نون والقلم

محمود الشربيني يكتب: الوريث الذي يحاول العودة!

خلتهما سيتواريان عن الأنظار.. على الأقل في العمل العام! خلتهما سيتفرغان للاستمتاع بملياراتهما والاستفادة من اسم والديهما، فينزلان ضيفين على هذه الدولة أو تلك، أو على هذا الشاطئ أو ذاك.. في إجازة طويلة تغسل هموم ما جري لهما في محاكمات طويلة، ردا على قائمة اتهامات بالجملة، وجهها إليهما- مع والدهما- النائب العام المصري. لم يظلمهما أحد أو يفتري عليهما أحد أو يتهمهما بما ليس فيهما. بل كان كل تعامل معهما بالقانون وأمام القضاء، فما جرى -طيلة 30 عامًا -حدث أمام الشعب كله !

لسنا بحاجة الآن لاستذكار حديث التوريث، فليس هناك من لا يعرفه، ولا بحاجة إلى استذكار النفي «المايع» الذي كان يلقيه والدهما على وجوهنا، كلما أطلت برأسها محاولة فاشلة لإنجاز الفكرة التي كانت متوقعة، لولا أن ثورة يناير أخمدت بركانها.

ولسنا بحاجة إلى القول إنه حتى أصغر وأقل الناس مصداقية في جانب المعارضة في تلك الأيام، سخر من فكرة توريثه وأطلق حملة «ميحكمشي»، وهي كلمة تستخدمها الـ«ستات» في الأحياء الشعبية، مصحوبة بحركات أنثوية، لترد بها على كلمات أو تصرفات لا تعجبها، لأي شخص مهما بلغ من القوة الجسدية أو المكانة الاجتماعية! «ميحكمشي».. بكل ما في معاني الكلمة من «تورية» ودلالات ساخرة عميقة المعاني.

جملة عبقرية تقول كل شيء، وتأخذ بالعقول وتجذبها إلى معركة تستلهم أسلوب «ردح» الحارة، وهو نفسه ما كان الحزب الوطني يستخدمه لإرهاب من يراد إخضاعه وردعه عما يقوله أو يفعله.

ميحكمشي.. معني مصري خاص جًدا يعني: «مالكش سلطان أو حكم عليا»، وأشياء من هذا القبيل الساخر، وهو أسلوب يعجب البسطاء فيتابعونه، ويضفون عليه لمساتهم الخاصة من غمزات بالعيون، وزغدات بالبطن، وقهقهات وتمايل بالأجساد والضرب بالكف على الكف.

إشارات استنكارية من محاولة شخص أبراز قيمة معينة له، فتكون النتيجة أن ينقلب السحر على الساحر، بكلمة واحده لها سحرها وفيها الشفا، حيث تضعه في حجمه.. ومكانه الصحيح، وتفيقه من أوهام مكانته أو سلطته أو قدرته .

كانت «ميحكمشي» عنوانا لحملة أكبر ملأت صفحات الفضاء الصحفي والإعلامي المعارض، تقول لأمين لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل، الذي كان يرتب لوراثة مقعد والده الرئيس، قالت له بحسم ووضوح: مصر كبيرة عليك!

المصريون الذين لايزالون يتذكرون تلك الأيام، حتى في عز الضنا والشقا الذي يعيشونه جراء ارتفاع الأسعار وقلة الامكانيات، لسان حالهم يقول لهذا الرجل -الذي يريد أن يعود من متحف يناير، متوسما في البعض دعما أو تأييدا له: «ميحكمشي» ويضيفون: «وإن حكم ما يأمرشي.. وان أمر ما ينولشي». لماذا ميحكمشي؟ ببساطة لأنه ساهم في فترة حكم الثلاثين عاما من الجمود التي شاخت فيها السلطة والقدرة والعقول فوق كراسيها، حتى أننا بأمانة لم نعرف ما الذي علينا أن نفعله، ففي كل «خرابة عفريت، وهّمْ ما يتلم» آلاف المشروعات اضطرت مصر إلى دفع دم قلبها فيها، لتحديث بنيتها الأساسية بعدما شاخت وشاخت سلطتها وتقلصت مكانتها وقدراتها، وتقادمت طرقها وضاقت شوارعها ومناطقها على سكانها، واستشرت عشوائياتها – وماتزال تحتاج إلى آلاف المشروعات – كان غيابها وبالا على المصريين، واقتضى انشاؤها استنزاف الموارد المالية للدولة ربما بأكثر من الطاقة والقدرة !ميحكمشي يا جيمي!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى