ما زلت أعيش هول المفاجأة.. فطوفان الأقصى أصابني بالذهول، ليس عن شك في قدرات المجاهدين الفلسطينيين، أو عدم ثقة في جسارتهم وبأسهم الشديد، بل لشيئين اثنين لا ثالث لهما وهما ضعف الأجهزة الاستخباراتية وكذا هوان الأنظمة العربية.
ومن هنا تبدأ الحكاية والتصاقا بالأمر فإن وعد الله سيتحقق تذكرنا أم غفلنا، فالله وحده القادر على إنفاذ وعوده للبشر مسلمهم وغير مسلمهم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخلف الله وعده وهذه قضية مسلم بها، ولا جدال ولا مراء فيها.
وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً سورة الإسراء آية4-6.
أما الموضوع الأساسي لهذا الحدث الجلل الذي تشهده المنطقة على أرض فلسطين فهو ذلك الإعجاز الذي يحدث على الأراضي الفلسطينية بعمومها، وخصوصا في غزة الروح النابضة بالحياة والبسالة والشجاعة وقوة الإيمان، وهي كذلك فقد كشفت السوءات، وسقطت ورقة التوت الأخيرة عن ذلك المحتل المتغطرس الذي ظن أنه قادر على كل شيء، فإذا بشباب «كتع» يخرجون من بين الانقاض ووسط حصار خانق برا وبحرا وجوا، ويفاجئوا هذا المحتل بهذا الكم الهائل من الصواريخ والطائرات المسيرة والجرافات التي أزالت الحواجز وكأنها في مشروع تسوية طرق أو أراضي استصلاح ولم يتمكن المتغطرسون من مجابهتها، بل فروا أمامها مذعورين ليقعوا في قبضة الشباب المناضل الذين قدموا للعالم نموذجا فريدا من التعامل الإنساني وفق ما أمر به الإسلام.
نجح هؤلاء الفترة بقيادة القائد الملهم أبو عبيدة درسا في فنون كيفية الدفاع عن الأوطان لا يضرهم من خذلهم، وهم كثيرون في وقتنا الراهن.
فلم تنجح الاستخبارات في التنبؤ مما دفع العدو إلى الاعتراف بالهزيمة النكراء وخبراؤهم بالخزي، وهذا يجعلنا نعيش حالة الأمل بأن الأمة مازالت بخير.
ابتعاث الأمل يجعلنا جميعا نعيد النظر فيمن يحكم الأمة العربية التي تعيش حاليا أضعف وأسوأ فترات عمرها، وقارئ التاريخ لا يمكن أن يجد في تاريخ الأمة منذ انطلاقه قبل 1500 عام تقريبا أسوأ ولا أردأ من هذه الحقبة، فببساطة شديدة حكامها يأتون دون رغبة الشعوب العربية المغلوب على أمرهم، ولا يجلسون على الكرسي إلا بعد صدور قرار التعيين من واشنطن، ويستمرون في تلقى التعليمات وينفذونها بإخلاص متناه، ويتحولون إلى سكرتارية لا يمارسون رجولتهم إلا على شعوبهم ويجعلونهم يعيشون الذل والفقر والمرض والعجز.
وما كانت البيانات الصادرة من الحكومات العربية إلا شاهد على عمالتهم، ومما يثير العجب والاستغراب أنهم لا يستحون، ولا يخجلون، واتساءل.. كيف ينظرون لأنفسهم في المرآة؟.. عدونا هش وضعيف والدليل ما حدث يوم «الكيبور» 7 من أكتوبر 23م فلماذا نتخاذل أمامه؟ مجرد الإعلان عن التضامن مع المرابطين سيزلزل الأرض من تحت أقدامهم ويجعل النصر قريبا مننا، ويحمى المناضلين، ويحرر القدس ليكون موعدنا جميعا الصلاة فيه بإذن الله.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية