نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: نقابة المهندسين نموذج للمزاج المصري

حسنا فعل وزيرا الري والنقل وتدخلهما لإنهاء أزمة نقابة المهندسين.. هذه النقابة صاحبة التاريخ العلمي قبل المهني منذ تأسيسها.. وهي تعد أغنى نقابة مهنية في مصر ويمكن أن تكون في الوطن العربي.

ونقابة المهندسين مثلها مثل أي نقابة مهنية وعمالية الصراع بين أعضائها أمر مشروع من أجل تقديم خدمات مهنية واجتماعية أفضل للأعضاء والدفاع عن المهنة والعاملين بها.. ولكن أن يصل الصراع إلى رفض ما تأتي به صناديق الانتخابات فهذا أمر مناف للديمقراطية التي نص عليها دستور البلاد وأن تصل إلى حد اقتحام مقر الجمعية العمومية للنقابة والتي دعا إليها أعضاء هيئة مكتب النقابة لسحب الثقة من النقيب.

وتأتي الأغلبية لتجدد الثقة فيه فهذا خيار ديمقراطي وجب احترامه وبدلا أن يخرج أعضاء هيئة المكتب يهنئون النقيب بتجديد الثقة فيه ويقدمون له استقالتهم ليس من عضوية المكتب ولكن من عضوية المجلس الأعلى للنقابة كلها.. شاهدنا هذا المنظر من اقتحام مقر الجمعية وتكسير الصناديق والاعتداء على اللجنة المشرفة على الاستفتاء والتي تم اختيارها بمعرفة أعضاء هيئة المكتب أنفسهم.

وهذه الواقعة أساءت إلى مصر كثيرا في أوساط المهندسين في العالم واستغلها أعداء مصر في الإساءة إلى الدولة المصرية بأكملها وقادوا حملة ترويج ممنهجة ضد الدولة وليس ضد من اقتحم مقر الجمعية العمومية.

وحسنا فعلت النيابة العامة بأنها بادرت بالتحقيق في هذه الواقعة المشينة وعليها أن تستمر في التحقيق حتى ولو تنازل مقدمو البلاغات عنها لأن هناك من أساء إلى المجتمع كله وإلى الدولة ويجب محاسبته حتى لا تتكرر مرة أخرى في أماكن جديدة ولو تدخلت الحكومة والوزراء أعضاء النقابة لاستمر الحال لفترات طويلة.

النقابات المهنية جزء أساسي من مكون الدولة المصرية وكان الرئيس محمد أنور السادات قد شكل في منتصف السبعينات من القرن الماضي مجلس استشاري من نقباء هذه النقابات ولولا معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني لاستمر هذا المجلس لكنه تجمد بعد الرفض المهني لهذه المعاهدة.

ولأن النقابات المهنية في مصر تتميز عن نظيراتها في العالم بميزة وهي أنها من تمنح أعضاءها رخصة مزاولة المهنة ولا يجوز ممارسة العمل الا بالانضمام إلى النقابة التابعة له ونقابة المهندسين مثلها مثل النقابات الطبية ونقابة المحامين ينضم إليها العضو فور الانتهاء من دراسته حتى يستطيع دخول سوق العمل عكس نقابات مثل الصحفيين والنقابات الفنية التي لا يرتبط الانضمام إليها بالحصول على شهادة متخصصة ولكنها تعتمد على الموهبة.

لذا تظهر هنا قوة التنظيم النقابي في مصر وقد حاولت حكومة الحزب الوطني المنحل السيطرة عليه عندما كانت نقابات مثل المهندسين والنقابات الطبية تحت سيطرة تنظيم الإخوان، وأصدرت قانونا للنقابات المهنية الموحد والذي سميته وقتها قانون اغتيال النقابات وفشل هذا القانون في طرد الإخوان من النقابات بل وجدوه فرصة لتعطيل الانتخابات فيها لسنوات حتى تم الغاؤه وتوجد نقابات لم تجر فيها الانتخابات منذ القرن الماضي حتى الآن وتجمد العمل فيها.

فالذي حدث في نقابة المهندسين لفت نظر العالم إلى هذه القوى المستنيرة في المجتمع المصري وهي مؤشر على المزاج العام للنخبة المصرية خاصة وأن عدد المهنيين في مصر تجاوز 10 ملايين شخص ولدينا نقابات مليونية العدد مثل المعلمين والتطبيقيين.

ومن الجيد أن يناقش الحوار الوطني ملف النقابات المهنية في الأيام القادمة خاصة أن هناك نقابات غنية بمواردها مثل المهندسين والمحامين والنقابات الطبية ونقابات فقيرة مثل الصحفيين والتمريض وهي تحتاج إلى تعديلات قانونية لتنمية مواردها المالية.

ويجب ألا ننسى أن الهدف الأساسي من النقابات المهنية هو الدفاع عن المهنة والعاملين بها بتطوير أدائهم ومحاسبة المخطئ منهم ومساندة الأعضاء بعضهم لبعض وفق قوانين النقابات ومواثيق الشرف المهنية.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى