نون والقلم

د. محمود عبد العال فراج يكتب: ديمومة الأعمال تحدي وتواصل أجيال

لفت صديقي الصدوق في محادثة هاتفية ليلية إلى موضوع هام أثناء نقاشنا عن نيتنا القيام بالاستحواذ على واحد من المحال في إمارة دبي، وهو أنه من هواة وعشاق ما تكتبه المحلات في لوحاتها أن المحل مؤسس منذ العام ( عادة ما يكون تاريخ قديم) ويقول: كيف استطاع ملاك هذا المحل الحفاظ على إرث أعمال أجدادهم لفترات تتجاوز المائة عام؟

فكان ردي أنها ديمومة الأعمال، وأنهم غالباً ما يضعون استراتيجيات قد تكون مكتوبة، أو مواثيق، أو عهد بمواصلة الأعمال، وغالباً في الأعمال الفردية ما يحتفظ الأبناء والأحفاد بمهن أسلافهم حفاظاً على تلك المهنة من الزوال، أو باعتبار أنها مصدر الدخل الوحيد للأسرة.

واتفقنا على أن أقوم بكتابة مقال عن هذا الموضوع الذي تجدونه بين أيديكم الآن وأتمنى أن يوفقني الله إلى عرض الأمر بطريقة مبسطة واضحة تساعد في توضيح الصورة، وهل الأمر صحيح أم أنها مجرد نوع من الدعاية غير المباشرة لهذه الشركات والمؤسسات بأنها نجحت في المحافظة على نموذج أعمال لفترات ليست بالقصيرة.

ديمومة الأعمال هي مصطلح يشير إلى قدرة الشركة أو المؤسسة على البقاء والاستمرار في النجاح على المدى الطويل،ويعتمد هذا على القدرة على تحقيق أرباح مستدامة والتكيف مع التغييرات في البيئة التنظيمية والسوق والتكنولوجيا. ولتحقيق ذلك يجب على الشركات تطوير استراتيجيات تنافسية فعّالة، والاهتمام بتلبية احتياجات الزبائن، وتحسين عملياتها الداخلية، والاستثمار في البحث والتطوير، والابتكار، وتوظيف وتطوير موظفين محترفين، والحفاظ على سمعتها وثقتها في السوق. ويعتبر هدفً مهماً للشركات الناجحة لأنها تساعد في تحقيق الاستقرار وزيادة القيمة للمساهمين والمستفيدين من الشركة على المدى الطويل.

إن عملية انتقال الأعمال بين الأجيال يمكن أن تكون تحدياً كبيراً يتطلب التخطيط والتحضير الجيدين لضمان نجاح العملية واستمرارية الشركة،كما ويتطلب نقل ملكية وإدارة الشركة أو المؤسسة من جيل إلى آخر داخل عائلة أو مجموعة من المساهمين أو الشركاء.وتعتبر هذه العملية في غايةالأهمية لضمان استمرارية الشركة عبر الأجيال وللحفاظ على التراث والقيم التي بنيت عليها.

وتشمل عملية انتقال الأعمال بين الأجيال تحديد استراتيجية معينة لانتقال الأعمال،وتحديد الأهداف والخطط المستقبلية للشركة شريطة قابلية هذه الاستراتيجية للتطبيق على مستوي القانون، وكذلك أن تكون الأهداف قابلة للتحقق ووجود المعينات والأدوات القادرة على تحقيقها.

كما وتتضمن أيضا اختيار الشخص أو الأشخاص الذين سيتولون إدارة الشركة بعد الانتقال، سواء كانوا من أفراد العائلة أو خارجها. وكذلك التأهيل والاعداد القانوني والفني والمالي اللازمين لإتمام عملية الانتقال لإجراء الصفقات القانونية والمالية اللازمة لنقل الملكية وتوزيع الأصول. بالإضافة إلى تدريب الخلفاء لضمان تحقق الأهداف المستقبلية، وكذلك مراقبة أداء الشركة بعد الانتقال، وتقييم تنفيذ الاستراتيجية والأداء المالي، كما ويجب تقييم جميع الأصول والممتلكات المتعلقة بالشركة بما في ذلك العقارات والأموال والأصول المعنوية.

إن المحافظة على نشاط الأعمال لأطول فترة زمنية ممكنة يتطلب وضع استراتيجية تحقيقية تنظر إلى المستقبل وتحدد كيفية تحقيق الأهداف على المدى البعيد. وكذلك وجود تنوع المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركة بما يخفض من المخاطر ويزيد من فرص النمو المستقبلي. كما أنه لابد من الاهتمام والاستثمار في البحث والتطوير لتحسين وتطوير المنتجات أو الخدمات والبقاء على اطلاع دائم على التطورات التكنولوجية واحتياجات الزبائن.

كما أن اكتساب عملاء جدد في مناطق جغرافية مختلفة(التوسع الجغرافي)من شأنه أن يقوي نشاط الشركة ويوسع نطاقها إلى جانب الاعتناء ببناء علاقات جيدة مع العملاء والموردين والشركاء التجاريين للمساهمة في استقرار الأعمال، بالإضافة الي حسن اختيار الموظفين المؤهلين والمدربين مع تطويرهم بشكل مستمر لضمان تميز الأداء مع استمرار مراقبة وتقييم الأداء بشكل مستمر لضمان أن الخطة تسير في الطريق الصحيح ومعالجة أخطاء وانحرافات التنفيذ، مع العمل على تعزيز العلامة التجارية للشركة والاعتناء بها من الشوائب وضمان حفظها بشكل قانوني، بما يجعلها علامة تجارية قوية وذات قيمة معروفة لدي العملاء من خلال اتباع الاستراتيجيات والتكتيكات التسويقية المتميزة بهدف حماية العلامة، كما يجب العمل على تحليل المخاطر ومراقبتها ومعرفتها، وإعداد الخطط اللازمة لمعرفة والتحكم في تلك المخاطر، والإبقاء عليها في مستويات متدنية.

كما ويجب الالتزام بممارسات أخلاقية والحفاظ على المسؤولية الاجتماعية بما يسهم في بناء سمعة إيجابية ومستدامة للشركة. إن الالتزام والإبقاء على هذه المبادئ والاستجابة للتحديات والتغيرات في البيئة التجارية كفيل باستمرار محافظة الشركة على نشاطها لأطول فترة زمنية ممكنة.

كما وأن احتفاظ الشركات والمؤسسة بنموذج أعمالها لفترات طويلة تتجاوز العديد من السنوات يتطلب العديد من العوامل والممارسات الرئيسية التي تشمل تحديث وتنويع منتجاتها إن كانت تقدم أكثر من منتج أو خدمة، أو العمل على تطوير المنتج الوحيد أو الخدمة الوحيدة التي تقدمها بحيث يكون ذلك المنتج محافظاً على قوامه وصفاته التي اشتهر بها على مدى الزمن، وبالشكل الذي يمكنه من المحافظة على العملاء القدامى وكذلك اضافة عملاء جدد باستمرار، وهذا يتطلب أيضا متابعة ومراقبة رغبات العملاء التي تتغير مع مرور الوقت، أو باختلاف أجيال المستهلكين، وهذا الأمر كفيل بأن تستثمر الشركة في البحث والتطوير بشكل مستمر بما يجعلها متقدمة على قريناتها.

كما أن الحفاظ على سمعة الشركة وعلامتها التجارية ومنتجاتها وخدماتها يساعد على الاحتفاظ بالعملاء القدامى وكذلك جذب جيل جديد من العملاء بالشكل الذي يؤدي إلى زيادة قدرة الشركة على المنافسة في الأسواق المحلية والمستهدفة على مر العصور.

من الجدير بالذكر أنه يجب على الشركات والمؤسسات والمحال التي ترغب في الحفاظ على بقائها واستمراريتها التركيز على بناء استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق النمو والاستدامة، كما يتطلب البقاء والنمو والديمومة ضرورة الالتزام بالقيم والأخلاقيات وإقامة ثقافة تنظيمية تعزز الابتكار والجودة ورضا العملاء.

بالإضافة إلى وجود خطة واضحة لنقل الإدارة والملكية بين الأجيال مع التركيز على تطوير قيادة جديدة مع ضرورة مراعاة الأثر البيئي والاجتماعي لأعمال الشركة والاحتفاظ بسجل مميز في هذا الاطار. كما ويجب على الشركة ضرورة متابعة ومراقبة التغيرات والمتغيرات التي تحدث بالأسواق، ومحاولة استيعاب تلك العناصر من خلال  تعديل استراتيجيتها وخططها، بحيث تستطيع مواكبة تلك التغيرات الحادثة.

كما يجب عليها تطبيق افضل الممارسات في إدارة العمليات و التكلفة وتحسين الكفاءة بما يجعلها متفوقة تنظيمياً على مثيلاتها في ظل وجود قيادة فعالة قادرة على اتخاذ القرارات الحكيمة وتدعم الابتكار والتغيير. إن شركات مثل شركة كوكا كولا وفورد وجنرال إلكتريك وغيرها حافظت على استدامة أعمالها لمدة قرن أو أكثر عبر تطبيق هذه الممارسات والالتزام بالابتكار وتحسين الجودة والاستجابة للتغيرات في السوق والتكنولوجيا.

إن المحافظة على استدامة وتنظيم أعمال الشركات التي تتعاقب عليها أجيال مختلفة يتطلب النظر إلى المستقبل برؤية وبعناية لوضع الخطط اللازمة التي تمكن الشركات والمؤسسات على البقاء والنمو والاستمرار، مع الإبقاء على قنوات تواصل جيدة ومميزة بين جيل المؤسسين والأجيال اللاحقة التي تمكن من نقل الخبرات والمعرفة لتلك الأجيال بالشكل الذي يسهل من عملية تعاقب الأجيال في إدارة الأعمال بكل سهولة ويسر، دون الدخول في فترات انتقالية بين جيل وآخر نتيجة لافتقاد قنوات التواصل بين الأجيال.

وذلك يتطلب من جيل الأبناء ضرورة احترام وتقدير الخبرات والمعرفة المتراكمة لجيل الأباء المؤسسين والتعرف على دورهم في النجاح والاستمرار برغم التحديات التي عاشته الشركات والمؤسسات والمحال علي مدار الزمن، وهذا يتطلب بكل تأكيد ضرورة تزويدالقيادة بالأدوات والمهارات اللازمة لإدارة فرق متعددة الأجيال بفعالية، وتشجيع ثقافة منفتحة وشمولية تقدم فرصاً متساوية لجميع أعضاء الشركة، بغض النظر عن العمر، وتوظيف موظفين جدد من مختلف الأجيال، وتوفير فرص التدريب والتطوير لهم لزيادة تعاونهم وتفاهمهم مع ضرورةاستخدام التكنولوجيا لتسهيل التواصل وتبادل المعلومات بين الأجيال المختلفة، وتشجيع جميع الأجيال على العمل بروح الفريق، والتفكير في مصلحة الشركة فوق مصالح الأجيال الفردية، ومراجعة الأداء بانتظام وتقديم التعديلات والتحسينات حسب الحاجة، بالإضافة إلى ضرورة التعامل مع التغييرات التنظيمية بفعالية والاستعداد للتحديات الناشئة.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أنه لابد من إدراك حقيقة أن الأجيال المختلفة لها توجهات وقيم مختلفة، وبالتالي فإنه  يجب أن تعمل الشركة على خلق بيئة تعزز التنوع، وتواجه التحديات بروح التعاون والمرونة.

قد يتساءل الكثيرون هل اتبعت كل من المحلات والمؤسسات الفردية كل ما ذكر من خطوات حتى استطاعت من خلالها المحافظة على أعمالها وبقائها؟ وهل كان المؤسسون لهذه الأعمال أثناء تأسيسها أو لاحقاً عند استلام الجيل الثاني أو الثالث على علم بكل ذلك؟

والإجابة غالبا لا، وهنا يظهر السؤال الثاني فكيف استطاعت تلك الأعمال البقاء؟ هنا لابد أن ندرك أن الكثير من تلك الأعمال والأنشطة انتقلت إلى أجيال لاحقة بناء على الموروث الأخلاقي للعائلة أو الاسرة بضرورة الحفاظ على مهنة الأباء والأجداد، وأن يكون واحدا من الأبناء والاحفاد قادراً على مزاولة تلك المهنة والافتخار بأنه استطاع الحفاظ على الموروث المهني للأسرة.

إذن، كانت التقاليد والأعراف والقيم هي بمثابة القوة التي استندت إليها تلك الأعمال والأنشطة التجارية في البقاء والاستمرار، ولكن هذا لا يمنع من وضع إطار منهجي نستطيع من خلاله التعرف على كيفية المحافظة على الأعمال وبقائها ضمن إطار علمي يستند إلى دراسات وأبحاث اهتمت بهذا الطرح. اذن، يعتبر من الضرورة وضع قوانين وإجراءات منظمة للشركات العائلية لضمان سهولة انتقال الحصص إلى الأجيال الجديدة.

وهذا يعتمد بدوره على العديد من العوامل والممارسات من خلال وضع وثائق تأسيس دقيقة وعقود تنظيمية تحدد القوانين والقواعد التي تحكم انتقال الحصص العائلية، وتحديد هياكل تنظيمية واضحة تنظم العلاقات والمسؤوليات بين الأسرة والشركة والمديرين، وإنشاء مجلس أسري أو لجنة تعنى بشؤون العائلة والشركة، وتسهم في توجيه القرارات المتعلقة بالانتقال، ووضع خطط واضحة ومحددة لكيفية انتقال الحصص والملكية من جيل لآخر،وتدريب وتعليم أفراد الأسرة الجدد لضمان تجهيزهم لتولي المسؤولياتوالاستعانة بخبراء في مجال القانون والمالية والتخطيط الاستراتيجي لضمان تنفيذ سليم لخطة الانتقال، وكذلك تعزيز الشفافية فيما يتعلق بقرارات الشركة والملكية والاتفاقات الأسرية، واحترام إرادة المؤسس والالتزام بأهدافه الأصلية للشركة، والذي يدوره يقودنا إلى محاولة استكشاف القوانين التي وضعتها الدول المختلفة في هذا الخصوص.

على حد ما توفر لي من مصادر أن  أول قانون للشركات العائلية في العالم قد تم اعتماده في إيطاليا في عام 1908 بموجب ما يُعرف بـ «قانون التصميم المدني» (Codice Civile). هذا القانون قد وضع أسساً لتنظيم الشركات العائلية وعلاقات الأسرة في سياق الأعمال التجارية.

وقد أثر هذا القانون على التشريعات المماثلة في العديد من البلدان الأخرى حول العالم كالمملكة المتحدة التي سنت مجموعة من التشريعات التي تنظم شركات الأسرة والشركات العائلية وأحد القوانين الرئيسية المتعلقة بهذا الموضوع هو قانون الشركات لعام 2006 (Companies Act 2006)، الذي ينظم أنشطة الشركات بشكل عام، ويتضمن بعض الأحكام التي تتعلق بالشركات العائلية وأعضاء الأسرة في إدارتها وحقوقهم والالتزامات المتعلقة بها.

بالإضافة إلى ذلك هناك تشريعات وتوجيهات أخرى في المملكة المتحدة تتعامل بشكل خاص مع قضايا الشركات العائلية والمسائل الضريبية والتخطيط الخاص بها، اما في نطاق منطقتنا العربية فقد تحصلت على القانون الذي أصدرته إمارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة بالرقم (9) لعام 2020م  والذي سمي بقانون تنظيم الملكية العائلية في إمارة دبي ويتكون من (27) مادة غطت جميع ما يخص الشركات العائلية وما يخص الانتقال من جيل الى آخر، وهو قانون شامل يمكن اعتباره قانونا مثاليا لتنظيم الأمور الخاصة بالملكية العائلية وتوارث الأجيال وتسوية النزاعات حال حدوثها وآلية فض تلك المنازعات.

كما وحدد وعرف القانون ماهية عقد الملكية العائلية، ولعل الإمارة أرادت من خلال هذا القانون توضيح مآلات الشركات العائلية التي ساهمت في بناء اقتصاد  الإمارة حال وفاة المؤسس أو المؤسسين، باعتبار أن ظهور تلك الشركات ارتبطت تاريخيا بتجارة واقتصاد إمارة دبي، وحقيقة أن السلطات في إمارة دبي أرادت من خلال ذلك القانون المساهمة بشكل فاعل في إبقاء تلك الشركات لتمارس دورها الطبيعي في اقتصاد الإمارة خاصة وبعد وفاة العديد من مؤسسي الشركات العائلية فيها.

ويعتبر ذلك القانون بمثابة خارطة طريق واضحة رسمها صانع القرار في الإمارة بضرورة الانتقال السلس للأعمال بين الأجيال المختلفة، ولعل ذلك يعتبر بمثابة تنبيه وتذكير لجميع الأقطار العربية بأن تنظر إلى ذلك القانون، ومحاولة وضع القوانين واللوائح المنظمة لتلك الشركات بناء على طبيعة كل دولة.

لكن لماذا وضعت تلك القوانين؟ ولماذا الحديث بإسهاب عن ضرورة المحافظة على ديمومة الأعمال واستمراريتها ونموها وبقائها؟ والأسباب متعددة فالإبقاء علىتلك الشركات والمؤسسات لفترات زمنية طويلة له العديد من المزايا والفوائد، فهو كفيل بأن يحقق الاستدامة المالية لتلك الشركات بما يسمح لها بتوليد أرباح مستمرة بما يساعد على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي للشركة وللاقتصاد الذي تعمل به، وذلك يعمل أيضا على أن تستفيد الحكومات من تقدير وزيادة التحصيل الضريبي من تلك المؤسسات.

كما أن الإبقاء عليها يمكن من توفير فرص عمل مستمرة للباحثين عن عمل، مما يسهم بصورة فاعلة في حل وتخفيض معدلات البطالة، والتقليل من معدلات الجريمة،والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في المجتمعات. كما وأن بقاء تلك الشركات لفترات زمنية طويلة يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين والمصارف، مما يزيد من فرص الحصول على التمويل والاستثمارات اللازمة بما يمكنها من جذب والاحتفاظ بموظفين محترفين على المدى الطويل، وتطويرهم بالإضافة إلى أن الاستمرارية تسهم في بناء سمعة إيجابية للشركة، وتعزز الثقة لدى العملاء والمستثمرين والشركاء التجاريين، وتمكن الشركة من استثمار في البنية التحتية وتطوير التكنولوجيا للبقاء على اطلاع دائم بالتطورات والمتطلبات الصناعية بما يتيح لها الفرصة لتحسين العمليات وتبني أفضل ممارسات إدارة الأعمال، كما ويمكن الشركة من الاستثمار في مسؤوليتها الاجتماعية والبيئية على المدى الطويل،ويسمح لها بتطوير استراتيجيات طويلة الأمد والتي توفر فرص النمو والتوسع بما يسمح لها ببناء علامة تجارية ومكانة تنافسية قوية في السوق على مر الزمن.

إن الإبقاء على الشركات على مدى زمني طويل يجب أن يكون أولوية وهدف للحكومات والدول قبل ان يكون هدفاً لإدارة الشركات ومديريها، لأن استمرار نماذج الأعمال في شتى القطاعات الاقتصادية المختلفة في الدولة كفيل بأن يحقق هدفها في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي للدولة ككل، ويجعل منها قبلة للشركات الإقليمية والعالمية لاستكشاف كيف استطاعت هذه الدولة من خلال قوانينها ونظمها المحافظة على استمرار الشركات في بناء نماذج أعمالها واستمرارها في النمو والبقاء لفترات طويلة على مدى العصور.

وهذا بحد ذاته هو هدف استراتيجي للعديد من الدول التي تتطلع لأن تكون على أراضيها استثمارات خارجية متعددة تدعم اقتصادها، وهذا لن يتأتى الا ببذل الجهد في محاولة تنظيم أعمال الشركات بشكل عام والشركات العائلية والأسرية بشكل خاص، من خلال سن ووضع القوانين والتشريعات المنظمة لأعمالها، خاصة في منطقتنا العربية. وفي هذا الصدد لابد من الإشادة بتجارب العديد من دول الخليج العربي.

ولعلنا استعرضنا تجربة إمارة دبي في تنظيم ووضع اول قانون متخصص لهذا النوع من الشركات، ولكن الناظر للعديد من الدول الخليجية يلاحظ أن الشركات العائلية فيها استطاعت مواجهة التحديات التي مرت بها، واستطاعت الحفاظ على نموها واستمرارها رغم التغيرات التي شهدها قطاع الأعمال على مدار الزمن، وذلك من خلال محافظة تلك العوائل والأسر على موروثها التجاري بالاعتماد على القيم الأخلاقية والأسرية، ولاحقا من خلال تدريب تعليم الأجيال اللاحقة لاستلام الأعمال وتجسد تجارب تلك الشركات العائلية العديد من الدروس حول كيفية تحقيق التوازن بين المصلحة العائلية والأعمال التجارية لضمان النجاح والاستمرارية على مر الأجيال.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى