قال أبو بكر الديب، الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، إن الجابون، هي الحلقة الأحدث مرور عدد من دول غرب ووسط إفريقيا بمجموعة كبيرة من التغيرات الجيوسياسية للتخلص من العباءة الغربية وخاصة الفرنسية بعد أن أعلن مجموعة من الضباط الانقلاب العسكري بها اليوم الأربعاء.
وأوضح «الديب» أن السنوات الأخيرة شهدت محاولات إفريقية متعددة للخروج من العباءة الفرنسية وظهر هذا بوضوح في إنهاء الوجود الفرنسي في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، والنيجر وأخيرا الجابون، وطلبت العديد من دول أفريقيا التعامل مع روسيا والصين بدلا من فرنسا في الملفات الأمنية والعسكرية.
وأوضح أبو بكر الديب، أن الجابون والتي تقع في غرب وسط إفريقيا، تمثل إحدى أكثر دول المنطقة تقدما والأعلى في مؤشر التنمية البشرية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، ومؤخرا أطلق عليها تعرف بـ«عملاق النفط» الإفريقي ومنذ أن استقلت عن فرنسا عام 1960، حكمها ثلاثة رؤساء فقط، بداية من ليون مبا عام 1961 المتهم بتطبيق نظام حكم «ديكتاتوري سعى لضمان المصالح الفرنسية» وبعد وفاته عام 1967 حل مكانه عمر بونغو حتى وفاته عام 2009 ثم نجله الرئيس الحالي علي، وما زالت اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للبلاد.
والمتابع لسوق النفط، يستطيع رصد 4 عوامل تدفع بأسعار النفط إلى مستوي الـ 100 دولار قبل نهاية العام الجارى2023.
وذكر الخبير الاقتصادي، أن أول هذه الأسباب هو تحسن حالة الأسواق باحتمالية تعافي الطلب الصيني على النفط خلال الفترة المقبلة، بعد أن اتخذت الصين وهي ثاني أكبر مستورد لخام النفط عالميا خطوات جديدة لدعم وتعزيز ثقة المستثمرين.
والسبب الثاني يعود إلى انخفاض إنتاج تحالف الدول المصدرة للنفط «أوبك +»، وثالثا تراجع إنتاج نيجيريا من النفط الخام إلى 1.22 مليون برميل يوميا بعد تعليق شحنات النفط الخام «فوركادوس» بسبب خطر التسرب، وأخيرا العاصفة الاستوائية إيداليا التي ضربت غرب كوبا، والتي قد تؤثر على إنتاج النفط من ساحل خليج المكسيك أثناء توجهها نحو فلوريدا في الولايات المتحدة، وأضيف إلى هذه العوامل صباح اليوم «انقلاب الجابون» خصوصاً أن الجابون التي تقع في وسط القارة السمراء، غنية بالموارد الطبيعية، وتعد رابع أكبر منتج للنفط في أفريقيا جنوب الصحراء، وعضوا فاعلا في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
وقال أبو بكر الديب إن الجابون أصبحت أول عضواً كامل العضوية في «أوبك» عام 1975، لكنها أنهت عضويتها عام 1995. وانضمت مرة أخرى إلى المنظمة في 1 يوليو 2016 وتنتج البلاد التي لا يزيد عدد سكانها على 2.14 مليون شخص، نحو 181 ألف برميل من النفط يوميا، ولديها احتياطيات نفطية مؤكدة تقدَر بملياري برميل وبالإضافة إلى النفط، فإن البلاد تمتلك وفرة من المواد الأولية، مثل المغنيسيوم، وتتمتع بقطاعي الزراعة والسياحة المتناميين ومن الصادرات البارزة الأخرى هي الأخشاب واليورانيوم والمنغنيز.
وتوقع «الديب» أن تواجه الأسواق عجزا في المعروض بنحو 1.8 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام الجاري وبنحو 600 ألف برميل يوميا في 2024 كما أن اتجاه الصين لتعزيز ودعم النمو الاقتصادي ومنها تخفيض الضريبة المفروضة على تداول الأسهم داخل السوق الأسهم الصينية، ساهم في صعود أسعار النفط، فالصين تمثل أكبر محرك للطلب على النفط على مستوى العالم.
وواصلت أسعار النفط مكاسبها، اليوم الأربعاء، بعد أن أظهرت بيانات الصناعة انخفاضا كبيرا بمخزونات الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للوقود في العالم، وفي ظل مخاوف الإمدادات بسبب الإعصار إداليا وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم أكتوبر الأول 17 سنتا بما يعادل 0.2% إلى 85.66 دولار للبرميل وينتهي عقد أكتوبر غدا الخميس.
وكان عقد نوفمبر الأكثر نشاطا عند 85.08 دولارا للبرميل، مرتفعا 17 سنتا كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 24 سنتا، أو 0.3%، إلى 81.40 دولار، مسجلة مكاسب للجلسة الخامسة وارتفع كلا الخامين القياسيين أكثر من دولار للبرميل أمس الثلاثاء مع انخفاض الدولار، بعد أن تراجعت احتمالات رفع أسعار الفائدة في أعقاب بيانات الوظائف الضعيفة ويجعل ضعف العملة الأمريكية النفط المقوم بالدولار أقل تكلفة بالنسبة للمستثمرين من حائزي العملات الأخرى، مما يعزز الطلب وكشفت أرقام معهد البترول الأمريكي، أمس الثلاثاء، أن مخزونات النفط الخام تراجعت بنحو 11.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أغسطس، وقد اشترى المستثمرون العقود الآجلة بسبب المخاوف المحيطة بإعصار إداليا، الذي يضرب خليج المكسيك إلى الشرق من مواقع إنتاج النفط والغاز الطبيعي الأمريكية الكبرى وتمثل الحقول البحرية في خليج المكسيك نحو 15% من إنتاج الخام الأمريكي و5% تقريبا من إنتاج الغاز الطبيعي.
وأشار أبو بكر الديب إلى أن شركة التعدين الفرنسية إراميت، التي تملك وحدة كوميلوج لإنتاج المنجنيز في الجابون، قالت اليوم الأربعاء إنها علقت كافة عملياتها في البلاد في أعقاب تطورات وقعت خلال الليل في البلاد وانخفض سهم الشركة بنحو 5% في أعقاب هذا الإعلان.
وقال متحدث باسم الشركة: «بدءا من هذا الصباح تم تعليق كل عمليات «كوميلوج» و«ستراج»، فضلا عن وقف عمليات النقل عبر السكك الحديدية.
كما أشار إلى أنه حسب البنك الدولي، فقد حققت الجابون نمواً اقتصادياً قوياً خلال العقد الماضي، ويشكل النفط 38.5% من الناتج المحلي الإجمالي، و70.5% من الصادرات.
وجمهورية الجابون تقع على الشواطئ الغربية لوسط إفريقيا يحدها خليج غينيا من الغرب، وجمهورية الكونغو من الشرق والجنوب، والكاميرون من الشمال، وغينيا الاستوائية من الشمال الغربي وتقع الجابون على خط الاستواء، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 268 ألف كيلومتر مربع، في حين يبلغ عدد سكانها حوالي 2.1 مليون نسمة، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي حوالي 19 مليار دولار وتصل قيمة الصادرات النفطية حوالي 4.6 مليار دولار فيما بلغت إجمالي صادرات البلاد النفطية وغير النفطية بلغ حوالي 6 مليارات دولار وبلغت احتياطيات النفط الخام المؤكدة حوالي ملياري برميل واحتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة بلغت حوالي 26 مليار متر مكعب وإنتاجها من النفط الخام بلغ حوالي 181 ألف برميل يوميا وإنتاج الغاز الطبيعي يبلغ حوالي 454 مليون متر مكعب يوميا والمنتجات البترولية يبلغ حوالي 19 ألف برميل يوميا وسعة المصافي تبلغ حوالي 25 ألف برميل يوميا وإجمالي الطلب على النفط بلغ حوالي 45 ألف برميل يوميا وإجمالي صادرات النفط الخام بلغ حوالي 181 ألف برميل يوميا وصادرات المنتجات البترولية تبلغ حوالي 10 آلاف برميل يوميا.
وبلغ إنتاج الغابون من الغاز الطبيعي 454 مليون متر مكعب بنهاية 2021، ارتفاعاً من 80 مليون متر مكعب فقط في 2010، وفقاً لتقرير «أوبك» السنوي. وهي تمتلك 26 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة بنهاية 2021، معظمها في حقول النفط.
وذكر أبو بكر الديب أن الجابون بجانب النفط والغاز، تتمتع بطبيعة ساحرة، يمكنها الترويج لها وزيادة النشاط السياحي، فهي واقعة على ساحل المحيط الأطلسي بوسط إفريقيا، وبفضل مناخها الاستوائي تغطي الغابات المطيرة 85% من أراضيها، وتشتهر بأعشاب السافانا وأشجار المانغروف (القرم) والبحيرات والشواطئ، مما يجعلها موئلاً مثالياً لأنواع مختلفة من الحيوانات والزواحف.
وأشار إلى تأكيد عسكريو في الجابون أنهم يتحدثون باسم «لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات»، أنهم «بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل بتدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى.. قررنا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم».. ولا يُعرف إلى الآن مصير الرئيس الجابوني علي بونغو والذي يحكم الجابون منذ 14 عاما، وقد انتخب رئيساً للبلاد لولاية ثالثة بحصوله على نسبة 64.27% من الأصوات – بحسب ما أعلنت الهيئة الوطنية المكلفة بالانتخابات، متفوق بذلك على البير أوندو أوسا الذي حصل على 30.77%.
وأوضح أن جوزيب بوريل مسئول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، قال إن وزراء دفاع الاتحاد سيبحثون تداعيات الانقلاب العسكري في الجابون.. وأشار منسق السياسة الخارجية بـ الاتحاد الأوروبي، عقب وقوع انقلاب عسكري اليوم في الجابون، إلى أن ما يحدث في إفريقيا مشكلة كبيرة لأوروبا، مؤكدًا أن وقوع انقلاب عسكري في الجابون سيفضي لمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
وقال بوريل متحدثا في اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في توليدو: إذا تم تأكيد ذلك فهو انقلاب عسكري آخر يزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بأكملها، المنطقة بأكملها، بدءا من جمهورية إفريقيا الوسطى، ثم مالي، ثم بوركينا فاسو، والآن النيجر، وربما الجابون، إنها في وضع صعب للغاية وبالتأكيد الوزراء.. يجب أن يكون لدينا تفكير عميق فيما يجري هناك وكيف يمكننا تحسين سياستنا فيما يتعلق بهذه الدول، وهذه قضية كبيرة بالنسبة لأوروبا.
وذكر الخبير الاقتصادي، أن فرنسا احتلت في الماضي نحو نصف القارة الإفريقية، مثل تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والسنغال ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وغينيا وغيرها، وعقب انتهاء فترة الاستعمار لم تخرج فرنسا بل استخدمت أدوات اقتصادية وثقافية للبقاء في المشهد الإفريقي، حيث تجني فرنسا سنويا نحو 500 مليار دولار من إفريقيا، وتودع الدول الإفريقية 50 % من احتياطياتها من «النقد الأجنبي» في البنك المركزي الفرنسي، وتعمل الشركات الفرنسية العملاقة بأفريقيا، وتعتمد باريس على المواد الخام والمعادن كاليورانيوم والغاز والذهب من أفريقيا وتعد دول الساحل الأفريقي من أفقر دول العالم، لكنها تتمتع على النقيض من ذلك بثروات معدنية كالذهب واليورانيوم والفوسفات، بجانب الثروات النفطية المهمة، وهو ما أغضب الشعوب من الانانية الفرنسية .
نون – القاهرة
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية