نون والقلم

فريهان طايع تكتب: وماذا بعد القصاص؟

لازالت قضية طالبة كلية الآداب بجامعة المنصورة، نيرة أشرف، التي قتلت على يد زميلها محمد عادل، في مثل هذا الصيف، عالقة بتفاصيلها البشعة والمحزنة داخل عقولنا، ففي الصيف الماضي وأثناء إجراء امتحانات نهاية العام الدراسي، أقدم طالب على ذبح زميلته أمام الجامعة فقط لأنها لم تبادله الحب ورفضت الزواج به، لتصبح ضحية لمختل نفسي ولأبشع جريمة حدثت في تاريخ الجامعة وعلى مرأى من العامة وكأننا في العصور البدائية والوحشية، حيث يقتل الإنسان آخيه الإنسان بدون رحمة وبدون شفقة.

الآن القصاص قد تحقق لكن هل ستعود نيرة لحضن عائلتها من جديد؟ لن تعود هي فقط مجرد ذكرى حزينة ولدت الحسرة والأسى في قلوب العديد من الناس، وماذا جنى القاتل محمد عادل؟ ماذا جنى عندما لم يفكر في نفسه وفي عائلته واتخذ طريق الضلال الذي لم يجنى منه إلا الذل والخسارة في الدنيا والأخرة؟ ماذا سيقول وهو الآن بين يد الله عندما يسأله الله بأي ذنب قتلت؟ بأي ذنب سفكت هذه الدماء؟ بأي ذنب خنت الأمانة والخلافة في الأرض.

ماذا ستكون اجابته هل لأنني أحببتها حب التملك؟ وهل سيحب أحدًا مثلما أحب جميل بثينة، ومثلما أحب قيس ليلى، حيث أنه من شدة حبه لها لقب بمجنون ليلى، لكنه لم يؤذي حبيبته فضل أن يؤذي نفسه على أن يؤذيها.

الحب يا سادة لم يكن يوما يعني التملك، الحب هو الايثار، الحب معنى أسمى من كل هذه المعاني.. لكن أمثال محمد عادل، شوهو معنى الحب.. لو كان استخدم عقله، وحكم ضميره كان سيكون في مكان أفضل بكثير، ربما كان أصبح معيدًا في الجامعة يكن له الجميع الاحترام والتقدير، حتى نيرة التي رفضته كانت سوف تعجب بشخصيته، كان سوف يكون فخرًا لوالدته ولأخوته وسند لهم، لكنه لم يفكر بل طغى عليه هاجس التملك فدمر نفسه ودمر فتاة في عمر الورود ودمر عائلته وأخواته وأمه وجنى عليهن العار الذي سوف يلاحقهن بدون ذنب فقط، لأنه لم يفكر في شقاء والدته ودموع أخواته اليتامى.

وماذا سينفع الآن الندم بعد كل هذه المصائب التي خلفها، فقط لأنه لم يقتنع بفكرة الرفض، وماذا يعني أنه قد تم رفض مشاعرك هل هي نهاية الحياة؟ كان بإمكانه أن يحول هذا الرفض إلى أهداف ناجحة، وكان سوف ينجح لكنه لم يختر الطريق الصحيح بل اختار الظلام والظلال واختار بنفسه أن يتحول من طالب جامعة متفوق إلى سفاح ومجرم وحجته كانت أنها دمرت حياته، والغريب أننا لا نقتنع في هذه الحياة أنه لا أحد يدمر أحد لأن الإنسان القوي لن يرضى بأن يدمر حياته أحد.

سيسألني البعض كيف؟ لنفترض أنك صادفت شخص قد أذاك، كلنا نتعرض للأذى وكلنا قد نُجرح لكن هل سوف ندمر حياتنا فقط لأننا انجرحنا، ومن ثم نتهم الطرف الآخر بكونه دمر حياتنا، وضعوا سطر تحت كلمة حياتنا لأن زمام أمورنا في أيدينا نحن من نختار عنوان قصتنا لماذا لم يكن العنوان لن أسمح لأحد بأن يدمرني، وسوف أحدد مصيري نحو الأفضل، سوف أفوض أمري لله وأبتعد وأركز في حياتي وأنجح لأن النجاح أكبر مدمر لكل من خذلني ولأن التجاهل أكبر انتقام.

لماذا لم يكن العنوان سوف أكلل شقاء والدتي بالورود والياسمين وسوف أضع فوق رأسها تاج الفخر بصعودي نحو القمة والمجد، لماذا لم يختر هذه العناوين لماذا فضل أن يكون مجرم وسفاح ويقتل شابة زميلته فقط لأنها لم تحبه لماذا اختار العنوان أنا السفاح الذي قتل زميلته لأنها لم تحبه.

رسالتي لبعض الشباب اعتبروا من قصة محمد عادل، فكروا في أنفسكم في أهاليكم قبل أن يطغى هاجس تملك فتاة ما على عقولكم فيدمركم ونصيحتي من لا يحب عائلته ونفسه لن يحبه أحد.. كافحوا، اصنعوا مستقبل، ضعوا أنفسكم في مكانة عالية حيث تتمنى أي فتاة الوصول اليكم عوضاً أن تلاحقوا الهواجس التي سوف تدمركم وتدمر حياة غيركم اختاروا الأفضل ليكون مصيركم الأفضل.

أيًا كنت شاب غني أو فقير كافح لتصل لمراتب أعلى وأعلى، لتصل نحو المجد والهيبة وأراهنك حينها أن كل فتاة سوف تحترمك وتتمنى منك مجرد أن تمر من أمامها وتلقي كلمة السلام.. اياك أيًا كنت أن تختار طريق محمد عادل، وأن تسيطر عليك الهواجس فتحولك من انسان إلى وحش.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى