غداً الذكرى العاشرة لثورة الثلاثين من يونيو التي سطر فيها الشعب المصري ملحمة بطولية أدهشت العالم، واستطاع إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم البلاد، وإسقاط كل السيناريوهات التي أعدت سلفاً لمصر والمنطقة العربية، بعد حالة الفوران والثورات التي شهدها كثير من الدول العربية.
وكشف العديد من الوثائق السرية سواء لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أو غيرها من المسئولين الأمريكيين والغربيين عن المخطط الاستراتيجي الذي أعد لدعم تيارات الإسلام السياسي في الدول العربية وإسقاط النظم الحاكمة بهدف وصول هذه التيارات إلى الحكم كخطوة أولى، على أن تتبعها خطوات أخرى بعد أن تستقر السلطة في قبضة هذه الجماعات، إلا أن المصريين بذكائهم الفطري أيقنوا منذ الوهلة الأولى لقفز جماعة الإخوان المسلمين على السلطة أنها جماعة فاشية إرهابية لا تنتمى لهذه الوطن ولا تؤمن بالدولة الوطنية.
وكشف قادتها برعونتهم وتصريحاتهم المستفزة للمصريين عن هويتهم الحقيقية، وجاءت ممارستهم للسلطة كاشفة عن مخططاتهم للقبض على مفاصل الدولة ومحاولة أخونتها، وفشلوا في إدارة أصغر الأزمات التي تمثل عصب الحياة للمواطن ورأينا الطوابير على المخابز ومحطات الوقود، وباتوا بمثابة كابوس للمصريين يجب التخلص منهم.
الحقيقة أن المصريين لم يستغرقوا وقتاً طويلاً لاكتشاف نوايا الجماعة التي لا تعترف بمفهوم الدولة الوطنية، ولا تعمل إلا لتحقيق مصالحها الخاصة وأهدافها في إعادة إحياء مشروع الخلافة الإسلامية التي سعت تركيا لتحقيقه وهو الأمر الذي يحقق نفس أهداف المشروع الأمريكي لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، وإعادة تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة، وعلى رأسها مصر والسعودية، بحيث تصبح إسرائيل هي القوة العظمى في المنطقة، بعد تقسيم الدول العربية إلى كيانات صغيرة على أساس عرقي وطائفي لن ينتهى الصراع فيها والاقتتال الداخلي وتصفى بعضها بعضاً.
إلا أن وعى الشعب المصري فاق كل التصورات والسيناريوهات، وأدرك بفطنته أن هذه الجماعة الفاشية، ما هي إلا ذراع لقوى دولية واقليمية، وعلى الرغم من إدراك المصريين لحجم التحديات في مواجهة الخارج، وأيضاً في الداخل ومواجهة ميليشيا الجماعة المدججين بالأسلحة إلا أن دفاعهم عن وطنهم وهويتهم لم يتزعزع، والحقيقة أن التهديدات التي واجهناها من قيادات وعناصر الجماعة كانت من الأسباب التي دفعتنا إلى أن يكون يوم الثلاثين من يونيو يوماً له تاريخ، وبالفعل سطر المصريون في هذا اليوم أعظم ملحمة وأكبر حشد جماهيري عرفه العالم، وكالعادة أكدت المؤسسة العسكرية الوطنية انحيازها للشعب المصري، وجاء خطاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك مؤيداً ونافذاً لإرادة الشعب، وتحقق مصر المعجزة في حماية ذاتها وحماية باقي الدول العربية من المخطط الشيطاني.
مؤكد أن مصر شهدت تحولات غير مسبوقة على شتى المستويات في سنوات قليلة بعد أن عاد لها الاستقرار، واستعادة مؤسساتها كامل قدراتها، وباتت مصر واحدة من أهم دول العالم أمناً واستقراراً طبقاً لكل التقارير الدولية، وانطلقت مصر في سباق مع الزمن لإعادة بناء بنيتها الأساسية من خلال مشروعات عملاقة في شبكات الطرق والكباري والمواصلات وأصبحت تضاهي مثيلاتها العالمية الحديثة.
كما استطاعت مصر أن تضاعف المساحة المعمورة لديها من 7% إلى نحو 15% بعد أن قامت بإنشاء عشرات المدن الحديثة التي تمثل الجيل الرابع في شتى أرجاء الوطن وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة لتستعيد مصر من جديد وجهها الحضاري الذي ميزها سابقاً على كثير من الدول، كما انطلقت مصر في المشروعات الاقتصادية العملاقة في شرق بورسعيد والسخنة وشرق العوينات وغيرها من المناطق الصناعية، واتجهت مصر نحو زيادة رقعتها الزراعية بنحو ثلاثة ملايين فدان جديدة في الدلتا الجديدة وتوشكى وسيناء.
ولم تتوقف مصر عن العمل برغم الأحداث العالمية الكبيرة بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي خلفت أزمات اقتصادية هائلة، ولم يغفل الرئيس السيسي علاقات مصر الخارجية واستعادة دورها الإقليمي والدولي وكانت البداية من أفريقيا واستعادة مصر لدورها المؤثر في القارة السمراء، واستطاعت مصر أن تفرض التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط.
باختصار مصر تحقق قفزات هائلة برغم كل المعوقات العالمية، وليس أدل على ذلك من ارتفاع عوائد السياحة وقناة السويس وزيادة الصادرات والتحضر والحداثة التي تشهدها البلاد.
حفظ الله مصر
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية