شاء حظي العثر بعد يوم صعب من العمل أن أتعرض فى منتصف الليل عند مغادرتي لمكتبي لإحساس قاتل عقب انقطاع التيار الكهربائي أثناء ركوب الأسانسير من الطابق الثاني عشر بعد ثواني معدودة بين طابقين لأعيش لحظات قاتلة وسط أجواء مميتة ولولا عناية الله ويقظة أفراد الأمن الذين رصدوا الواقعة من خلال كاميرات المراقبة لحدث ما لا يحمد عقباه.
ويبدو أنني كنت أول ضحايا البيان الهزيل لوزارة الكهرباء إلا «10» وتعاملت معه على أنه «مزحة» فلا يعقل أنه كل 50 دقيقة وعند الساعة إلا«10» تتوقف حياة الناس صعودا وهبوطا خوفا من المجهول.
كنا نأمل أن يخرج علينا مسؤول من الدفاع المدني بخطة استرشادية ما دمنا دخلنا فى هذه المرحلة العصيبة التي قد تمتد لفترات طالت أم قصرت، ليخبرنا بالإجراءات الوقائية السريعة التى يجب على المحبوس احتياطيا على ذمة الأسانسير أن يأخذها على وجه السرعة لحماية روحه من الصعود إلى الرفيق الأعلى، أو الجهات التي يستنجد بها لوقف تنفيذ الإعدام خنقا، خاصة إذا لم يشعر بغيابه أو بالسكتة القلبية التي أصابت الأسانسير فى بغتة، أحد حراس المبنى إن كان لها فى الأصل حارسا أو أحد المارين بالصدفة من الجيران.
عندما تنقطع الكهرباء يهرب السكان إلى الشرفات أو يلجؤون للشارع، فحرارة الشمس القاتلة أرحم من الموت في صناديق حديدية أو قطع الأنفاس خلال رحلة الصعود على السلالم وخاصة لقاطني الأبراج السكنية.
باختصار مصيبتنا الكبرى أننا نهتم بالحجر ولا نهتم بالبشر نبني ونشيد ونزين وننسى الأهم وسائل الأمان والتأمين، ونعتمد فقط على أن كل شيء بقضاء وأن شماعة القضاء والقدر رحبة تتحمل أخطاؤنا وسوئاتنا ونكتفي بأن نلعن حظنا العثر والظلام بدلا من أن نوقد شمعة تكفينا شر الظلمات وقصر التفكير وسوء التدبير.
لكِ الله يا مصر.. كل أزمة تكشف كم أننا نحتاج أن نعيد البناء، لأن قواعدنا كلها هشة فى مهب الرياح.. عموما مصر «منورة بأهلها» وربنا يبعد عنا الظلام ويفك الكرب ويجيرنا من نار جهنم فى تلك الأيام شديدة الحرارة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية