذا ما حدث لـ«بلينكن»

جاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة وهو يحلم بتنفيذ المخطط الصهيوني بتهجير أبناء غزه إلى مصر والصفة إلى الأردن، وتصور الوزير الأمريكي ببلاهة أن جولته بالشرق الأوسط ستغلق الملف وتحقق أمل الصهاينة وتدفع بنا إلى نكبه جديده على غرار نكبة 48 .

في بداية جولته وضع بلينكن نقطة نظام للقادة العرب وذلك في أعقاب وصوله إسرائيل وذلك عندما قال إنه جاء كيهودي وليس كوزير خارجية أمريكا.. تصور أن هذه العبارة ستسهل عليه تحقيق الهدف الذي جاء من أجله وربما توفر عليه نصف الطريق.

وبالفعل هذا ما حدث ولكن على العكس تماما.. فقد قطعت هذه العبارة الطريق على الوزير الأمريكي في جولته وتلقى الصفعة تلو الأخرى.. وكانت البداية من الأردن فقد فوجئ «بلينكن» قبل أن يغادر حدود الأردن بصدور بيان حاد وقوى ولاذع وصادم من الديوان الملكي.

وفي الرياض التي كانت المحطة الثالثة كان البيان السعودي واضحا ومحددا ومعبرا عن الثوابت التي لا تتغير ولا تتبدل.. وفي أعقاب المباحثات صدر تقرير عن «الواشنطن بوست» حول الزيارة والمباحثات.. ذلك التقرير الذي كشف للعالم قوة المملكة وقيادتها وكيف تصرفت مع «بلينكن».

وفي القاهرة المحطة الرابعة كانت المدرسة المصرية التي تعلم منها الوزير الأمريكي كيف تكون الدبلوماسية، وعرف أكثر عن مصر وقيادتها.. تعلم بلينكن درسا لن ينساه.

رفضت مصر خروج الرعايا الأمريكيين والأجانب من غزة عبر معبر رفح وربطت ذلك بهدنة ودخول المساعدات.

وأعقب ذلك اجتماعا لمجلس الأمن القومي المصري الذي خرج برسالة واضحة وقويه وفي كلمات صريحة وهي أن أمن مصر القومي خط أحمر.. كان ذلك قبل وصول «بلينكن»، وما إن وصل إلى مقر رئاسة الجمهورية حتى فوجئ بإذاعة اللقاء على الهواء وهي سابقه دبلوماسية لم تحدث من قبل.

استوعب بلينكن الرسالة المصرية والهدف من البث المباشر وجلس متوترا تتشابك يديه وهو في ذهول.. وأعقب ذلك رسائل قوية متتابعة من القيادة المصرية وهي أن اضطهاد اليهود لم يكن أبدا في منطقتنا العربية وإنما كان في أوروبا.. وأن المساس بالمدنيين -أي مدنيين – مرفوض وهذا موقف ثابت لمصر.. وأن الضحايا من الفلسطينيين في جولات الحرب بين الجانبين كان 6 أضعاف الإسرائيليين بما فيهم ضحايا الحرب الأخيرة والمصابين 10 أضعاف.. وكانت لغة الأرقام هذه فكرة عبقرية حتى لا يتباكى على ضحايا إسرائيل في الحرب الأخيرة.

وأن التأخير في حل القضية سيزيد من الضحايا في الجانبين.. وأن رد الفعل الإسرائيلي تجاوز حق الدفاع وتحول إلى عقاب جماعي للفلسطينيين.. ولابد من فك الحصار، وأن هناك كراهية وغضب لعدم وجود أفق للحل رغم مرور 40 سنه كاملة.

أصيب الوزير الأمريكي بخيبة أمل كبيرة وعاد إلى بلاده مهزوما منكسرا.. والأهم أنه عرف قدره وحجمه، وتعلم درسا لن ينساه وهو أن العرب قد يتعرضون إلى محن وفترات صعبة.. ولكن أبدا لا يمكن أن يفرطوا لا في الأرض ولا في العرض ولا في الكرامة .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى