نون والقلم

طارق تهامي يكتب: زعيم الظل

إذا كان سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين هم الزعماء التاريخيين لحزب الوفد، فإن التاريخ لن ينسى أبدًا زعيم المحبة الوفدية، الرجل الذي ظل مُخلصًا لمبادئ الوفد ونضاله وتاريخه.. إبراهيم باشا فرج سكرتير عام الوفد الأسبق.. الذي كان من حُسن طالعي وحظي أن أتعامل معه وأعمل تحت إشرافه واستظل بجلسته واستمتع بأحاديثه رغم صغر سني في ذلك الوقت من نهاية الثمانينيات وحتى وفاته في سبتمبر من عام 1994.

أخبار ذات صلة

ولا يمكن سرد تفاصيل تاريخ الوفد، وحرصه على عدم التمييز الديني، دون منح إبراهيم باشا فرج سكرتير عام الوفد الأسبق مكانته وقيمته وحقه، باعتباره وفديًا يتميز بالكفاءة، والوطنية، والإخلاص.

كان «إبراهيم فرج»، وكيلًا للمؤسسين عند عودة حزب الوفد، وأعلن، كما ذكر الكاتب لمعي المطيعي، في فبراير من عام 1978 أمام «الدكتور مصطفى خليل» أن «الوفد» لا يريد أي مساعدة مالية من «الاتحاد الاشتراكي»، ومعنى هذا استقلال إرادة الوفد في مواجهة الحكومة.

وبعد عودة الوفد اختار «فؤاد سراج الدين باشا» رئيس الوفد، «إبراهيم فرج» سكرتيرًا عامًا للوفد ورئيسًا للجنة الشئون الخارجية.

لقد عاش إبراهيم فرج فترة النضال الحقيقي ضد طغيان القصر الملكي وسيطرة الاحتلال والحكومات الأقلية.. وتحت زعامة مصطفى النحاس عاش أيضًا معركة الدستور ضد إسماعيل صدقي حتى سقط دستور 1930، وعاد دستور عام 1923.

إبراهيم فرج عاش ثورة 1919 تحت قيادة «سعد زغلول». ويذكر «سعد فخري عبد النور» خليفة إبراهيم باشا في منصب سكرتير عام الوفد، أنه اقترب من «إبراهيم فرج» منذ أول يناير عام 1938، وهو اليوم الذي جاء فيه «محمد محمود باشا» رئيسًا للوزراء بعد إقالة وزارة «مصطفى النحاس» الرابعة (ديسمبر عام 1937) فقد بادر محمد محمود بإحالة «إبراهيم فرج» إلى المعاش.

ويؤكد «سعد فخرى عبد النور» أن هذا الموقف يكشف قوة إبراهيم فرج التي كانت في إخلاصه.. إخلاصه النقى لزعيمه مصطفى النحاس وللوطن ولقضايا الديمقراطية والحرية وللوفد.

كان إبراهيم باشا يقول دائمًا: «العمل السياسي الذي أعرفه هو تضحية من أجل قضية وكفاح من أجل الوطن» وكان يؤكد دائمًا: «لا يجب أن يفقد السياسي أخلاقه حتى لا يفقد ذاته وإنسانيته».

كريم ثابت، المستشار الصحفي للملك فاروق، قال في مذكراته، «أتاح لى السجن متسعًا من الوقت للشروع في كتابة مذكراتي، وقد رأيت أن أبدأها بذكريات عن السنوات العشر التي لازمت فيها الملك فاروق، أي من سنة 1942 إلى سنة 1952». ويضيف: «كلف الملك فاروق، رئيس الوفد مصطفى النحاس بتأليف الوزارة، فأعطى النحاس حسين سري، وكان قد عين رئيسًا للديوان الملكي، قائمة بأسماء الذين يرشحهم لأن يكونوا وزراء معه، وجلس فاروق  بمكتبه في قصر القبة يصغي إلى حسين سري وهو يتلو عليه تلك الأسماء، ولما وصل رئيس الديوان إلى اسم إبراهيم فرج مسيحة المرشح وزيرًا للشئون البلدية والقروية، قال فاروق: من هو إبراهيم فرج؟

فقال حسين سري: إنني لا أعرف عنه شيئًا يا أفندم، فسأل حسن يوسف وكيل الديوان، فأجاب بأنه هو كذلك لا يعرف عنه شيئًا، فالتفت إلىَّ وقال: وأنت هل تعرف عنه شيئًا؟ فقلت له: إن إبراهيم فرج من سمنود يا أفندم، وترجع علاقته بالنحاس إلى أكثر من ثلاثين سنة مضت، ولما نفى النحاس إلى «سيشل» مع سعد باشا كان إبراهيم فرج لا يزال طالبًا بمدرسة الحقوق، فأخذ يتردد على بيت النحاس ويساعد عائلته في كل ما تحتاج من مهام، فلما عاد النحاس من المنفى قدر إخلاصه ووفائه، فلازمه إبراهيم فرج من ذلك الحين، ثم حدثته عن جهاده في الحركة الوطنية، وعن الوظائف التي تقلدها في الحكومة، وكيف فصل من خدمتها في كل مرة ترك فيها النحاس الوزارة.. ووافق فاروق على اسمه وهو يقول مازحًا: يكفى لقبوله أن يكون من سمنود، ولأجل عين تكرم ألف!

ونحن نقول، في الوفد، إن إبراهيم باشا فرج -رحمة الله عليه- كان نسمة حب وفدية يتمنى الجميع استنشاقها، وأحمد الله أنه قدر لي مقابلته لأعرف قيمته وقدره.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

Check Also
Close
Back to top button