منذ أيام، اختفى أحمد فؤاد بغدودة، لاعب المنتخب الوطني للمصارعة، عقب ساعات من تتويجه بالميدالية الفضية والمركز الثاني بالبطولة الأفريقية المقامة بتونس. اللاعب يمتلك جواز سفر مدموغًا به تأشيرة دخول لدول الاتحاد الأوربي.
فؤاد بغدودة، والد اللاعب، خرج في مداخلة تليفونية مع الإعلامية لميس الحديدي، وقال كلامًا خطيرًا يستوجب محاسبة اتحاد المصارعة.
قال والد اللاعب: «منعرفش أي حد في فرنسا عشان يسافر لهم ابني هناك، أنا راجل فقير على قدي شغال على توكتوك لا أعرف حد في فرنسا ولا في حتة تانية.. أنا كنت بحاول أحافظ على كرامة ابني في وسط اللعيبة، وابني كان بيشحت الجزمة بتاعته من زمايله عشان يلعب بيها المباريات، ورغم كده اتحاد المصارعة بيقول إنه بيصرف وبيعمل كل حاجة للاعبين».
وقال الرجل خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى «فيه افتراءات كثيرة على ابني وقالوا بيقبض 7 آلاف جنيه وده غير صحيح، بقاله شهرين في المشروع القومي للبطل الأولمبي وكل شهر بيقبض 2200 جنيه بييجوا على البريد المصري وأنا اللي بقبضهم.. ابني كان جايله فلوس 16 ألف جنيه اتخصم منه 14800 وخد 1200 جنيه بشيك بس من إجمالي المكافَأة، ولما سألت اتحاد المصارعة قالولي دي ضرايب، ومن يوم الجمعة محدش كلمني ولا قالولي ابني فين ولا اختفى راح فين».
هذه قصة جديدة حزينة تفتح ملف هروب لاعبي الألعاب الفردية، بعد حصولهم على بطولات، وميداليات مهمة. منذ سبع سنوات تقريباً، حاولت التنبيه إلى مخاطر إهمال لاعبينا الأولمبيين، وتركهم فريسة الإغراءات التي يتم تقديمها لهم لتمثيل دول أخرى أوليمبياً، مقابل الاهتمام بهم تدريبيًا وماليًا ومعيشياً.
كتبت هنا يوم 24 أغسطس 2016 عن خطورة ملف هروب الرياضيين المصريين واتجاههم للتجنيس مقابل المال. وتساءلت في المقال: هل تابعت البطل المصري محمد إيهاب صاحب برونزية الأوليمبياد في رفع الأثقال وهو يتحدث عن معاناته من أجل التدريب والإنفاق على الطعام الخاص والمكملات الغذائية والسفر للاحتكاك بأبطال العالم؟ هل سمعت حديثه عن خصم جزء كبير من مكافآته التي حصل عليها مقابل انجازاته البطولية في المحافل الدولية؟ هل رأيت دموعه عندما سمع صوت أمه تتحدث إليه فتحول صوته إلى «نحيب» مُعبر عن حجم تضحيات أم مصرية بسيطة لم تطلب سوى شقة لابنها حتى يتزوج؟
الحوار الذي أجراه البطل الأوليمبي محمد إيهاب مع خالد صلاح على قناة «النهار» لم يكن الأول الذي يتحدث فيه عن أزمات الرياضيين مع القوانين واللوائح التي تنظم علاقات الأبطال بالاتحادات الرياضية، ولكنه كان كاشفًا بالصوت والصورة لما سبق أن قاله البطل الأوليمبي لصحيفة «الوطن» عقب عودته مباشرة من أوليمبياد «ريو دي جانيرو» وعبر خلاله عن أزمة تواجه الأبطال المميزين مع الخصومات والضرائب والرسوم المفروضة على الميداليات والجوائز التي حصلوا عليها بــ «ذراعهم» ودفعوا ثمنها جهدًا وعرقًا وألمًا!
سمعت محمد إيهاب يقول كلامًا موجعًا: «هناك خصومات على الفوز، وليس الضريبة فقط، رغم أننا لم نحصل حتى الآن على مكافآت الفوز، التي تقدر بـــ500 ألف جنيه للبرونزية، وكانت لـي تجربة سابقة مع هذه المعاناة، عندما أحرزت بطولة العالم في 2014، وتوجت بـثلاث ميداليات «فضية وبرونزيتين»، وخصموا 25% من مستحقاتي عن الميداليتين البرونزيتين، و10% ضريبة عن كل ميدالية حققتها. أتمنى تعديل اللوائح بشأن الخصومات والضرائب على اللاعبين، الذين يعانون الأمرّين من أجل تحقيق ميدالية.. إحنا زي شباب مصر كلهم، بنعاني، مكافأة الميدالية دي يا دوب أجيب بيها شقة. لكن أصعب الكلمات وقعًا على الأسماع ما قاله حول محاولته الحصول على جنسية دولة قطر ليلعب باسمها حتى يتمكن من تجاوز أزمات تكاليف التدريب والتجهيز! وبالفعل بدأ خطواته العملية للحصول على الجنسية مثلما فعل نجل المدرب المصري إبراهيم حسونة الذي لعب باسم قطر في أوليمبياد البرازيل مع أربعة لاعبين آخرين في لعبات فردية وجماعية!
المأساة متكررة.. وخسارة أبطالنا ترجع لنفس السبب.. والاتحادات لا تبذل جهدًا كافيًا للحصول على دعم يحمى لاعبيها من العوز.. ويمنعهم من الهروب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية