جهزوا كل مستلزماتهم، وقاموا بكراء قاعة الأفراح وطباعة استدعاءات الزفاف وتوجيه الدعوات للناس، لمشاركة فرحهم مع جميع عائلاتهم وأحبابهم وأصدقائهم.
استعدت حنين لفرحها وكانت سعيدة مثل كل عروسة، ليتم استقبالها هي وزوجها ريفان أمام قاعة الأفراح بأصوات الزغاريد وايقاع الدبكة وكانت سعيدة من قلبها هي وزوجها وسط تواجد العائلة الكبيرة.
ثم جلست في القاعة وما إن قامت لترقص الرقصة الأولى والتي كانت الأخيرة، كان كل من حولها يصرخ، لم تفهم هي وزوجها ماذا يحدث نظرا للأفق باستغراب، وكأنهما في صدمة من الذهول.
وإذا بالناس تركض والنيران تشتعل في القاعة، نيران وكأنها حرب في كل مكان تنتشر والناس يصرخون وحنين مصدومة لم تستطع حتى أن تتحرك من مكانها وزوجها قد أمسك يديها وحاول أن يبعدها عن الخطر، ومن جهة أخرى الناس يحترقون، أطفال صغار قد احترقوا، ومن جهة أخرى البعض الآخر قد اختنقوا من النار الملتهبة.
لتعلن العراق عن مقتل أكثر من مائة شخص في حفل زفاف لينقلب هذا الزفاف إلى مأتم، لتنقلب أصوات الزغاريد إلى أصوات البكاء.
وما ذنب ريفان وحنين في كل هذا
ما ذنبهما لتصبح قصة حبهما لعنة
وأي ذكرى سوف يخلدانها، حنين التي خسرت عشرة من عائلتها والدتها وأخيها والكثير من عائلتها لتفقد القدرة حتى على الكلام، لينطفئ شعاع الأمل من وجهها، وريفان ذلك المسكين الذي سأل عن ذنبه وماذا فعل لينقلب أجمل يوما في حياته إلى مصيبة أدمت قلوب جميع العرب ومن جهة خطيب مريم ستيفن، مريم الشابة التي كانت تستعد هي أيضا لزواجها بعد أسابيع لتموت مختنقة وآخر ما أرسلته لخطيبها سوف أموت القاعة قد اشتعلت، انتبه لنفسك، ليفقد هو الثاني صوابه ويحاول أن ينقذها ويسرع إليها ليجدها قد ماتت على الكرسي وهي مختنقة وفي يديها هاتفها الجوال وآخر كلماتها قد صدقت عندما قالت سأموت انتبه لنفسك.
كم هو مؤلم الموت، هو شعور مؤلم جدا، أن تفقد شخص ولا تستطيع أن تستوعب كيف رحل بهذه السرعة وأنك لن تستطيع أن تكلمه مجددا ولا حتى أن تلمح وجهه وطيفه وروحه، وأنه لم يبقى منه شيء سوى الذكريات والصور والرسائل وماذا لو كان أقرب المقربين فهذا الشعور سيكون مرا لن تستطيع أن تتجاوزه بمر السنين.
فما بالك في هذه الكارثة التي أصابت إخواننا في العراق ليتحول أجمل يوم في حياة كل زوجين إلى ذكرى مؤلمة سوف تبقى لسنين، وتلك الشابة المسكينة التي خسرت أمها وأخيها وعائلتها لتساءل نفسها هل أن زواجها ذنب أم ذنب من؟
مع أن الذنب ليس ذنبها، الذنب هو ذنب كل ما ساهم في هذا الحريق، هل يعقل أن قاعة زفاف لا يوجد فيها أجهزة سلامة، هل يعقل أن النار قد أحرقت الجميع بدون أن يوجد طفايات.
هل يعقل أن المسؤولين لهذه الدرجة يستهترون بحياة عامة الشعب، هل يعقل أن الفساد أصبح منتشرا في كل مكان، الذنب هو ذنب كل فاسد وكل مرتشي، كل من سلك طريق المال الحرام على حساب أرواح الناس لتكون النتيجة هكذا، أبرياء يدفعون ثمن أخطاء الفاسدين.
كان الله في عون إخواننا في العراق على هذه المصيبة الكبيرة التي حلت بهم .
سنوات والعراق تنزف من الحرب إلى داعش وعندما استعادت القليل من بريقها قتل الفساد والفاسدين المواطنين الأبرياء بدون ذنب في أسعد أيام حياتهم لتصدق كلمات ريفان عندما قال أحنا متنا بداخلنا.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية