كل شيء قد زلزل في أقل من دقيقة، وزلزلت معاه كل الأحلام والطموحات والمشاريع والمنازل والمباني والمحلات، كل شيء قد اندثر وأصبح حطام، مجرد بقايا على الأرض متناثرة في كل مكان وكأننا لا شيء مجرد كائنات ضعيفة، فعلا نحن ضعفاء، ضعفاء أمام الكوارث الطبيعية، ضعفاء أمام قدرنا، ضعفاء أمام ساعتنا عندما تأتي، لا يوجد مفر واحد منها.
منذ أن حدث زالزل المغرب و إعصار ليبيا و أنا أتساءل هل ستنتهي الدنيا؟ هل بدأ العد التنازلي، هل هذا من علامات الساعة؟ هل ستجف الصحف وترفع الأقلام؟ هل هذا موعدنا مع الله؟ هل حان الوقت؟
أسئلة لا أجد لها إجابة، ماذا سنخبره وماذا سيخبرنا هل ميزان حسناتنا سيغلب سيئاتنا ونفوز بالجنة وقبل الجنة برؤية الله عز وجل، الإله العظيم الذي خلق كل شيء وكان أرحم بنا من أنفسنا وكان أعلم بنا من كل شيء وأعلم بما في نفوسنا، كم مرة قد أخبرنا في عدة آيات قرآنية أن هذه الدنيا سراب وأنها فانية، لكننا قد تناسينا وأعمتنا الحياة عن رؤية الحقيقة وهي أن الدنيا زائلة وهو الذي قال « إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا، وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا، يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» .
و هو الذي قال «يوم لا ينفع لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم».
وقال أيضا «يَومَ يَفرّ المَرء من أَخيه وَأمّه وَأَبيه وَصَاحبَته وَبَنيه لكلّ امرئ منهم يَومَئذ شَأنٌ يغنيه».
وهل بإمكاننا أن نتخيل أننا في ذلك القبر الصغير والضيق، ولن نتذكر شيء ولن تشفع لنا أموالنا ولا شهرتنا، ولا سلطتنا ولا شهائدنا العلمية ولا حتى أحبابنا ولا صراعاتنا ولا نزاعاتنا، في حفرة صغيرة جدا وكأننا لم نكن شيء .
عن نفسي قلت هذا اليوم عندما سوف أكون في تلك الحفرة لن ينفعني شيء، لن ينفعني حتى بعض الحروب التي كانت تسرق مني السلام، لن أتذكر شيء سوف أكون مجرد بقايا وكأنني لم أعش يوما.
سوف أنسى تلك الدموع التي ذرفتها وتلك الضغوطات التي سرقت مني راحة البال وسأنسى أعدائي وسوف أنسى انجازاتي التي كانت تأخذ مني كل وقتي.
وسوف أنسى كل شيء سوف أكون مثل الذين رحلوا، وقد لا يتذكر الناس اسمي، ولن ينفعني شيء حتى أحبابي الذين كنت أشاركهم كل حياتي.
هذه الأيام أصبحت أنظر إلى السقف والجدران ولوحات المنزل وأسأل نفسي هل سوف تسقط الجدران هل سوف نكون نحن القادمين ثم أواسي نفسي بأن قدرنا لا مفر منه وأن ساعتنا عندما تأتي لا يوجد مفر واحد وأن قدرنا مكتوب متى سوف نموت وكيف سوف نموت؟
فقط نسأل الله حسن الخاتمة، ما صدمني في زالزل المغرب تلك الفتاة التي كانت تتحدث مع شاب خليجي لايف ليصدمها الزالزل وهي بتلك الملابس الغير لائقة
والكثير من المشاهد الغريبة التي لم أرها في حياتي مثل تلك الفنانة التي كانت تسخر من الزالزل والأخرى التي كانت أيضا تتحدث مع شاب أخر لايف، والأخرى والأخرى والعديد من الظواهر الغريبة والعجيبة وفي نفس الوقت الذي لفت انتباهي هو ذلك الشيخ الذي كان يبتسم أثناء وقوع الزالزل وكان يردد الله أكبر، الله أكبر ونفس الشيء شيخ آخر قال ما أجملها من لحظة أن نموت في بيت الله اللهم نسألك حسن الخاتمة أن نموت وأنت راض عنا وأن تلهم الصبر لأخواتنا في المغرب وليبيا .
قلوبنا تعتصر بالألم على ماحدث في ليبيا التي بقيت تعاني بمفردها والمغرب التي فقدت العديد من الناس، ولم يسعفهم الحظ في النجاة مثل الذين كانوا عالقين تحت الأنقاض في تركيا، وذلك بسبب ضعف المعدات، ولازال عدد الجثث في تزايد ولا نستطيع القول إلا أنه قدرهم الذي كتب عليهم ونسأل الله لهم الرحمة.
وفي نفس الوقت هذا الزالزل هو رسالة لكي نفهم أن الموت لا مفر منه عندما يأتي للإنسان وهل يتخيل المرء لثانية أن جدران بيته التي يحتمي بها أنها قد لن تنفعه وتصبح سلاح ضده يسرق منه حياته .
وهل يتخيل المرء أنه يبني في المنزل تلو الآخر والمباني ثم يأتي الزالزل ويدمره في ثانية ليبقى مجرد حطام وبقايا ويأتي الإعصار ليغرقه ويتغير في ثانية المشهد وتنقلب الصورة، حتى صورنا نحن لن تبقى عالقة لا في الجدران ولا في الأذهان، فقط نريد أن تكون صورتنا جميلة أمام الله وأن تشفع لنا أعمالنا ونفوز بلقائه.
عن نفسي صرت هذه الأيام قليلة الكلام، لا أتحدث وصامتة، جلست أمام البحر ولثانية تخيلت أن هذا البحر سوف تثور أمواجه ويفقد السيطرة ويحدث مثلما حدث في ليبيا، قلت لنفسي هل أنا جاهزة لذلك اليوم الموعود هل أعمالي ستشفع لي هل سيغفر الله لي تقصيري في عدة أشياء هل سوف أراه و أنا التي أتوق إلى رؤيته وأتلهف لأن يكون فقط راض عني وأن يعوضني عن كل شيء رأيته سيء في حياتي وعن كل لحظة شعرت فيها بالخذلان والألم وعن كل لحظة لم تكتمل فيها سعادتي وعن كل لحظة تحكمت فيها بنفسي رغم أنني انفعالية كي لا أوذي شخص أذاني وعن كل صبر قد صبرته وعن كل لحظة لم أتخلى فيها عن مبدأ.
هذا الزالزل قد زلزل حتى قلوبنا كي تستيقظ من وهم اسمه دنيا بكل ما فيها، فقط نسأل الله حسن الخاتمة أن نموت بين يديه ولم نعد نريد أي شيء آخر.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية