توقفت كثيرا أمام تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي كشف فيه أن حكومته استردت 22 مليار دولار من أموال الجزائر المنهوبة والمودعة في الخارج، وخاصه دول أوروبا، وقال إن الحكومة مستمرة في إرجاع الأموال التي تم تهربيها أو أصول تم اقامتها بهذه الأموال.
والجزائر ثاني دوله عربيه تسترجع أموال نهبت منها في السنوات الماضية بعد تونس التي استعادت عده ملايين من أموال أقرباء الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بمساعده مركز الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وهي ثالث دوله تعلن انها استعادت أموال منهوبه داخليا بعد ما قامت به الحكومة السعودية باستعادة مليارات الريالات في واقعه احتجاز عدد من الأمراء وكبار رجال الأعمال والتحقيق معهم في قضايا فساد في عام 2017.
الجزائر نجحت في استرداد هذا المبلغ الكبير، وأعادت مثله من أموال الفساد التي لم تتمكن من الهروب إلى الخارج، واعتقد أن نجاح الجزائر يعود إلى الجدية في التعامل مع هذه القضية، خصوصًا أنها أبرمت عدة اتفاقات دولية لاستعادة الأموال المهربة إلى الخارج، منها اتفاق التعاون مع الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي في المجال الجنائي وهي وكاله أوربية تساعد أي دولة في مكافحه الفساد وتساعدها في إعادة الأموال المهربة إن كانت في البنوك الأوربية، كما أوفدت وفود برلمانيه وقضائية وفنيه الي العديد من الدول للحديث ومتابعة استعادة هذه الأموال وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفق الخطة الجزائرية تم إطلاق إنابات قضائية دولية جديدة لتحديد وحجز ومصادرة الأموال المنهوبة بالخارج، كما شكلت لجنة متخصصين مكلفة تسيير ملف استرداد هذه الأموال، بالتنسيق مع السفارات الجزائرية في الخارج وتم تجنيدها لهذه القضية.
ولأن القانون الدولي ممثل في اتفاقيات مكافحه الفساد الدولية والإقليمية وضعت قواعد وطرق لاستعاده الأموال المهربة ولكنها تحتاج الي وقت طويل لأن الإجراءات الواردة في هذه الاتفاقيات تتقضي وقتا طويلًا جدًا حتى يتم إنجازها، يستطيع خلاله الفاسدين نقل أموالهم إلى ملاذات أمنه لا تطولها يد القانون الدولي أو تذويبها في شركات «اوفشورز» التي تستطيع تذويب وتغسل الأموال في زمن أسرع من حركه الاتفاقيات الأممية.
أما الطريق الثاني يكون عبر البنك الدولي ومبادرته لمكافحه الفساد وهذه الوسيلة لا تذهب الأموال التي يتم إعادتها إلى يد الحكومة ولكنها تسلم إلى لجنه مجتمعيه في الدولة تقوم هي بصرف هذه الأموال على مشاريع التعليم والصحة والتنمية وتحديد الاحتياجات الملحة لتقوم بالصرف عليها ويكون دور الحكومة هنا ميسر ومراقب لها.
والطريقة الثالثة مثلما فعل ولي العهد السعودي عندما جمع من اتهموا بالفساد وتحفظ عليهم في أحد الفنادق وبدأ مفاوضات وموجهات معهم حتى قاموا بإعادة الأموال طواعية وهي الطريقة الأسرع ولكنها تحتاج إلى جهد كبير من أجهزة مكافحه الفساد وإطلاق يدها في مكافحته بدون وضع محاذير أو تحصين أحد من المثول أمام القضاء.
والأهم في مسألة استعادة الأموال المنهوبة أن يكون هناك أرادة سياسية قوية مثلما حدث في الجزائر فكان البرنامج الانتخابي للرئيس تبون به قسم كبير حول مكافحه الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة كما أنه نجح في إبعاد نفسه عن لوبيات الفساد التي تتسلق وتتلون على أي صاحب قرار حتى تأمن على ما جنوه من أموال وموجودات تم تهريبها الي الخارج.
الرئيس الجزائري نجح فيما فشل فيه الأخرون وصدق فيما وعد به شعبه باستعادة هذا المبلغ ومستمر في استعاده باقي الأموال وفقًا للتصريحات التي أدلي بها وعلى الدول الراغبة في استعاده أموالها المنهوبة أن ترسل إلى الجزائر فريق يتعلم ما قامت به لتعيد هذه الأموال وتستفيد من تجربة حية وفي دولة عربية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية