كانت ندوة استثنائية بحق، الذي جعلها كذلك عندي هو ميلاد قاص موهوب، ثم احتفاء منتدى مثل منتدى المستقبل بهذا الميلاد الجديد لهذه الموهبة.
كل هذا الجمال يخرج منك يا منسي وانا اول ما شفتك قلت إنك مجرد انسان طيب؟
دعوني أولًا أتحدث عن منتدى المستقبل الذي أتاح لنا الفرصة لنتحدث عن موهبة وقصص – وسنكسار- هاني منسي.
الحقيقة انه يلزم التوقف بتقدير وتحية والتنويه مجددًا بدور المنتدى ورائده الناقد والكاتب الدكتور يسري عبد الله. والحقيقة انني كلما حضرت إلى مقر منتدي المستقبل – تذكرت على الفور الدكتور لويس عوض .ذلك أنني أرى بوضوح إن هذا الدور الذي يقوم به يشبه دور الدكتور عوض، الذي كان يعتبر أن تصديه لأعمال كاتب بالنقد ، انما هي جائزته التي يقدمها للمبدع ، لأنه يبذل فيها جهدا مضنيا، إذ يستغرق مثلا كتابته لمقال أسبوعي بالأهرام – أيام مجد الأهرام – عن احدهم نحو عشرة أيام تقريبا. هكذا اخبرني الدكتور لويس عوض ونحن نلتقي على ضفاف حوار في بداية الثمانينات نشرته صحيفة الأنباء الكويتية .
هذا عن منتدى المستقبل الذي نحييه ونحيي ناقدنا المبدع يسري عبد الله.
اما عن هاني منسي فالحقيقة انه الآن وسط بعض محبيه الذين يعرفون شخصيته ، يعرفونه كانسان واليوم ستعرفونه أكثر كقاص ومبدع لماح وشديد الالتقاط .. وشديد العذوبه أيضا. يعرفه الاصدقاء من زواية حضوره الفاعل في المنتديات والملتقيات والورش الثقافيه واهتمامه بمجاملة اصدقائه بتوثيق اعمالهم على منصة قناته الثقافيه وهو جهد عظيم ، لكنه ليس هاني في الحقيقة . ولكن هاني الحقيقي هو القاص المبدع الذي ولج إلى مجال الأدب ( إذا جازت كلمة المجال) من باب الهواية ، فهو اكتشف على مر السنين أن لديه ما يقوله نصا ادبيا محكما . هناك بالطبع اخطاء وهنات هنا وهناك ، لكننا أمام كاتب موهوب بالفعل ، يعرف كيف يكتب قصته ، فكرة واسلوبا وحبكة وخاتمة . تجذبك سلاسته في التعبير وانتقاله السلس من جملة لأخري، ورغم هذا فأنا اراه بحاجة الى المزيد من القراءة المتعمقة في مناحي الثقافة المختلفة ، ليدرك مثلا ان مفردة «وظيفة» لا تعبر و لا تستخدم للمعني الذي أراد ان يوصله في تلك الجملة التي كتبها في أول قصة من قصص سنكسار وعنوانها «كرسي الاعتراف» 🙁 كتب يقول أن تجلس إلى اليسار أو إلى اليمين قرارك وحدك يحدد وظيفتك خلال نصف الساعة المحتملة ، اللجوء إلى هذه المقاعد «يستثمر» الوقت مثل قراءة الصحف اليومية او حل لغز الكلمات المتقاطعة أو الهروب من المقربين المزيفين.
هنا أيضا يستخدم مفردة «يستثمر» بدلا من «يستهلك» وأظن ان التباين شديد بين المفردتين. (لوحة الغلاف لامرأة بثلثي رأس وعين ونصف عين اخري مغلقة تماما هل قصد فنان الغلاف التعبير عن نصف الحقيقة؟
تلمح في كتابته بكارة الكاتب وليس خربشته.. فهو يجرب الكتابة ويبدو هذا في توقفه عند كلمة «نَمَتْ» فيتدارك رغبته في التعبير بخفة الدم فيكتبها مستغربًا «إيه نمت دي؟ خليها «نشأت» أخف شوية» ومع اني لم استسغ انه اعاد كتابة كلمة نشأت مرتين في الجملة لكن الدلالة هنا التجريب في الكتاب
والدمج بين الفصحي والعامية دمجًا مقبولا، مثلما يظهر أيضا في القوس الآخر الذي فتحه ليتوقف عند مفردة اخري وهي «رغما» عنها (مش متأكد من رغما عنها دي لكن خليها رغما ..مؤثرة أكثر) انه يكتب مايعن له دون خوف من سياط النقد .
الاحظ في القصة ان هناك تداخلا بين المراحل .. بين الواقع وبين الفلاش باك .. تداخل يظهر التناقض في الكتابة ..(لم يكن لدي وقت سوى لشيماء.. معني هذا انها في هذا الوقت موجودة في الواقع وأنه يعمل ويدرس ويحب والذي يفعل ذلك لا يصف الحياة بالبغيضة.. احيانا تفلت من الكاتب كلمات تبدو غريبة على النص .. فهو يتحدث عن علاقة مع زميلته شيماء؛ ويعتبرها طاقة إيجابية تعتريني لمواصلة الحياة البغيضة اظن هنا أن الكلمة خارج النص وليست معبرة التداخل بين الحياتين سبب لى حيرة وتساؤلات. اتفضل سامعك ، مفيش رد أرقى شوية ؟ لم يكن هناك كلام من الرجل بحيث يستخدم الراوي كلمة رد والأصوب كلمة تعبير وليس رد.
كان هذا جانبًا من مداخلتي النقدية في المنتدي الذي ناقش أول مجموعة قصص للموهوب هاني منسي، القاص الذي لم يصعد على أكتاف أحد ، وكما قال كثير من النقاد الذين تصدوا لمناقشته انه ورغم أن هذه القصص هي أولى أبداعاته ، إلا أنه تجاوز بكتابته مفهوم العمل الأول وأخطائه ، ولهذا – وغيره – استحق جائزة الدكتور يسري عبد الله .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية