في واحد من أكبر فعالياته الثقافية والفكرية، يستعد ملتقى الشربيني الثقافي بفرعه في القاهرة لانطلاق ندوته الشهرية، التي تتناول المتغيرات الكارثية التي طرأت على الشخصية المصرية، والتي وصفها مؤسس ومدير الملتقى الكاتب الصحفي محمود الشربيني بالكارثة التي تهددنا، بفعل تأثير الغزوة الوهابية وجماعات التشدد وطيور الظلام التي تعشش في المجتمع المصري منذ سبعينيات القرن الماضي .
تعقد الندوة تحت عنوان «الوهابية وجماعات التشدد والتطرف ومسخ الهوية المصرية»، والتي من المتوقع أن تثير جدلا وهزة كبري في الأوساط المختلفة، كونها تحشد عددا من أبرز قادة الراي والفكر والدين والأدب، في مقدمتهم أستاذ الفلسفة المعاصرة وعلم الجمال المعروف الدكتور حسن حماد، العميد السابق لكلية الآداب جامعة الزقازيق وأستاذ كرسي اليونسكو بآداب الزقازيق وله أكثر من مؤلف من بينها كتاب الخلاص بالفن، والبحث عن معني السعادة واليوتوبيا والاغتراب عند ايريك فروم وغيرها. والدكتور يسري جعفر مؤسس ونائب رئيس مركز الإمام الأشعري بمشيخة الأزهر وعضو محكم بهيئة كبار العلماء ورئيس لجنة المراجعة بقسم العقيدة بقطاع المعاهد والأستاذ بقسم العقيدة بكلية أصول الدين، والدكتور كمال مغيث الخبير التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، واحد الاصوات المهمة في قضايا التعليم والثقافة في مصر وله اسهاماته النقدية الكبيرة في مضمار إصلاح التعليم في مصر، والذي يعكف حاليًا على اعداد دراسات عن الشخصية المصرية منذ عهد المصريين القدماء. سوف يتحدث في ندوة الوهابية ومسخ الهوية تحت عنوان القيم الحضارية المصرية من فجر الضمير الى الغزوة الوهابية.
ويشارك في جانب من أعمال الندوة أستاذ البلاغة واللغة العربية والتربية الإسلامية عميد كلية الآداب بجامعة سوهاج سابقًا الأستاذ الدكتور مصطفى رجب. وستشارك في أعمال الندوة الأديبة مني ماهر عضو مجلسي إدارة نقابة اتحاد الكتاب ونادي القصة، درست النقد في معهد الفنون، كما انهت دراستها في المعهد العالي للدراسات الإسلامية، ولها مجموعتان قصصيتان أولاهما رائحة الورد والثانية أطفال يغادرون الجنة.
ومن المقرر أن تشارك أيضًا في أعمال الندوة الباحثة في الفلكلور زينب عبد الرحيم، حيث ترسم ملامح وخصوصية هوية الفتاة والمرأة المصرية، من خلال الدراسة والأزياء والاكسسوارات التي تميزها .
وطبقا لمؤسس الملتقى ومديره الكاتب الصحفي محمود الشربيني فإن موضوع الندوة يعد من أخطر وأهم قضايا الساعة، فكلنا أصيب بالهلع جراء المتغيرات التي حدثت في مصر منذ السبعينات، والتي تبين فيما بعد أن مصر والدول العربية استخدمت كراس حربة لدعم المذهب الوهابي المتشدد، والذي نجح بالتمويل الضخم والدعاية الرهيبة في ازاحة المفاهيم الوسطية للدين ، فحلت محله قيم العنف والتطرف والتشدد، وكل ما حدث في المجتمعات العربية والمسلمة كان انعكاسا لهذه الروح التي سجنت النساء في معتقل العورة فقط وانها مجرد وعاء للرجل يجوز ان يفعل فيه ما يحلو له ولا يكتفي فيه أبدا ، ففيه التعدد وفيه ما ملكت إيمانكم أيضا، فان صيحة هدي شعراوي وقاسم امين في صدر القرن الماضي التي اخرجت المرأة من هذا الاعتقال الذكوري الى فضاء ورحابة الفكر الإنساني على اتساعه ذهبت ادراج الرياح .
وزاد الطين بللا أن جماعة الإخوان كانت هي نفسها تتلاقى مع كثير من هذه الأفكار، ومن هنا خرج من عباءتها في مصر جماعات اخري اشد عنفا وخطرًا ، ومن اسفاره رغم تخلي انصار ومؤيدي المذهب الوهابي عنه واسقاطه في بلادهم ، واعترافهم بأنه انفقوا عليه المليارات من اجل مواجهة الافكار الماركسية والاشتراكية بتفاهمات اميركية ، فان المصيبة- والكلام للشربيني -ان مظاهر هذا النتاج الظلامي لاتزال موجودة عندنا ويصعب التخلص منها، ففي شوارع مصر تجد اشكالا عجيبة من البشر تقصر الجلباب بذرائع وهمية ، وتدني الخمار طبقات فوق طبقات على جسد المرأة ، وتري فيها كائنا اقل من الرجال ، وكأنها خلقت للمتعة فقط.
وتجد هؤلاء تهفو انفسهم للسواك والعطور الرخيصة التي تباع امام المساجد كانها بركة ، ويهفو هؤلاء للاستماع الى القرآن بتلاوات غريبة عن آذان المصريين وتفسيرات لخطباء يتمترسون خلف مناصبهم الدينية .وأضاف : هوية مصر تعرضت للتشويه ، فبعد ان كانت السماحة المصرية والشهامة والمروءة والاناقة عنوانا للمصريين من قديم الأزل فان الوضع تغير للأسوأ ،واستيقظنا على من ينحر الفتاة في الشارع لانها رفضته ، تفشي التحرش وتفشي الارهاب باسم الدين وكل من هب ودب بات يفتي في الدين ويحل ويحرم وفقا لمعرفته الضئيلة ، وعاني المجتمع من الايمان «بكل حاجة وعكسها» وكأن هذه قيمة من القيم المصرية .فتجد المحال تذيع آيات القرآن بأصوات تفتقر للجاذبية وتترك القيثارات الجميلة التي شكلت دولة التلاوة في مصر ، ويا ليت هذا كان جالبا للبركة كما يحاولون ايهام الناس ، بل هو اسلوب للغش في البضاعة والسرقة في الموازين والمكاييل فضلا عن استخدام كل ذلك من اجل الاحتكار ورفع الاسعار.
وقال الشربيني ان الندوة قد تقام على عدة أيام، تبدأ اولا في السادسة مساء الخميس الموافق 25 مايو الجاري، وتتواصل في أجزاء أخرى، حيث سيدرس المتناقشون إمكانية عقد «ورشة أبحاث» لدراسة سلوكيات المصريين في شكلها المتطرف، على وقع تبني افكار الوهابية والجماعات المتشددة، على أن يعقدوا ندوة أخري في يونيو المقبل لإصدار توصيات وبيان بأعمال الندوة، حتى تؤتي ثمارها المطلوبة.
نون – القاهرة
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية