فرضت الحرب في الأرض الفلسطينية المحتلة نفسها على مجرى الأحداث عندما أطلقت حركة حماس عملية «طوفان الأقصى» ضد الاحتلال الإسرائيلي ردا على العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني وعلى المقدسات الدينية في القدس، وما تلا العملية من مجازر إسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة.
هذه الأحداث أدت إلى انقسام الرأي العام الدولي حولها، فجميع المسلمين والعارفين بعدالة القضية الفلسطينية أيدوا هذه العملية واعتبروها رد فعل طبيعيا على ما قامت به قوات الاحتلال والمتطرفين اليهود من تدنيس المسجد الأقصى، ومن قتل الفلسطينيين بدم بارد وسط صمت من يعتبرون أنفسهم دعاة الحرية والتحرر.
أما مؤيدو الاحتلال من الحكومات في أمريكا والغرب فقد أيدوا رد الفعل الإسرائيلي العنيف والمخالف للقانون الدولي الذي وضعوه هم وأقروا قواعدهم وأهمها أن يكون رد الفعل متناسبا مع الفعل وأن يحرم قتل المدنيين وهدم منازلهم وتشريدهم، وظهر هؤلاء على حقيقتهم أنهم ينظرون إلى العرب نظرة استعلاء وتكبر وتجبر وهو ما يجب الوقوف أمامه من الحكومات العربية ومنها الجامعة العربية.
الغرب فرق بين الإنسان وهم دعاة المساواة وجعل دم الإسرائيلي أهم من دم العربي وإن قتل العرب مباح، وظهر ذلك في رد فعل الأمريكان وتزويد إسرائيل بأسلحة متقدمة للقضاء على سكان غزة وإبادتهم والتضحية بالمدنيين.
فلم تستهدف إسرائيل حتى الآن من تزعم أنهم إرهابيون من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، رغم معرفتها بمكان وجودهم في غزة وخارجها ولكنها استهدفت الأطفال والنساء العزل حتى تصدر صورة من الرعب لكل من يحاول الاعتداء على أي فرد من الصهاينة المحتلين.
إسرائيل والغرب لا يريدون السلام في المنطقة ويريدون استمرار هذا النبت الشيطاني الذي زرعوه في منطقتنا حتى تستمر الهيمنة والسيطرة على العالم لهم.
كما استغل الغرب هذه الأحداث ليداري على هزيمته الكبرى في الحرب الروسية الأوكرانية، وانتصار الروس على الأسلحة والعتاد الأمريكي الأوربي وإهدار مليارات الدولارات في تمويل حرب خاسرة من البداية، فهذه الحرب تلاشت مع اندلاع الأحداث في فلسطين وأصبح الاهتمام بها منعدما.
الصهيونية العالمية ممتدة في دول أوروبا وأمريكا وهي تملك المال والسلاح، وتدير الأمور وفق مخططاتها وعندما يفشل مخطط تقوم بالثاني، ولا تيأس ونحن في المنطقة دائما رد فعل لما يحدث ولأول مرة نكون فعلا في هذه الأحداث منذ 50 عاما في عملية طوفان الأقصى.
ورغم خلافي مع حركة حماس باعتبارها حركة إخوانية كل ما تبحث عنه هو الشو الإعلامي، وكسب تعاطف الجماهير العربية وإرسال رسالة أن المقاومة الإسلامية هي الأقوى، إلا أن عملية طوفان الأقصى لها ميزة أنها هزمت الصهاينة في الأرض المحتلة نفسيا وجعلتهم يتأكدون أنه مهما تم تحصينهم بالأسلحة الحديثة والقبة الحديدية والطيران إلا أنه يمكن الوصول إليهم في منازلهم مثلما حدث.
كما أرعبت واسقطت أسطورة السلاح الأمريكي المتقدم وضربت هذه الصناعة في مقتل وفضحت ضعف أجهزة استخباراتهم، وهو ما ظهر في رد الفعل من حكومة الدولة الصهيونية على العملية والقصف العشوائي للمنازل والمدنيين بدون أي تمييز.
ففي عملية واحدة تم هزيمة العدو نفسيا، في حين تم تنفيذ عشرات العمليات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ومقتل آلاف منهم، فلم تهزمه بل تجعله أكثر إصرارا على تحقيق النصر الأكبر وتحرير الأرض كاملة غير منقوصة، وهذا لن يأتي إلا بوحدة الشعب الفلسطيني وفصائله الآن وليس غدا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية