دعني أكون صادما في البداية، وأؤكد لك أن الحجاب ليس فرضا على العموم، كما أؤكد صحة ما ذهب إليه أولئك المفكرون المثقفون المشبعون بالفكر الغربي الذين يحتلون الشاشات الفضية الفضائية، ومن حقي كما من حق غيري أن يتناول الموضوع بعقول منفتحة تفهم دينها وإسلامها بحسب القرن الواحد والعشرين، وبما يناسب متطلبات هذا العصر المتسارع المتصارع، مع كل القيم والأخلاق، ويهدم الثوابت كلها.
ودعني أؤكد أننا لن نتقدم أو نتطور لطالما وقفنا وتجمدنا عند الثوابت التي لا تقبل الفكر المتجدد أو إعمال العقل فيها.
والمسلمون تخلفوا عن الركب حاليا بسبب هذا الجمود وأصبحوا عالة على المجتمع الدولي، يتسولون كل شيء بداية من طعامهم وصولا إلى علاجهم ووسائل الدفاع عن أوطانهم، فلم يعودوا مبتكرين ومخترعين، كما كان أسلافهم الذين علموا العالم.
ونعود إلى قضية الحجاب التي بدأنا بها كلامنا بأنه ليس فرضا على العموم، وما زلت مصرا على ذلك حتى يرتاح كل المهاجمين لفضيلة الحجاب الساتر للمرأة المؤمنة.
نعم ليس فرضا إلا على ثلاث فئات فقط، فمن تجد نفسها خارج هذه الفئات الثلاث فإنها غير مخاطبة بفرضية الحجاب، ويتضح ذلك جليا في قول الله تعالى في سورة الأحزاب، «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْـمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا» – آية (59).
فقد حدد الله تعالى ثلاثا فقط هن المأمورات بالحجاب، المفروض عليهن، وهن أمهات المؤمنين زوجات الرسول صل الله عليه وسلم، وبناته وهنا قد يكون المقصود هو بنات الرسول من صلبه، وكذلك كل بناته من أمته «صل الله عليه وسلم»، إلى قيام الساعة، وبنص واضح صريح كانت الفئة الثالثة وهي نساء المؤمنين، وهنا الأمر دقيق للغاية.. فلم يقل النساء المؤمنات فحسب فهن مشمولات في قوله «بناتك» ولكن نساء المؤمنين فهو لكل رجل مؤمن له أم أو أخت أو زوجة وأبنة، وجب عليهن الحجاب فرضا لا فضلا، ومن يقل بغير ذلك فقد خالف صحيح الدين الإسلامي خلافا، صريحه يخرجه من حياضه، إلى حياض منكر أمر من الدين ما هو معلوم منه بالضرورة، ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء المنكرين، الذين يدعون بدعوى جاهلية.
فمن كانت تعد نفسها من هذه الفئات الثلاث فهي مأمورة بالحجاب شرعا وعليها الالتزام به التزاما تاما كاملا، أما من ترى أن الحجاب ليس فرضا فهذا شأنها، وأنها ليست مخاطبة بالآية الكريمة، وليست مقصودة بالأمر الإلهي، وليس عليها الاستجابة لنداء النبي الأعظم صل الله عليه وسلم.
والله من وراء القصد.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية