نون والقلم

امريكا محترفه … تلاعب الكبار وتداعب الصغار

تمت عملية الانزال الجوي بنجاح باهر , مؤتمر صحفي , المتحدث باسم الحكومه تصريحه مختصر جداً , الكُرد طلبوا منا ذلك ونحن لدينا تنسيق عالي مع الكُرد وهكذا تم تحرير الرهائن , أحدى الصحفيات سألت المتحدث , هل تعني أنكم قمتم بالعمليه وأنتم لاتعرفون من هم المحتجزين عند داعش , أجاب نعم هذا ماحصل , أنتهى المؤتمر الصحفي , في اليوم الثاني ظهر علينا اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي وفاجأ الجميع بان الانزال كانت تعلم به القياده الكرديه والقياده العراقيه , وان هذا ليس أخر المطاف لمثل هذه العمليات وبامكاننا أن نقوم بما نراه مناسباً , بعد ذلك ظهر أحد الجنرالات في قيادة العمليات الامريكيه في العراق ليؤكد ان بغداد والكُرد يعلمون بهذه العمليه وأن الكُرد  شاركوا بالعمليه كقوات وبينَ نوع الطائرات التي شاركت وعددها وقال أن المستشارين العسكريين هم من شارك بالعمليه ولكن مع الاسف ان احدهم قد قتل في المعركه وان كل من كان في موقع الانزال من داعش قد قتل , اثار هذا التطور الجديد الكثير من الجدل والتحليلات والتخمينات ولاسيما اننا لم نسمع أي تعليق رسمي متكامل من الحكومه في بغداد , أما الكُرد فرددوا ما قاله المتحدثون الامريكان .

الانزال كان بطلب من الاستخبارات الامريكيه ( CIA )  وبالذات من الخليه الذكيه ذات السريه القصوى والتي أصبحت تدعى بالشركه (company ) الهدف الرئيس هو أنقاذ بعض العملاء المرتبطين بالشركه حصرا وهذا يعني أن البيت الابيض لايعرف من هؤلاء المجندين ولاحتى وزارة الدفاع , ولكن مثل هذه العمليه لايمكن أن تكون مفاجئه ووليدة الساعه وحتماً ان التخطيط لها والاستعداد لتنفيذها كان يحتاج الى وقت أقله شهر , أولا لجمع المعلومات الاستطلاعيه والاستخباريه عن المنطقه وعن الموقع المستهدف , ثانيا لتتمكن قوات المهمات الخاصه (وهي قوات ذات تدريب عالي جدا ) من التدريب والاعداد العالي والذي يتضمن التدريب على الواقع الافتراضي الذي يعد خصيصاً لهكذا مهمات لتجنب عامل المفاجئه قدر الامكان , حسناً الاستخبارات الامريكيه هي التي طلبت من الكُرد ولكن ماذا طلبت ومتى حدث هذا هنا السؤال المهم .

منذ فتره ليس بالقليله كانت الشركه (اي الخليه الذكيه وسأسميها هكذا أينما وردت ) تخطط بتغيير قادة داعش وخاصة ابو بكر البغدادي لانه طموح وحذر جداً لانه يعرف تماما ان منظمته الارهابيه مخترقه من الاستخبارات الامريكيه وخاصة أنه يعتمد على المجندين من خلال الانترنيت ووسائل التواصل الاخرى وهذه كلها تابعه الى شركات امريكيه وبالتالي فأن التنصت والاختراق شئ لابد منه , لذلك أخذ يعتمد بالقيادات المقربه منه من الافغان بشكل خاص والذي يتم تجنيدهم بشكل مباشر , فأبتعدت عنه القيادات من المجندين الاجانب وبشكل خاص قيادات حزب البعث التي أنضمت للبغدادي والتي كانت تحت زعامتين , قسم يتبع عزت ابراهيم واعدادهم قليله وهم أنضموا لدواعي دينيه متشدده ومن اتباع الطريقه النقشبنديه , والقسم الاخر هو الذي يقوده المرشدي واعداهم اكبر وقد تحالفوا مع داعش ولكن بشكل مرحلي ولهم اتصالات خارجيه وتمويل مادي وبيانات ووسائل أعلاميه .

المهم منذ فتره قامت الشركه بالاتصال بالقيادات البعثيه المرتبطه بالمرشدي وبشكل سري وخارج الارض العراقيه وبصوره مباشره بدون قنوات وسطيه ولا عملاء حفاظاً على السريه التامه , أدى هذا الاتصال الى اتفاق , وهو التخلص من القياده الحاليه لداعش عن طريق أنقلاب داخل داعش نفسها ومن قبل اعضاء البعث والذين تحت قياده المرشدي , والسبب من هذا أن الشركه قد قررت أن البغدادي أصبح ورقه خاسره وان التنظيم يجب تغيير مساره التشددي وحرفه بأتجاه حزبي وأن افضل من يقوم بالمهمه هي قيادات في البعث كانت في السابق قيادات عسكريه أمنيه واستخباريه في النظام السابق قبل 2003 , ولان الشركه كانت تخطط بشكل لامثيل له فعليها أن تضع خطط بديله في حال فشل أي مخطط تروم تنفيذه كما انها تضع خطط وهميه لاتنفذ وهذا من اساسيات العمل الاستخباري المحترف وكانت المعلومات تشير بان داعش سوف يحتجز قادة الانقلاب في حال فشله في ذلك الموقع وحسب الاحتمالات والبيانات والحسابات الاستخباريه التي استجمعتها الوكاله .

الان لابد ان يكون هناك غطاء للعمليه , قررت الشركه أستدعاء بعض المجندين الكُرد والذين كانت أوامرهم من قيادات المستشارين الامريكان حصراً بدون المرور بقيادات البيشمركه وحتى رواتبهم كانت من الجيش الامريكي , تم الاستدعاء وأخذوا يتدربون على خطه الانقاذ البديله في حال فشل عمليه الانقلاب على البغدادي والتي طالبت بها القيادات البعثيه عند أتفاقها مع الشركه , حسناً تم التدريب على عمليه الانقاذ وبانتظار ساعة الصفر , الان لكي يتم تنفيذ الانقلاب على البغدادي هناك محور لايمكن تجاوزه ويجب أعلامه قبل بدء أي خطوه وهي القياده السعوديه , وهنا حتى تضمن الشركه الموافقه على هذا الانقلاب لابد من تقديم ضمانات بأنهاء حكم بشار الاسد والتي تصر عليه السعوديه لحد الان فقامت الشركة باطلاق يد روسيا على الاراضي السوريه مقابل وعود بعدم الاصرار على بقاء الاسد في السلطه وهذا ماتناقلته وسائل الاعلام بان الاسد يرشح للانتخابات أذا وافق الشعب على ذلك حفاظاً على ماء الوجه ولكل حادث حديث , وافقت القياده السعوديه على ذلك وسياتي الحديث كيف اقتنعت وما علاقة أيران وحزب الله .

تم تنفيذ الانقلاب بهجوم صاروخي من طائرات على موكب البغدادي وطالت بعض القيادات المقربه منه جداً ولكنه لم يكن موجودا في الموكب وفشل التخطيط واستعدت قوات المهمات الخاصه لتنفيذ الخطه البديله في تحرير القيادات البعثيه والتي كانت تتخذ من الموقع في الحويجه مقرا لها في حاله نجاح خطة قتل البغدادي والانقلاب على القيادات الافغانيه المواليه تماما للبغدادي والذي بعد أنتباهه للموقف وشكوكه المتزايده أصدر الاوامر بحجز القيادات البعثيه المهمه ومن كان تحتهم من الاشخاص والذين كان أغلبهم من العراقيين , وكما يبدو وحسب الاسماء التي تم أعلانها أن بعضهم كانوا أخوه أو أولاد عم  ومن المقربين فقط للسريه التامه , , وبدأ التحقيق معهم ولكن ولا واحد منهم كان يعرف أن الاستخبارات الامريكيه هي المدبره لذلك  , لم يتوصل التحقيق الى دليل قاطع ولكن البغدادي ارادها ذريعه للتخلص من هذه القيادات البعثيه خوفا من انقلاب مستقبلي , وصلت المعلومات وتم تنفيذ الانزال ونجح بأجلاء المحتجزين ,وتم نقل المهمين منهم الى الولايات المتحده وسوف لن نراهم أو نسمعهم ثانية أبداً , بقي الموقع الذي دمر تدميرا شاملا وهذا مهم ويسميه الخبراء في الاستخبارات بالتدمير الذاتي أي في حال الانكشاف يتم تدمير كل شئ له صله بالمكان أو المقر .

ولكن ماهي الاهداف ,اولا بعد الاتفاق مع القيادات البعثيه سوف يتم حسم معركة الرمادي بسهوله جدا وسيندحر داعش بسهوله وتكون القوات الامريكيه والمتدربين معهم في الواجهه والمهم أن البعثيين هم من سيمسك الارض وسيدخلون بالعمليه السياسيه بالاضافه الى تكوين قوه مسلحه توازن فصائل الحشد الشعبي التي تقاتل هناك وهذه يعني حجز هذه الفصائل وتحجيم دورها خوفا من توحيد قياداتها على المدى الطويل , وهذا اتفاق ضمني مع ايران بتقليص نفوذها في العراق مقابل سوريا , حيث انتقل قاسم سليماني مباشرة الى سوريا لتعزيز قواته هناك , الامر الثاني أن العراقيين الذين أرتبطوا بداعش سوف يتخلون عن ارتباطهم مقابل تاسيس مايشبه الاقليم والذي سيكون لحزب البعث دوراً مهما به حيث سيمثل هذا المثلث حاجزا امام المد الايراني الشيعي في المنطقه , وهذا ما أقنع السعوديه التي لم تنسى الطلب من الشركه ان تسد كافة منافذ الدعم اللوجستي والمالي من قبل ايران لحزب الله وهذا ما وافقت عليه روسيا التي ليس من مصلحتها ان تدعم حزباً مثل حزب الله وليس من ايديولوجياتها ان تؤسس علاقه معه , لذلك عندما تنتهي الحرب في سوريا سيكون هناك انحسار لدوره فيها وسيحاول مد نفوذه في العراق بشكل اوسع لانه هو الداعم الاعظم لتوسيع النفوذ الايراني في المنطقه .

واخيرا وبعد هذا التخطيط الشامل للمنطقه نرى ان الاعلام ولاسيما الامريكي أخذ يؤسس لعمليات مماثله وهذا منهج واضح يسمى ( الاشغال ) فأخذت الصحف الامريكيه تنشرالتقارير بأن الفرقه الخامسه لاترتبط بالقياده العسكريه في المركز وانها تتبع قيادات اخرى وهذا سيشغل القيادات الصغيره وستقوم باعادة حساباتها وتقييمها للوضع العسكري وستكون دائماً في تحسب ولن تقدر على أخذ زمام المبادره فتكون في تحسب وقلق دائم , وقد نجح الاعلام الامريكي في ذلك كما تبين من التصريجات الاخير لبعض قادة الفصائل التي تخوض المعارك الميدانيه ضد داعش .

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى